وجهة نظر

عاصمة الأنوار:من يحمي الشاطىء من الإسمنت؟

عرفت العاصمة الرباط طفرة نوعية خلال السنين الأخيرة في مجال تدبيرها العمراني. تحسنت شبكة الطرق و شبكات الإنارة و الصرف الصحي و الطرق و التجهيزات الأساسية و الحدائق بشكل ملفت للنظر. و بالطبع، الكل يعرف أن العاصمة اليوم لم تكن لتعرف التطور الذي وصلت إليه لولا حرص ملك البلاد على تتبع المشاريع بحزم كبير و السهر على ضمان إنجازها حسب الآجال و المعايير التقنية العالية.

ولكن محترفي زحف الإسمنت و نادي التوسع العقاري و لو على حساب الأشجار و البساتين و التلال المطلة على البحر و النهر لا يحملون هم جمال العاصمة كما هم عليه فى مدن أخرى سقطت ضحية الجشع العقاري. و لحسن حظ بعض المدن، تم وضع برامج هيكلة حضرية كان من مكوناتها إعادة الأمل و الجمالية للأحياء العتيقة بالإضافة إلى تقوية شبكات الطرق و إعادة هيكلة بعض المساحات و البنيات الحضرية و لا زالت الأوراش مفتوحة و عين الملك ترعاها.

و قد أدت هذه الدقة في تتبع المشاريع إلى ظهور سلوك لدى بعض المسؤولين يهاب لحظة المحاسبة و تقييم الإنجاز بل و الغضبة التي تزعزع الكسلاء و ناقصي الخبرة و أصحاب المصالح الأخرى. المهم أن سكان العاصمة لمسوا كيف أن الجو العام قد تغير و أن سرعة الإنجاز أصبحت واقعا من خلال تنفيد نفق باب الحد في أسابيع و لا زال ” العاطي يعطي” .

ولكن هذه الإنجازات لا يجب أن تجعلنا لا نفتح الأعين على من يتربصون بالشواطىء. فتح ورش كورنيش الرباط الكبرى ليمتد من وادي أبي رقراق و ليتجاوز حي يعقوب المنصور و الهرهورة و لا زالت الأشغال مستمرة.و أصبحت العائلات و الشباب يجدون في هذا الكورنيش الممتد على الكيلومترات ملاذا للاستمتاع و النزهة و ممارسة الرياضة و خصوصا الظفر بالنظر إلى البحر دون أن يعوق نظرهم حاجز اسمنتي. و للعلم فالشاطىء الوحيد الذي لا تحجبه عواءق هو ذلك الذي ينطلق من باب لعلو إلى بداية شاطىء الهرهورة.

و لكن هذا الشاطىء يحتاج إلى حماية من زحف الإسمنت. و هو ما يؤشر عليه الورش السكني الفخم الذي بدأت تظهر عماراته الحاجبة لرؤية البحر. و لا أظن إلا أنها بداية قد تؤثر سلبا على جمالية الكورنيش الذي كلف الملايير و الذي يتم السهر عليه يوميا لكي يظل على حاله.

السؤال اليوم يتمحور حول حماية ساحل الرباط الكبرى. صحيح أنه يجب التفكير في برامج عمرانية على الشاطئ، لكن يجب كذلك عدم إقفال الرؤيا من خلال بنايات تطل على البحر مباشرة و قد تصبح غدا مناطق لا يستفيد منها إلى ملاك الشقق الفاخرة. و لعل ما حدث خلال السنين الأخيرة في شواطئ الشمال خير درس حيث أصبح الولوج إليها أمرا صعبا و سببا في بعض الاحتقانات خلال فصل الصيف. لذلك وجب على مسؤولى إعداد التراب الوطني و مسؤولي الجماعات الترابية تحمل مسؤولية حماية الشواطىء كملك لجميع المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *