سياسة

عراك وأسلحة نارية.. هذه تفاصيل نسف جنوب إفريقيا لانتخابات البرلمان الإفريقي

شهدت جلسة انتخاب رئيس البرلمان الإفريقي التي احتضنتها مدينة ميدراند بجنوب إفريقيا، أحداثا عنف وفوضى وعراك وتهديدات بالقتل بواسطة الأسلحة الناري، انتهت بتعليق أشغال الدورة العادية الرابعة للولاية التشريعية الخامسة للبرلمان الإفريقي، إلى أجل غير مسمى.

وعمد أنصار مرشح زيمبابوي الذي يحظى بدعم جنوب إفريقيا والجزائر وحلفائهما، إلى إثارة البلبلة والفوضى داخل القاعة في محاولة لنسف عملية التصويت، ودخول أشخاص موالين لجنوب إفريقيا يحملون مسدسات، وذلك بعد ظهور مؤشرات قوية على فوز مرشحة مالي التي تحظى بدعم عدة بلدان من بينها المغرب.

فخلال الجلسة حاول برلمانيو جنوب إفريقيا وحلفاءهم نسف عملية انتخاب رئيس جديد للبرلمان، حيث شهدت قاعة المؤتمر مشاداة كلامية حادة بين الوفود البرلمانية، خاصة بين النواب المغاربة وآخرين من جنوب إفريقيا، تحولت إلى اشتباك بالأيادي وتهديدات بالقتل وإطفاء الأنوار وتعطيل نظام التكييف.

ويتكون الوفد المغربي المشارك في هذه الدورة من كل من البرلمانية مريم أوحساتى عن حزب الأصالة والمعاصرة، ونور الدين قربال عن حزب العدالة والتنمية، ومحمد زكراني عن الاتحاد الدستوري.

وبدأت القضية بنقاش حول إجراء مسطري بشأن طريقة انتخاب الرئيس الجديد للبرلمان الإفريقي، حيث يصر التكتل الإقليمي لإفريقيا الجنوبية، بقيادة جنوب إفريقيا، على اعتماد التناوب على الرئاسة بين المناطق الخمس في القارة، فيما ترفض باقي التكتلات فكرة التناوب وتدعو إلى الانتخابات لاختيار الرئيس والأعضاء.

الخلاف حول ملف “التناوب” تحول إلى إلى عراك بالأيدي بين برلمانيين أفارقة حول صندوق الاقتراع، حيث استولى برلمانيون من جنوب إفريقيا على صندوق الاقتراع الشفاف، بالقوة، تعبيرا منهم عن رفض العملية الانتخابية، فيما رفع آخرون شعارات من قبيل: “لا تناوب لا انتخابات”.

نائبة مغربية تحمي الصندوق

البرلمانية المغربية مريم أوحساتى، تدخلت من أجل التصدي لخطف الصندوق أثناء عملية التصويت، وإعادته إلى مكانه، حيث حاولت جنوب إفريقيا ومناصريها إقصاء المرشحة للرئاسة ممثلة دولة مالي، وهي المرشحة التي تعرضت بدورها إلى تهديدات بالقتل.

وأظهرت مقاطع الفيديو، تعرض النائبة عن حزب الأصالة والمعاصرة مريم وحساة، والتي تشغل مهمة رئيسة لجنة حقوق الإنسان بالنيابة، لاعتداء من طرف الوفد الجنوب إفريقي الذي حاول انتزاع صندوق التصويت، لمنع وصول مرشحة دولة مالي للرئاسة.

وفي هذا الصدد، اتهم الوفد الجنوب إفريقي نظيره المغربي بالانسحاب من سباق الرئاسة من أجل فسح المجال أمام المرشحة المالية، وحشد الأصوات لفوزها بالمنصب، موجهين عبارات السب والشتم لما اعتبروه “الشق الفرنسي من القارة الإفريقية”.

وتعرض عدد من البرلمانيين الرافضين لمحاولة جنوب إفريقيا نسف العملية الانتخابية، لتهديدات بالقتل، حيث أوردت وسائل إعلام أن البرلماني الجنوب إفريقي جوليوس ماليما المنتمي لحزب معارض يساري متطرف، هدد النائب المالي علي كوني بالقتل خارج البرلمان، وهو ما دفع بعض النواب إلى طلب تدخل الشرطة.

واعتبر البرلماني الجنوب إفريقي بيمي ماجودينا، أن إفريقيا الجنوبية يجب أن تتولى رئاسة البرلمان الإفريقي، قائلا: “يجب أن نضع حدا لهذه المهزلة ونمنح إفريقيا الجنوبية الفرصة لقيادة البرلمان الإفريقي”، بينما طالبت وفود إفريقية بعدم السماح لجنوب إفريقيا والجزائر بـ”الاستيلاء” على البرلمان الإفريقي.

كما عرفت الجلسة طرد نائب رئيس البرلمان الإفريقي السابق، الجزائري جمال بوراس، من قاعة البرلمان الإفريقي، على اعتبار أنه لم يعد برلمانيا ولا يمثل بلاده، وبالتالي لا يملك الحق في الدخول للقاعة.

ودفعت هذه الأحداث، البرلمان الإفريقي إلى تعليق أشغال الدورة العادية الرابعة لولايته التشريعية الخامسة، أمس الثلاثاء، إلى أجل غير مسمى، مشيرا إلى أن هذا التعليق يأتي في أعقاب خلافات واضطرابات حدثت خلال الجلسة العامة التي عقدت في 31 ماي و1 يونيو 2021 بهدف انتخاب الرئيس ونوابه الأربعة.

رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، علق على ما وقع في تغريدة على تويتر، جاء فيها: “مشاهد العنف المروعة في البرلمان الإفريقي تلطخ صورة هذه المؤسسة المشرفة، لذلك أناشد جميع البرلمانيين باستعادة رباطة جأشهم والامتثال لقواعد وإجراءات المؤسسة”.

وافتتح البرلمان الإفريقي أشغال هذه الدورة المنظمة تحت شعار “سنة الفنون والثقافة والتراث: رافعات لبناء إفريقيا التي نريد”، يوم 24 ماي المنصرم، بحضور وفود برلمانية للدول الإفريقية منها المغرب.

توضيحات الوفد المغربي

النائبة عن حزب الأصالة والمعاصرة، مريم وحساتى، أوضحت أن نواب جنوب افريقيا، بتواطؤ مع نواب زيمبابوي، حاولوا تأخير عملية الانتخاب بكل الوسائل، من الخميس إلى الاثنين المنصرم، وهم يسعون من وراء ذلك إلى تعزيز حظوظ مرشح زيمبابوي، علما أن الوفود التي تدعم مرشحة مالي كانت ستعود إلى بلدانها خلال نهاية الأسبوع.

وقالت البرلمانية المغربية في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية “لاماب”، إنه “على الرغم من هذا التواطؤ، حافظت مرشحة مالي، حيدرة عائشة سيسي، يوم الانتخابات، على كامل حظوظها في الفوز بالرئاسة، الأمر الذي دفع نواب جنوب إفريقيا وزيمبابوي إلى إثارة الفوضى في القاعة”.

وكشفت أنه تم توجيه تهديدات بالقتل خلال هذه الدورة التشريعية للبرلمان الإفريقي، قائلة: “حياتنا باعتبارنا برلمانيين كانت مهددة”، مضيفة: “عندما تم إفشال جميع محاولات المتآمرين، عمل رئيس حزب “محاربي الحرية الاقتصادية”، جوليوس ماليما، على مصادرة صناديق الاقتراع بمساعدة حراسه الذين كانوا مسلحين”.

كما تم اللجوء إلى وسائل أخرى لتعطيل الانتخابات، ومن ضمنها إطفاء الأنوار وتعطيل نظام التكييف في الغرفة، لإجبار النواب على الخروج من مقر البرلمان، حسب المتحدثة، وهو ما دفع الوفود الإقليمية إلى مراسلة رئاسة الاتحاد الإفريقي لتغيير مقر البرلمان بنقله إلى دولة أخرى تحترم المؤسسات البرلمانية والشعوب وممثليها.

من جانبه، قال النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الدستوري محمد زكراني، إنه هذه الدورة التشريعية للبرلمان الإفريقي عرفت ما أسماها “ذبح الديمقراطية الإفريقية”، متهما برلمانيي جنوب إفريقيا وزيمبابوي والجزائر بـ”فرض ديكتاتوريتهم للسيطرة على هياكل البرلمان”.

بدوره، اعتبر البرلماني نور الدين قربال، عن حزب العدالة والتنمية، أن “جنوب إفريقيا تريد برلمانا إفريقيا على مقاسها تهيمن عليه وتستغله سياسيا”، مشيرا إلى أن مسألة التناوب غير منصوص عليها في نظام البرلمان الإفريقي ولا تلزم النواب في شيء.

وقال قربال في مداخلة له أثناء جلسة البرلمان الإفريقي، إن “التناوب غير موجود في القانون التنظيمي للبرلمان الإفريقي، كل ما لدينا هو قرار الاتحاد الافريقي الذي صدر في 2016 والذي ينص على التناوب، ولكن القرار لا يرقى إلى القانون، والقانون أعلى من القرار”.

ويتضمن جدول أعمال هذه الدورة العادية، بحث والمصادقة على العديد من تقارير اللجان الدائمة، وتقرير أنشطة البرلمان الإفريقي وكذا مناقشات حول الميزانية والتعديلات على القانون الداخلي للمؤسسة، علما أن أول دورة عُقدت في 18 مارس 2004 بأديس أبابا بإثيوبيا.

ويتكون البرلمان الإفريقي، الذي يعتبر أحد أجهزة الاتحاد الإفريقي، من 5 أعضاء لكل دولة عضو صادقت على البروتوكول الذي ينشئه، من ضمنهم امرأة واحدة على الأقل عن كل دولة عضو، حيث يعقد البرلمان دورتين عاديتين على الأقل في السنة، غير أنه لم يجتمع منذ أكتوبر 2019 بسبب جائحة كورونا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *