انتخابات 2021، سياسة

قبيل الانتخابات.. هل تشكل مواقع التواصل الاجتماعي بديلا عن الحملات التقليدية؟

قبيل الانتخابات المهنية، وعلى بعد أيام من انطلاق الحملة الخاصة بالانتخابات الجماعية والتشريعية والجهوية، لوحظ تكثيف أحزاب مغربية كثيرة من حضورها على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها موقع “فيسبوك”، في محاولة منها لإقناع الناخبين للتصويت على مرشحيها. فهل يكون الفضاء الافتراضي بديلا عن الحملات التقليدية؟

استثمارات مالية ضخمة

كشفت إحصائيات “فيسبوك” الرسمية أن أحزاب التجمع الوطني للأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، أنفقت خلال ثلاثة أشهر الماضية، ما يفوق 100 مليون سنتيم على إعلانات موقع “فيسبوك”.

وأنفق، حزب التجمع الوطني للأحرار، حسب الإحصائيات ذاتها، على ترويج منشورات بواسطة صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، منذ 11 ماي الماضي إلى حدود 8 غشت، ما مجموعه 97 مليون سنتيم.

فيما أنفق حزب الاستقلال في الفترة ذاتها على ترويج منشوراته بموقع “فيسبوك” زهاء 120 ألف درهم، فيما أنفق حزب الأصالة والمعاصرة 60 ألف درهم، بينما لم ينفق حزب العدالة والتنمية سوى 1000 درهم.

أمر ضروري تفرضه الجائحة

اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، محمد منار باسك، لجوء الأحزاب إلى التواصل عبر المواقع الاجتماعية أمرا مهما وضروريا في الوقت الحالي. فمواقع التواصل الاجتماعي تشكل وسيلة مهمة للتواصل مع شرائح مهمة من المجتمع خاصة فئة الشباب، الذي أصبحت لا تستهويه وسائل الإعلام التقليدية من جرائد ومذياع وغيرها، وأصبح يفضل عليها مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، نظرا لما تحققه من تفاعل وسرعة وتنقله من صور حية وبشكل مباشر أحيانا.

وأضاف المتحدث أنه أصبح من الضروري أن تلجأ الأحزاب السياسية إلى هذه المواقع لإيصل صوتها. مشيرا إلى أن اللجواء للفيسبوك لا يخص الأحزاب المغربية فقط، بل الأحزاب في كل العالم.

وفي هذا السياق، قال منار “إن الأحزاب المغربية لاتزال متخلفة بالمقارنة مع أحزاب أخرى في العالم. فهناك أحزاب في المغرب لا تتوفر إلى حدود الساعة على موقع لها على الأنترنت، وليس لها حساب، أو حتى صفحة، على الفيسبوك والتويتر، وهي تريد المشاركة في الانتخابات”.

وقال باسك: “وقد رأينا توظيف مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في كثير من الانتخابات عبر العالم، وفي بعض الأحيان يكون لها دور حاسم. يمكن أن نقول عن مواقع التواصل الاجتماعي والأنترنت بشكل عام أنها لغة العصر، ومن لا يتكلم هذه اللغة يبقى تواصله محدودا جدا، وفق تعبير منار”.

ولفت الجامعي إلى أنه إذا بقي التاريخ المقرر للانتخابات في المغرب كما هو، وبقيت الحالة الوبائية كما هي، سيكون اللجوء إلى الحملات على الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أكثر.

أما أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري أمين السعيد فقد صرح لجريدة العمق قائلا: “إن الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية لسنة 2021 ستجرى في ظل حالة الطوارئ الصحية التي تفرض مجموعة كبيرة من الشروط الصحية، وهو ماسيجعل الحملة الانتخابية تنزاح من الأسلوب التقليدي المبني على توزيع الأوراق والتجول في الأزقة والتجمعات الخطابية الكبرى إلى حملة تزاوج بين الأسلوب التقليدي وتنفتح على الأسلوب الجديد الذي يقوم على التواصل الإلكتروني سواء عبر الفيسبوك أو اليوتيوب أو الانستغرام أو الوتساب، مما يعني ضرورة تطوير آليات التواصل الحزبي.”

تأثير محدود

المحلل السياسي محمد منار باسك قال إن حجم تأثير مواقع التواصل الاجتماعي يختلف باختلاف المرسلين والمرسل إليهم، أو لنقل المتواصلين والمتواصل معهم. إذ إن المواقع هي مجرد وسائل حاملة للخطاب.

وزاد الأستاذ الجامعي أن” الخطاب لا يتوقف تأثيره فقط على شكله أو وسيلة حمله، وإن كان ذلك مهم جدا، وإنما يرتبط التأثير أكثر بمضمون الخطاب وبالصور الذهنية التي يحملها المخاطَب عن المخاطِب. وكلما كان الوعي أكبر كلما كان التركيز على مضمون الخطاب وطبيعة المخاطب أكبر، وفق تعبيره.

لكني لا أتوقع تأثيرا كبيرا على شعب هذه المواقع، يضيف المتحدث، الذي هوشعب أغلبه من الشباب، ومتعلم، ويتميز بمنسوب وعي مهم، “فكثيرا مانقرأ على هذه المواقع انتقادا حادا للأحزاب السياسية ولطبيعة الانتخابات بالمغرب، بل كثيرا ماكانت هذه المواقع منطلق حركات ومبادرات متجاوزة للأحزاب وللخطاب الحزبي.

وأوضح باسك أن قابلية تلقي الخطاب الانتخابي الحزبي على مواقع التواصل الاجتماعي ستكون ضعيفة، بالنظر إلى عدم ثقة الكثير من الشباب في الأحزاب السياسية.

وأكد على أن بداية تصحيح الوضع ليست هي استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، وإن كان ذلك كما قلت مهما وضروريا، وإنما هي إعادة المصداقية للأحزاب السياسية من خلال مراجعة شاملة لأدوارها وخطابها ومواقفها، ومن خلال تمسكها باستقلالية قراراتها. من دون إعادة المصداقية لايفيد استعمال وسائل التواصل الاجتماعي ولاغيرها، على حد ما جاء في تصريحه.

وفي نفس السياق، قال أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري أمين السعيد إنه يصعب الحديث عن اثر وفعالية التواصل الالكتروني، غير ان علم الاجتماع السياسي يفرض نفسه بقوة في هذا المنحى، ذلك أن التقطيع الانتخابي في المغرب يجمع بين الدوائر القروية والدوائر الحضرية، الأمر الذي يحد من فعالية التواصل الالكتروني في القرى والبوادي والارياف، كما أن الدعاية الافتراضية تستهدف، فئة الشباب بإعتبارها الفئة النشيطة في وسائل التواصل الاجتماعي وهي فئة جزء منها غير مسجل في اللوائح الانتخابية، والبعض الاخر فقد الثقة في العملية الانتخابية.

لن تعوض الحملات التقليدية

لن تعوض ذلك طبعا، هكذا أجاب الأستاذ الجامعي محمد منار باسك على سؤال وجهته جريدة العمق حول إمكانية تعويض حملات التواصل الاجتماعي الحملات التقليدية، مشيرا إلى أن هناك جزء مهم من الناخبين لا علاقة لهم بمواقع التواصل الاجتماعي، خاصة من غير المتعلمين وسكان القرى، وهؤلاء تبقى وسائل الحملة التقليدية هي الأجدى معهم، كما أن للثقافة تأثيرها، وجزء كبير من المرشحين والناخبين لايزال يعتقد أن طرق التواصل الأجدى هي الطرق التقليدية، لذلك من غير المتوقع أن تعوض حملات مواقع التواصل الاجتماعي الحملات بالشكل التقليدي حتى في المدن.

وقال إن هذا لم يحدث في دول توجد فيها نسبة استعمال الأنترنت بشكل أكبر بكثير من المغرب ولا توجد فيها أمية فكيف يحدث في المغرب؟،  مضيفا أنه لا يرى من الضروري أن تعوض الحملات في مواقع التواصل الاجتماعي الحملات التقليدية، فـ”لتنويع الأشكال والوسائل فائدته”.

وختم تصريحه بالقول: “المشكل في رأيي هو عدم استغلال هذا التنوع بشكل جيد، فيكون استعمال مضمون خطاب تقليدي في مواقع التواصل الاجتماعي، التي هي وسائل حديثة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *