اقتصاد

المصانع الذكية بالمغرب .. متى تلتحق المملكة بركب الجيل الرابع للثورة الصناعية؟

إيمان لخزامي

الثورة هي تخطيط لا نهائي من الابداع يربط الماضي بالحاضر؛ وفي المجال الصناعي هي القدرة على تكثيف حجم الإختراعات وابتكار مجموعة من الآلات والأجهزة التي يمكنها أن تحل محل الوسائل القديمة، والتي من شأنها أيضا أن تخلق مجالا من الإستثمار المفيد للبشرية.

في هذا التقرير المطوّل، تسلط جريدة “العمق المغربي” الضوء على “الصناعة الرابعة” وسياقها والتحول الرقمي وصولا إلى المصنع الذكي والذكاء الإصطناعي.

عين على الصناعة الرابعة

استعمل مصطلح الثورة الصناعية الرابعة أول مرة عام 2016 في “سويسرا” بـ “المنتدى الإقتصادي العالمي”، وهو منظمة دولية غير ربحية تأسست سنة 1971 من طرف المهندس والإقتصادي الألماني “Klaus Schwab”، على حسابه المالي الخاص.

وبعد عامين من تأسيسها خصصت المنظمة نظام “العضوية” لأكثر من شركة في العالم من أجل تشجيع الأبحاث والأعمال والسياسات والعمل على الأجندات العلمية والتجارية والصناعية.

وأشار “Klaus Schwab” من خلال كتابه المشهور “The Fourth Industrial Revolution4.0” أن “ألمانيا كانت سباقة في إعادة إحياء هذا المصطلح بمعرض “هانوفر الصناعي” سنة 2011، حيث أطلقت عليه اسم “الصناعة الرابعة” “Industry 4.0” أو المصنع الذكي “The Smart Factory”، لكن تبقى التسمية الأولى هي الرائدة والمستعملة بكثرة.

ويقول “Klaus Schwab” في كتابه السالف الذكر، إن “الثورة الصناعية لا تغير ما نقوم به، إنما تغيرنا نحن، فهي تعتمد أساسا على تطوير سبل خدمة الإنسان وتغيير قدراته الفكرية لتعظيم رفاهية عيشه مستقبلا اعتمادا على الوسائل الرقمية الحديثة.”

وتعتمد “الصناعة الرابعة” على دمج الأنظمة الرقمية والأنظمة الفيزيائية والبيولوجية؛ لهذا نجد أن جل الدول التي واكبت هذه الثورة من الصين واليابان والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والعديد من الدول المتقدمة في العالم، نهجت منذ فترة مهمة من الزمن أساليب تعليمية جديدة وتدريبية، بهدف تغيير نمط التفكير التقليدي للإنسان وتحفيزه لصقل مهاراته في المواد العلمية المتماشية مع هذه الثورة مثل الرياضيات والتعمق في الخوارزميات، ودراسة التكنولوجيا المتنوعة والتجارة الدولية.

كيف نفهم معنى الثورة الصناعية الرابعة بشكل بسيط؟

السياق التاريخي للثورات الصناعية الكبرى

بدأت الثورة الصناعية الأولى في نهاية القرن السابع عشر وتحديدا سنة 1784، وتم فيها اختراع: الآلات البخارية وعلوم الميكانيك والطاقة المائية.

أما الثورة الصناعية الثانية، فبدأت نهاية القرن التاسع عشر عام 1870، وتم فيها اكتشاف الكهرباء وتكثيف الإنتاج “Mass Production”، واستعمال المواد الكيميائية لأول مرة في مجال التصنيع.
أما الثورة الصناعية الثالثة فقد اهتمت مطلع القرن العشرين (1970) بتطوير الإلكترونيات والروبوتات الذكية، واستعمال الإنترنت إيذانا بعصر المعلومات الجديد.

وجاءت الثورة الصناعية الرابعة الحالية المهتمة بأنترنت الأشياء الـ “IoT”، والذكاء الإصطناعي وتطوير المصانع الذكية، وربط عالم الإنتاج المادي الواقعي بالإفتراضي.

وفي هذا الإطار قامت العديد من المنظمات التي تنصب مجهوداتها في المجال الاقتصادي بشكل عام بوضع قوائم مختلفة ستمكنها من تتبع مسار الـ ” Industry 4.0″، ووضع استراتيجية واضحة لها، مع التركيز على سبل ضبط “التكنولوجيا الحيوية” وعلاقتها بالإنترنت للحد من الإختراقات التقنية المتواصلة التي تتعرض لها “الداتا الضخمة”، القاعدة الرئيسية لنجاح وتطور مجال “الذكاء الإصطناعي” بشكل متواصل.

ويوضح المسار التالي ما ذكرناه الآن بشكل مختصر:

الداتا الضخمة القاعدة الأساس لـ ← التكنولوجيا الحيوية ← نجاحها يعتمد على تقنين الأمن المعلوماتي السيبراني ← الذكاء الإصطناعي نتيجة فعالة.

آفاق حول التحول الرقمي بالمغرب ومقارنتها بالشرق الأوسط

تستهدف استراتيجية التحول الرقمي في بلدان العالم بما فيها المغرب، تطوير مجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي، واعتماد أولويات نلخصها في النقاط التالية:

– الرفع من إنتاجية المقاولات الصغرى والمتوسطة وتحفيز أنشطتها المجالية، ذلك أن تطور التكنولوجيا الجديدة وتطبيقاتها سيعمل على تغيير طريقة عملها داخليا، ثم مع العملاء والمزودين حتى الشركاء.

– تقريب الإدارة من المواطنين بمنحهم خدمات الكترونية حكومية وخصوصيه، بهدف تجويدها والزيادة في نسبة فاعليتها، وهذا أمر لا يزال تحقيقه صعبا داخل الإدارات المغربية نظرا للتهرب من مسؤولية التواصل الفعال.

– الإقبال على صناعة تكنولوجيا المعلومات بخلق أقطاب استثمارية خاصة بترحيل الخدمات أو الـ “Offshoring”.

– الرفع من قيمة صبيب الأنترنت وصولا إلى 5G وتعميمها، يبقى السؤال هنا ما دور وزارة الصناعة المغربية في التعريف بهذا المجال في ظل سياستها الإعلامية المتحفظة !.

ولتحقيق هذه الأولويات لا بد من إجراءات أولها، الثقة الرقمية وهي عملية يتم فيها تقنين الأنظمة المعلوماتية وتأهيلها اعتمادا على قوانين تشريعية ودولية ضامنة للأمن الرقمي وحماية المعلومات الشخصية، يليها تشجيع الرأسمال البشري المؤهل.

أصبحت مختلف الشركات حاليا تركز على التحول الرقمي لتحقيق مبدأ التكامل الاقتصادي، اعتمادا على “النشاط الصناعي” الذي أكدت العديد من الدراسات أن له قدرة على تحقيق أكبر نسبة من الإيرادات التي تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات.

وفي هذا الجانب أظهرت شركة الصناعة العالمية “برايس ووترهاوس كوبر” من خلال استطلاع قامت به سنة 2017، أن أكبر الشركات بالشرق الأوسط مستعدة لاستثمار أكثر من 4% من إيراداتها الخاصة للحصول على حلول رقمية لتجويد خدماتها وتقوية أرضية المنافسة الخاصة بها، وقد زادت النسبة مؤخرا لما يقارب 6% سنة 2019.

وأضافت نتائج الإستطلاع أن التحول الرقمي في الشرق الأوسط سيركز على تقنيات الإستثمار مثل أجهزة الإستشعار الذكية والبرمجيات وأنظمة تنفيذ التصنيع وأخرى خاصة بتخطيط موارد المؤسسات، إضافة إلى الطباعة الثلاثية الأبعاد وانترنيت الأشياء والتكنولوجيا الدقيقة التي تتلاءم وتساهم في توسيع نطاق التحول الرقمي لدى العديد من الشركات في الشرق الأوسط.

وتبقى إسرائيل سباقة في ابتكار أول أنموذج لقلب بشري مطبوع بشكل ثلاثي الأبعاد ضمن نطاق تفعيل الذكاء الإصطناعي العملي المستفاد منه.

وقد أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في هذا الصدد إلى أن إسرائيل تجاوزت صخب الثورة الصناعية الرابعة لتأكيد براعتها في الاهتمام بالمهم والأهم للبشرية، متجاوزة الانتقادات الخارجية لها في شتى المجالات. تقول الصحيفة.

الداتا الضخمة والأرشيف المتجدد “Wayback Machine”

تعمل منظمة “Internet Archive ” الكائن مقرها بسان فرانسيسكو منذ سنة 1996 بجمع الأرشيف اعتمادا على الوسائط المتعددة. وأطلقت هذه المنظمة أول موقع “أرشيف” متجدد المحتوى سنة 2001 سمي بالـ “Wayback Machine” الذي يعتمد في برمجته على لغة “C” ولغة “Perl”، وهما لغتان برمجيتان قريبتان من بعضهما في كيفية الإشتغال لأنهما ترتكزان على “البرمجة الأمرية” التي تسهل عملية تجميع البيانات ومعالجتها وتعديلها ثم تنفيذها.

وتسعى منظمة الأرشيف من خلال الـ “Wayback Machine”، إلى تمكين المستخدمين مستقبلا “آلة” و”إنسان” من الاستفادة من “الفهرسة الثلاثية الأبعاد” التي ستيسر روتين عملهم اليومي بتوفير أكبر قدر من المعرفة التي ستقود بدورها إلى تحقيق الذكاء الإصطناعي. بالإضافة إلى حل العديد من المشاكل الخاصة بالملكية الصناعية والفكرية، ومساعدة المصانع الذكية على ترتيب أكبر كم من البيانات واستعمالها في التدبير والتخطيط الداخلي والخارجي للإدارات.

ولنعلم جميعا أن لتقنية “الفهرسة الثلاثية الأبعاد” ثغرات مازال العديد من أمناء الويب ومطوري المحتوى يشتغلون عليها، ومن أهمها ثغرة كشف البيانات الحساسة التي يمكن لأي روبوت ذكي الوصول إليها اعتمادا على الداتا الضخمة المخزنة لديه.

ويعمل العديد من المبرمجين حاليا على تقوية الأنظمة الأمنية الرقمية، لمنع الروبوتات من الوصول إلى قاعدة البيانات والأرشيفات المخزنة في أي مصنع ذكي آخر أو التلاعب بالبيانات الغير منتمية لنطاق عمل الروبوت.

هل ينجح المغرب في التعريف بالمصانع الذكية في ظل تدني وعي الشباب تكنولوجيا؟

عملت جريدة “العمق” من خلال هذا التقرير على جمع معلومات معمقة تخص “الذكاء الإصطناعي” بعيدا عن ما تم تداوله في العديد من المنصات الرقمية، فمن خلال هذا الجزء ستفهم معنى “الذكاء الإصطناعي” ومتى نقول إن المصنع ذكي؟.

من صاغ مصطلح الذكاء الإصطناعي أولا؟

يعد جون مكارثي (john McCarthy) وهو أستاذ فخري بجامعة “ستانفورد” الأمريكية، أول من توصل إلى صياغة مصطلح “الذكاء الإصطناعي” بعد مشاركته في إنجاز بحث علمي تابع لمؤسسة “روكفلر” سنة 1956.

وقال “john McCarthy” خلال حوار أجرته معه صحيفة “CNET NEWS” الأمريكية “إن المطلوب من خلال الدراسة التي قام بها، هو اكتشاف طرق حديثة لبناء أفكار جديدة اعتمادا على أفكار قديمة”، مضيفا أنه قام إلى جانب زميله الباحث “جون شانون” بإنجاز كتاب بعنوان “Automata Studies”، ووجدا أن المعلومات المقدمة من خلاله ليست كافية لشرح معنى الذكاء الإصطناعي وإبراز معالمه آنذاك.

وأبان من خلال الحوار، أن صياغة المصطلح لم تكن مسألة مهارات بل مسألة أفكار أساسية ومازالت كذلك. مشيرا إلى أن المؤتمر المنظم سنة 1956 بكلية “دارتموث” كان بمثابة انطلاقة فعلية لتحليل ونقاش الذكاء الإصطناعي الذي تحاكي فيه الأجهزة جوانب الإدراك الإنساني، وكيف يمكن لهذه الأجهزة أن تستخدم اللغة وتحسن نفسها وتفكر بشكل إبداعي.

الذكاء الإصطناعي بإيجاز

هو دراسة الحسابات التي تمكننا من استقبال المعرفة وتحليلها والعمل بها لحل العراقيل التي يواجهها الإنسان؛ وهو أيضا القدرة على التكيف مع البيئة المحيطة والتناسب معها، وجعل الآلة تقوم بمثل الوظائف التي يقوم بها الإنسان وأفضل منه.

ويقوم الذكاء الإصطناعي بمساعدة الإنسان على البحث وتسهيل المعرفة والتخطيط وتحليل اللغات وقواعد البيانات، ووضع مخطط لتسيير الأنظمة في المصانع الذكية، لهذا نجد أن الأنظمة العادية تختلف عن الأنظمة التي نعتمد فيها على الذكاء الإصطناعي، فالعمليات في النظام الأول تكون رقمية بينما في النظام الثاني رمزية، أما المعرفة والتحكم في النظام العادي فيكونان مرتبطين ودقيقين في الإجابة ،وفي النظام الثاني يكونان منفصلين لأنهما نتاج آلة والإجابات تكون متعددة ومختلفة من ناحية الدقة.

ويعتمد الذكاء الإصطناعي إضافة إلى المعرفة والحسابات التطورية، على “الشبكات العصبية الصناعية الذكية” وهي تقنيات حسابية مصممة للعمل بالشكل الذي يشتغل به الدماغ البشري، حيث تقوم هذه الشبكات بتخزين المعلومات وتصنيفها وتوقع نتائجها وإعطاء الحلول التفضيلية المنطقية التي يمكن أن يستخدمها أي فرد.

وقد تمكن ثلاثة علماء من الحصول على جائزة “تورنج” التي تعتبر كجائزة “نوبل” للتكنولوجيا، وتوفق كل من ” يان ليكون” و”جفري هنتون” و”يوشا بينكو” من تطوير أجهزة ذكية ورفع نظام حساسيتها باستعمال العصبونات أو ما يعرف بـ” الشبكات العصبية” المكون الرئيسي لعمل الأنظمة الآلية اعتمادا على أتمتة الأنشطة البشرية، لتصبح الآلة قادرة على التجريب والتعلم وتطوير نفسها ذاتياً دون تدخل الإنسان.إن الذكاء الإصطناعي سيعمل أيضا على إيجاد الترجمة الصحيحة للكلمات وكشف التعقيدات والفروقات الدقيقة في تصحيح القواعد النحوية وتمييز أصل المصطلحات المراد ترجمتها. وقد زود محرك البحث “كوكل سويت” بتقنية الذكاء الصناعي لتصحيح الأخطاء اللغوية، وبإمكان أي شخص أن يتعرف على الكلمة الخطأ ويقوم بإعتماد المعنى الأصح والتقريبي.

متى يمكننا القول بأن المصنع “ذكي”؟

إذا استوفى “المصنع العادي” شروط “الصناعة الرابعة” يتحول إلى “مصنع ذكي” تتوفر فيه:

– قابلية التشغيل البيني، أي تكون فيه الآلات والأجهزة والعمال قادرين على التواصل من خلال البيانات الضخمة.

– سلاسة ووضوح المعلومات بمعنى أن يكون المصنع قادرا على إنشاء صورة افتراضية عن المصنع داخل الإدارة من خلال الـ DATA.

– المساعدة التقنية بحيث يكون المصنع قادرا على اعانة “العامل” ومساعدته على تأدية مهامه بشكل متقن.

– لا مركزية في القرار الذكي وهي أن تكون الأجهزة داخل المصنع مؤهلة للقيام بكل الأعمال اعتمادا على الداتا الضخمة الحساسة.

ولتسيير المصنع الذكي تحتاج إلى “إنترنت الأشياء” الذي يتيح لنا هالة من التفاهم بين أجهزة الإرسال والبيانات واستقبالها لتعمل بنظام متكامل، ليبقى الدور البشري في المصنع مقتصرا على “المراقبة الرقمية” والتدقيق ورفع كفاءة التشغيل.

وقد اتجهت العديد من الدول اليوم إلى خلق وعي مجتمعي بين الأفراد، مفاده أن تحقيق الإشباع المعرفي والمهني مستقبلا، سيعتمد على التعلم الذاتي وتطوير الكفاءة الذاتية – الذاتية، لتتراجع فكرة ارتباط أخذ شهادة علمية معينة بالكفاءة المعرفية للأفراد.

ويرى مؤسس فايسبوك “مارك زوكربيرغ” أن الأجهزة ذات الذكاء الاصطناعي ستستطيع يوما ما أن تتمتع بالحواس الإنسانية مثل الرؤية والشعور أكثر من البشر أنفسهم. إلا أن العديد من الباحثين خالفوه الرأي بعد توقف الروبوت المشهور “صوفيا” عن الحديث خلال لقائه الأخير بمؤتمر “دافويس” بسويسرا بسبب حدوث خلل في قاعدة البيانات الخاصة به، بعد أن وجه أحد الصحفيين لـ “صوفيا” سؤالا حول “الفساد” في أوكرانيا ليتعرض الروبوت “صوفيا” لخلل في البرنامج النصي والبرنامج المعالج للمعلومات الموجهة، متسببا في تعطل النطق.

كما استشعر العديد من العلماء والباحثين خطورة نهج الذكاء الإصطناعي واعتماده في الحياة اليومية، مشيرين إلى أن سوء استعماله سيخلق مشاكل للإنسان بدل خدمته على أتم وجه، وخاصة في المجال التعليمي. فإذا جعلنا للآلة دماغا بشريا يحاكي الأصلي سندخل الإنسان في دوامة كسل وعجز فكري وانتاجي.

في حين يرى “Klaus Schwab” من خلال كتابه “الثورة الصناعية الرابعة” أن للذكاء الإصطناعي دورا مهما في تحقق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، إضافة إلى قدرته على تحقيق العدالة الإجتماعية من خلال تسهيل الولوج والاندماج مع كل الأشياء التي كانت مستحيلة الإنجاز على الفرد. معبرا أن الآثار السلبية تبقى ضئيلة أمام المنافع التي ستقدمها الـ “Industry 4.0”.

الوزير العلمي والشباب المغربي المخترع .. فكر تباعد وتهميش!

قام مؤخرا، مولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والتجارة والإقتصاد الأخضر والرقمي بعقد شراكة لتطوير الصناعة الرابعة، والتي تمت بين وكالة التنمية الرقمية الـ ADD، والجامعة الأورومتوسطية بفاس، وائتلاف “مصنع فاس الذكي”، وذلك بهدف إنشاء نظام إيكولوجي للإبتكار داخل الجامعة والخاص بالمبتكرين والمصنعين والباحثين عن مشاريع ريادة الأعمال.

ويبقى الإشكال في تحفظ وزارة العلمي على طرح كل جديد يهم المشاريع التنموية الصناعية التي تهم الشباب المبتكر والمخترع في المجال التكنولوجي. وعدم ضمهم تحت لواء “الصناعة الرابعة”.

وكمثال على ذلك، فقد تم استقبال الشباب المغربي المهتمين بالإختراعات من مختلف الفئات العمرية بشكل باهت من طرف وزارة التعليم، كما أن وزارة الصناعة والتجارة والإقتصاد الأخضر والرقمي لم تعر أي اهتمام لما قدمه هؤلاء المخترعون الشباب من إنجاز تكنولوجي.

وتطول قائمة المبتكرين، نذكر منهم “إدير مطيع” و”زياد إدموزونا” من سوس، و”أشرف منصاري” من واد زم الذي لم يستقبله أي مسؤول مغربي غير “دار أمريكا” و”مهدي الرحالي” من تزنيت الذي اكتشف بديلا لنظرية فيزيائية عمرها أزيد من 100 سنة.

و”أكشتو عبد الواحد” من مدينة أسفي مصلح الإلكترونيات الذي ابتكر آلة خاصة بصيد السمك ليطورها بعد ذلك لآلة لإنقاذ الغارقين في مياه البحر على بعد 2 كيلومتر، وقد صرح ” أكشتو عبد الواحد” سابقا أنه لم يتلق أي اهتمام من الجهات المختصة لدعم أفكاره وتطويرها لمساعدة الغير.

ناهيك عن شباب آخرين لهم اختراعات في مجال الطاقة المتجددة وصناعة محركات السيارات الإيكولوجية، وآخرين متخصصين في لغات البرمجة وآخرين باحثين في مجال الحوسبة السحابية. كل هذه الإبتكارات المغربية وجب على الوزارات والجهات المعنية الإهتمام بها نظرا لتشكيلها قاعدة أساس لتحقيق مبدأ المصنع الذكي كيفما كان نوع توجهه التكنولوجي.

ضعف التواصل واندثار قيم الشباب

إن وزارة الصناعة ووزارة التعليم لهما دور مهم جدا في تغيير فكر الشباب المغربي. فهاتين الوزارتين إلى جانب الجهات المعنية الأخرى لو خصصوا جانبا من التواصل التشاركي الفعال والدائم مع وسائل الإعلام، بعيدا عن الرسميات، لتمكنت الوزارات اعتمادا على السلطة الرابعة من تغيير فكر وقيم الشباب المغربي، وتمكنت من محاربة شباب “التيك توك” المنحرف أخلاقيا، والرديء فكريا .. شباب ليس له أي هدف سوى الرقص على الأغاني والتشبع بالإيحاءات المنحرفة والضارة بسلوكه اتجاه أسرته ووطنه.

فالجهات المسؤولة في المغرب لم تستطع من خلال مخططاتها أن تنجح في تأهيل الشباب للإحساس بقيمة الوقت، والمناهج التعليمية لا تمكن الشباب من نسج تخطيط سليم لمستقبلهم، حتى إن المقررات التعليمية خالية بتاتا من مواضيع الصناعة من غير ما يدرسه الطلاب في مادة الإجتماعيات وتوالي الثورات الصناعية وارتباطها بالحرب العالمية الأولى والثانية.

مخطط وزارة الصناعة التواصلي أيضا لن يساعد الشباب من التمكن من إدارة مسؤولياتهم المستقبلية وربطها بالتكنولوجيا بدأ من محيط الأسرة إلى الحياة الاجتماعية العامة. إضافة إلى أن تحفظها إعلاميا، لن يساعد الشباب في تكوين تعددية فكرية ثقافية وإقتصادية، كما وجب عليها أيضا الإهتمام بمجال الملكية الصناعية والفكرية وبراءة الإختراع الذي مازال العديد من المغاربة يعانون من عرقلة فيه بسبب مسؤولين غير متمرسين في المجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *