سياسة

هل سيغير انتخاب المالكي شروط ومسار تشكيل الحكومة؟

أجمع محللون سياسيون على أن انتخاب الحبيب المالكي من حزب الاتحاد الاشتراكي، رئيسا لمجلس النواب، أمس الإثنين، سيغير من شروط ومسار تشكيل الحكومة، وسيسرع من مشاورات رئيس الحكومة المعين مع الأطراف السياسية المعنية، بعد مرور أزيد من 3 أشهر على انتخابات 7 أكتوبر.

أيادي بيضاء

حفيظ الزهري، الباحث في العلوم السياسية، اعتبر أن الأوراق البيضاء التي صوت بها نواب العدالة والتنمية في انتخاب رئيس البرلمان، “هي أيادي بيضاء ممدودة لباقي القوى السياسية للدفع بالمشاورات السياسية لتشكيل الحكومة، خاصة بعد اجتماع بنكيران مع رؤساء الأحزاب بعد المجلس الوزاري الأخير، ثم لقاؤه مع أخنوش وبنعبد الله وساجد”.

وأشار الزهري في برنامج قضايا وآراء على القناة الأولى، مساء اليوم الثلاثاء، أنه ستكون هناك محاولة لاستثمار حدث انتخاب رئيس مجلس النواب لتسريع تشكيل الحكومة، قائلا: “أظن أن هناك مقترحات سواء من طرف بنكيران أو باقي الفرقاء السياسيين حول تشكيل الحكومة”، لافتا إلى أن هناك أزمة تواصل بين الأحزاب يجب تجاوزها.

وأضاف بالقول: “بنكيران اقترح التصويت على المالكي مقابل عدم مشاركته في الحكومة، وهناك محاولة لإقناع بنكيران بإدخال الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة عبر حقيبة وزارية او اثنين، وهذا ما يوجد في الكواليس حاليا”، معتبرا أنه لا يرى عيبا في اشتراط أخنوش استبعاد الاستقلال من الحكومة، وفي عدم قبول بنكيران انضمام الاتحاد الاشتراكي للحكومة.

المحلل السياسي أوضح أن “كل الأحزاب، باستثناء الأصالة والمعاصرة، مواقفها مفتوحة على كل الاحتمالات بخصوص المشاركة في الحكومة من عدمها، والـ48 ساعة المقبلة ستكون المشاورات في أوجها”، داعيا الأحزاب إلى “أخذ المصلحة الوطنية العليا بعين الاعتبار وتقديم تنازلات وترشيح شخصيات ووجوه وكفاءات جديدة في الحكومة قادرة على حمل المشعل وتطبيق رهانات المغرب الداخلية والخارجية”.

موقف ضعف

عبد النبي أضريف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة البيضاء، قال إن انتخاب رئيس مجلس النواب، غيرت شروط التفاوض حول تشكيل الحكومة، مشيرا إلى أن حزب العدالة والتنمية أصبح في موقف ضعف بسبب الضغط الذي يفرضه “أمر الواقع” لإدخال الاتحاد الاشتراكي الحكومة بعد انتخاب المالكي رئيسا للبرلمان.

وأوضح في نفس البرنامج التلفزيوني، أن “البيجيدي” كان قبل انتخاب رئيس مجلس النواب، يتفاوض ويتشاور ويفرض شروطه ويتحكم في مسار المفاوضات، لكن بعد انتخاب المالكي تغيرت الأوضاع، حسب قوله.

وشدد المتحدث على أن التشكيلة الحكومية المرتقبة قد تحمل بين طياتها معارضة داخلية، سواء من طرف حزب التجمع الوطني للأحرار بسبب التشنجات التي حدثت بين بنكيران وأخنوش أثناء المشاورات، أو من طرف الاتحاد الاشتراكي الطامح للدخول للحكومة بقوة.

وتابع قوله: “الاتحاد الاشتراكي يريد المشاركة في الحكومة لكسب الشعبية وثقة المصوتين واسترجاع قوته بعدما فقد الكثير من ذلك في الولاية السابقة”، لافتا إلى أن التأخر في تشكيل الحكومة هو أمر عادي جدا على المستوى السياسي ولا يتطلب أي تعديل دستوري، وفق تعبيره.

تحسين التموقع

محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة مراكش، اعتبر أن حزب التجمع الوطني للأحرار، يريد تجاوز تشكيلة الحكومة السابقة لضمان تموقع جيد داخل الحكومة الجديدة، بإصراره على إدخال حزبي الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري.

وقال الغالي في البرنامج ذاته مساء اليوم الثلاثاء، إن ما يطرحه الأحرار بخصوص إدخال حزب الوردة للحكومة، “هو فرض نوع من التوازن لتجاوز فرق الـ88 مقعدا بينه وبين حزب العدالة والتنمية، عبر إدخال الحصان والوردة لضمان هذا التوازن والتموقع جيدا داخل الحكومة”.

وأشار المتحدث، إلى أن أخنوش يتعامل بمنطق حسابي و”رابح رابح” مع الأحزاب الثلاثة المتحالفة معه (الاشتراكي والدستوري والحركة)، لافتا إلى أن خلق أزمة لمعالجة أزمة أخرى هو منطق سياسي متداول.

وأوضح أن دخول الاتحاد الاشتراكي للحكومة سيمكنه من تجاوز مجموعة من المشاكل الداخلية، حسب قوله.

أغلبية بقطبين

محمد بوزكاض، الباحث في العلوم السياسية بجامعة أكادير، قال إن 16 يناير خلقت شرطا جديدا لتشكيل الحكومة كأمر واقع، وهو وجود الاتحاد عل رأس المجلس، بما يفرض على بنكيران التعامل بجدية مع عرض أخنوش بضم لشكر للأغلبية الحكومية.

واعتبر المتحدث في نفس البرنامج، أن مشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة “ستكون لها مكاسب سياسية لتجاوز مشكلة الأغلبية التنظيمية في البرلمان على الأقل”، لافتا إلى أن حكومة بمشاركة الاتحاد الاشتراكي هي الأكثر واقعية الآن.

وأضاف الباحث السياسي، أن أقرب سيناريوهات للتحقق حاليا هو مشاركة لشكر وساجد في الحكومة، وهو ما سيخلق أغلبية بقطبين واتجاهين يمكن أن تؤثر على أدء الحكومة، لأن المشاورات الحالية سيكون لها تأثير واضح على انسجام الأغلبية الحكومية، وفق تعبيره.

وأشار بوزكاض أن “سيناريو حكومة أقلية غير وارد لأنه سيعيق تنزيل باقي أوراش الدستور، وإعادة الانتخابات مستبعد نظرا للتكلفة الاقتصادية والسياسية، فالأمر لن يصل لهذا المستوى لأنه لا تزال هناك أوراق أخرى مرتبطة بالتنازلات السياسية بين الأحزاب”، لافتا إلى أن تشكيل الحكومة وارد جدا خلال هذا الشهر.