سياسة

“الاستقلال” يرسم صورة قاتمة عن أداء حكومة العثماني ويطالبها بتقديم حصيلتها

رسم حزب الاستقلال صورة قاتمة عن أداء حكومة سعد الدين العثماني، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مطالبا إياها بضرورة تقديم حصيلة العمل الحكومي للرأي العام وعدم التهرب من تقديم الحساب، محذرا من أن الأوضاع الحالية بالمغرب تشبه نفس الشروط التي كانت تهدد المغرب بالسكتة القلبية.

وسجل الحزب “بكل أسف، تراجع مؤشرات وممارسات الحريات العامة وحقوق الإنسان في عهد هذه الحكومة، والمس بالمكتسبات الديمقراطية ببلادنا، وتصاعد حدة الاحتقان الاجتماعي بفعل الاختيارات اللاشعبية، وعجزها عن إحداث الانفراج السياسي والحقوقي الذي طالبت به القوى الحية، وتوفير الشروط السياسية والحقوقية الداعمة للمسار التنموي والديمقراطي ببلادنا”.

جاء ذلك في بيان للمجلس الوطني للحزب، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، عقب عقد دورته العادية عن بعد على مرحلتين، يومي السبت 29 ماي و5 يونيو 2021، برئاسة شيبة ماء العينين رئيس المجلس، لمناقشة الوضعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتحديات الكبرى في سياق الانتخابات والنموذج التنموي الجديد.

وطالب الحزب الحكومة ومكوناتها بتقديم حصيلة العمل الحكومي للرأي العام، “انسجاما مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفتح نقاش حولها في الإعلام العمومي ومختلف فضاءات النقاش العمومي الأخرى، وعدم التهرب من تقديم الحساب، بلجوء مكوناته إلى تقمص دور المعارضة في محاولة لخلط الأوراق، والتملص من مسؤولياتها السياسية والأخلاقية في تدبير الشأن العام، في تنكر واضح للقواعد الديمقراطية، إذ لا معنى للبرامج الانتخابية للأحزاب المكونة للحكومة بدون تقديم حصيلة تدبيرها للحكومة أولا”.

وعبر المجلس الوطني عن استنكاره الشديد “إزاء انسياق الحكومة في الخمس سنوات الماضية وراء توجهات ليبرالية مفترسة وغير متوازنة توغلت في مفاصل وبنيات الاقتصاد الوطني بما فيها قطاعات الاستثمار الاجتماعي والمجالات الاستراتيجية، على حساب الوطنية الاقتصادية، والاعتبارات الاجتماعية، والتوازن بين الرأسمال ومصلحة الوطن”.

وأشار إلى أن ذلك يأتي في ظل “استمرار انهاك الاقتصاد الوطني بمظاهر الريع والامتيازات والتواطؤات والاحتكارات، واستسلام الحكومة لضغوطات اللوبيات الاقتصادية بالإضافة إلى غياب المنافسة الشريفة، وآليات الضبط والتقنين والمراقبة، والحكامة الجيدة، في حين تركت الحكومة المواطن وحيدا في مواجهة الجشع والمضاربات وغلاء الأسعار”.

كما سجل “تزايد حدة الفوارق الاجتماعية في عهد هذه الحكومة، واندحار الطبقة الوسطى، وغلاء الأسعار، وازدياد حدة الفقر والهشاشة، وارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، وتسرب اليأس في أوساط الشباب والنساء، وكذا الكفاءات المغربية، التي لم يعد أمامها من أمل سوى الرغبة في الهجرة إلى الخارج”.

المصدر ذاته، رصد ما أسماه “خطورة تعميق التفاوتات المجالية في عهد هذه الحكومة، وتهميش المناطق الحدودية والمناطق الجبلية، وعدم إطلاق استراتيجيات تنموية للنهوض بها، بالرغم من مطالبنا المتكررة في هذا الشأن، والتي قابلتها الحكومة بالتعنت والآذان الصماء”، وفق تعبير البلاغ..

وفي هذا الصدد، نبه المجلس الوطني إلى “خطورة تدهور الأوضاع العامة ببلادنا، والتي تشبه فترة ما قبل سياسة التقويم الهيكلي، وهي نفس الشروط التي كانت تهدد المغرب بالسكتة القلبية في تسعينيات القرن الماضي، ويدعو إلى التعجيل بإنقاذ بلادنا من مختلف مظاهر الأزمة العميقة والمتعددة الأبعاد، والتي لم تقم جائحة كورونا سوى بتعريتها”.

واعتبر أن المدخل الديمقراطي هو الرافد الأساسي للتصدي لمختلف مظاهر العجز، عبر المشاركة المكثفة في الانتخابات وضمان جميع شروط النزاهة والشفافية وفق مبدأ الاختيار الحر وبعيدا عن سلطة المال واستغلال عوز وفقر الناس، على أن تفرز حكومة قوية للإنقاذ، متضامنة ومنسجمة، بنفس وطني، وقادرة على قيادة التغيير الحقيقي، حسب قوله.

وبخصوص النموذج التنموي الجديد الذي تم تقديمه للملك، قال الحزب إنه يعتبره “مشروعا طموحا وغنيا بالأفكار والتصورات الخلاقة، وقادرا على تحديد معالم الاستراتيجيات الكبرى التي ينبغي إطلاقها مستقبلا”.

وشدد الحزب على ضرورة الالتزام بالخيار الديمقراطي كمدخل أساسي للتنمية، وعلى أهمية إفراز الانتخابات المقبلة لمؤسسات تعكس إرادة التغيير والقطيعة مع مختلف مظاهر الأزمة والفساد والريع والانخراط في هذا النفس الإصلاحي الجديد بحكومة قوية ومنسجمة ومتضامنة وذات كفاءات حقيقية، وبمؤسسات منتخبة محليا وجهويا تقودها نخب جديدة ذات مؤهلات عالية، قادرة على تنفيذ مضامين النموذج التنموي الجديد على أرض الواقع.

ويرى المجلس الوطني أن الاقتراحات المتعلقة بحكامة النموذج التنموي الجديد ينبغي أن تكون منسجمة مع الاختيار الديمقراطي كإحدى الثوابت الدستورية ببلادنا، وتعزز أدوار المؤسسات المنتخبة، وربط المسؤولية بالمحاسبة بمحتواها الدستوري والديمقراطي، مؤكدا على ضرورة تقوية البعد الديمقراطي، وأن تتحمل الحكومة المقبلة لمسؤوليتها كاملة في أجرأة ومتابعة تنفيذ هذا النموذج التنموي الكبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *