منتدى العمق

مختبر الفلسفة والمجتمع من التميز إلى سلسلة مشاريع رائدة

المسألة الدينية في الفلسفة الحديثة والمعاصرة، هو كتاب جماعي صدر تحت إشراف وتنسيق الدكتور أحمد العلمي رئيس مختبر الفلسفة والمجتمع بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية جامعة ابن طفيل.

ويعد الكتاب تجربة متميزة تكفلت مؤسسة مؤمنون بلا حدود بنشره وتوزيعه، حيث يعالج قضايا حيوية في زمن تتهافت فيها الآراء دون دراسة أو موضوعية. وبالتالي يعد الكتاب بوابة للباحثين والمهتمين بالمسائل الدينية يعرض أفكارا بكل موضوعية وعن دراسة محكمة أمينة، يخلص فيها إلى أن الفلسفة الحديثة عالجت المسألة الدينية بكل جدية وأصالة. ومهما كانت المقاربات، فإن أغلب الفلاسفة المحدثين اعتبروا أن الدين له حضور في كنف المجتمع شريطة أن يظل في حدود بعيدة عن المجالات الفكرية الأخرى مثل الانشغالات الفلسفية والعلمية والسياسية.

يفتتح الكتاب عرضه للسياق الذي حمل المجتمع الأوروبي على التطور، فكان أبزر شروط هذه النقلة الاجتماعية والثقافية هو الثورة على الأنساق الفكرية التي سادت في القرون الوسطى وعصر النهضة، إنها ثورة فكرية سادت مجالات علمية عديدة حملت آفاقا جديدة أمام الإنسان الأوروبي، وضعته أمام عالم ممكنات لا متناهية الشيء الذي حمل الفرد على التكيف مع هذا الواقع، وذلك بإعادة التفكير في مكانته.

وهكذا صرنا أمام فلسفة ترسي معالم جديدة في تصور الإنسان، بعيدا عن كل مرجعية من شأنها أن تحصر إمكانات الفرد وخصائصه على جهة واحدة. وكما يقول ابن باجة: “الإنسان فيه أمور كثيرة وهو إنسان بمجموعها”، وهكذا صرنا نلمس نوعا من الإشكالات التي ساد السجال حولها ودار الصراع عليها لتطبع في ذاكرة الفكر الأوروبي جراحا طغت على الروح الإنسانية إلى غاية يومنا هذا، وعليه كانت أكثر المسائل التي لها دويها تدور حول موضوعات الفلسفة والمؤسسات الدينية التي كانت مدفوعة بمصالح دنيوية معارضة لكل اكتشاف أو إبداع أو مراعية للوجود الإنساني بما هو إنسان.

من هنا تبنى مختبر الفلسفة والمجتمع موقفا رياديا تحت إشراف وتشجيع الدكتور أحمد العلمي وأعضائه الكرام دور تقديم عمل جماعي للمجتمع المغربي والعالم العربي يوضحون فيه نقاطا أساسية تتعلق بالمسألة الدينية من وجهة نظر فلسفية مختلفة، الغرض منها تحليل التجربة الأوروبية عند هذا المستوى الفكري الثقافي، حيث الأمل لديهم جميعا عرض ما من شأنه أن يساهم في تحقيق النهضة خصوصا وأن العالم العربي عموما والمجتمع المغربي خصوصا يشهد تحولات عميقة تمس كافة المستويات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك.

ولنكون منصفين، في سياق ثقافة الاعتراف والإشادة لهذا الفريق وما له من إسهامات، لا يقتصر جهد مختبر الفلسفة والمجتمع على جهة عمل واحدة بل إنه يغطي مسائل الأخلاق والفن والتربية …، كل ذلك بدعوى المساهمة في بناء الوعي على كلمة الحق والموضوعية والعقل، وأيضا بدعوى المساهمة في تحريك عجلة النهضة والتقدم الاجتماعي، وهي دعاوي لا تحمل مقاصد تعطيل للقيم والمبادئ بل إنه مختبر يهدف أساسا للمساهمة في إحياء القيم والمبادئ ومكارم الأخلاق وكل ما من شأنه يكون شرط بناء مجتمع قوي تقدمي واع بالحقوق والواجبات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *