سياسة

المغرب يعري اختلالات البرلمان الإفريقي أمام رئيس الاتحاد ويدعو لتجنب الانقسام

قاد المغرب وفدا برلمانيا إفريقيا إلى كينشاسا، أمس الخميس، من أجل اطلاع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، على الاختلالات التي يعرفها البرلمان الإفريقي، حيث دعا المغرب إلى تجنب الانقسام والقطيعة في البرلمان.

وطلبت اللجنة من الرئيس الكنغولي “تشيسيكيدي”، التدخل البالغ الأهمية والمساعدة على حل ناجع للأزمة عبر القيام بكل مبادرة يراها مفيدة مع نظرائه ومع هيئات الاتحاد الأفريقي لهذا الغرض.

ويتكون وفد لجنة المتابعة والمصالحة من رؤساء وممثلي برلمانات جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية الكونغو، والكاميرون، ومالي، وغامبيا، ومدغشقر، والسنغال، والغابون، في حين مثل رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي في هذا اللقاء ،من طرف نائبه محمد التويمي بنجلون.

ووفق بلاغ لمجلس النواب المغربي، فإن هذا اللقاء يأتي في إطار متابعة وتنفيذ التوصيات الصادرة عن اللقاء التشاوري لرؤساء البرلمانات الإفريقية المنعقد بالرباط، يوليوز الماضي، برعاية من البرلمان المغربي، والذي تم خلاله المصادقة وبالإجماع على البيان الختامي الذي تطرق إلى عدد من الاختلالات المقلقة التي شابت عمل البرلمان الإفريقي منذ ماي 2021.

وأبرز محمد التويمي بنجلون، نيابة عن لجنة المتابعة والمصالحة، التوصيات المنبثقة عن الاجتماع التشاوري الذي عقد في الرباط، مؤكدا على ضرورة مواجهة الأسباب واستخلاص كل النتائج المترتبة عن فشل الدورة الأخيرة للبرلمان الإفريقي، وذلك من أجل التوصل إلى حل توافقي، وإعادة إطلاق الأنشطة القانونية للمؤسسة القارية.

وبحسب البلاغ ذاته، فقد أعرب عن الإرادة الجماعية لأعضاء اللجنة للتوصل إلى حل توافقي، في جو من الهدوء والتماسك، ومن خلال التوفيق بين مختلف وجهات النظر، وبما يضمن تجنب القطيعة والانقسام الذي قد يضر بالمكتسب المؤسساتي الثمين الذي يمثله البرلمان الإفريقي لشعوب القارة الأفريقية.

من جانبه، رحب الرئيس “تشيسيكيدي” بمبادرة المغرب، وأعرب عن أسفه العميق لما حدث خلال الدورة الرابعة للجمعية العمومية للبرلمان الإفريقي، وأضاف “مثل هذه الأحداث تعكس صورة سيئة للغاية عن القارة”، وحث أعضاء البرلمان الأفريقي على تجاوز ما وقع “وتغليب المصالح العليا للقارة”.

وتعهد، من جانبه، بدعوة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، إلى تنظيم اجتماع خاص يشارك فيه مكتب ندوة الرؤساء ورؤساء المجموعات الاقتصادية الإقليمية من أجل “بلورة التوجهات” المرتبطة بالأزمة التي يمر بها البرلمان الإفريقي، وفق البلاغ ذاته.

يُشار إلى أن جلسة انتخاب رئيس البرلمان الإفريقي التي احتضنتها مدينة ميدراند بجنوب إفريقيا، شهر يونيو الماضي، شهدت أحداث عنف وفوضى وعراك وتهديدات بالقتل بواسطة الأسلحة الناري، انتهت بتعليق أشغال الدورة العادية الرابعة للولاية التشريعية الخامسة للبرلمان الإفريقي، إلى أجل غير مسمى.

وعمد أنصار مرشح زيمبابوي الذي يحظى بدعم جنوب إفريقيا والجزائر وحلفائهما، إلى إثارة البلبلة والفوضى داخل القاعة في محاولة لنسف عملية التصويت، ودخول أشخاص موالين لجنوب إفريقيا يحملون مسدسات، وذلك بعد ظهور مؤشرات قوية على فوز مرشحة مالي التي تحظى بدعم عدة بلدان من بينها المغرب.

فخلال الجلسة حاول برلمانيو جنوب إفريقيا وحلفاءهم نسف عملية انتخاب رئيس جديد للبرلمان، حيث شهدت قاعة المؤتمر مشاداة كلامية حادة بين الوفود البرلمانية، خاصة بين النواب المغاربة وآخرين من جنوب إفريقيا، تحولت إلى اشتباك بالأيادي وتهديدات بالقتل وإطفاء الأنوار وتعطيل نظام التكييف.

وتكون الوفد المغربي المشارك في هذه الدورة من كل من البرلمانية مريم أوحساتى عن حزب الأصالة والمعاصرة، ونور الدين قربال عن حزب العدالة والتنمية، ومحمد زكراني عن الاتحاد الدستوري.

وبدأت القضية بنقاش حول إجراء مسطري بشأن طريقة انتخاب الرئيس الجديد للبرلمان الإفريقي، حيث يصر التكتل الإقليمي لإفريقيا الجنوبية، بقيادة جنوب إفريقيا، على اعتماد التناوب على الرئاسة بين المناطق الخمس في القارة، فيما ترفض باقي التكتلات فكرة التناوب وتدعو إلى الانتخابات لاختيار الرئيس والأعضاء.

الخلاف حول ملف “التناوب” تحول إلى إلى عراك بالأيدي بين برلمانيين أفارقة حول صندوق الاقتراع، حيث استولى برلمانيون من جنوب إفريقيا على صندوق الاقتراع الشفاف، بالقوة، تعبيرا منهم عن رفض العملية الانتخابية، فيما رفع آخرون شعارات من قبيل: “لا تناوب لا انتخابات”.

البرلمانية المغربية مريم أوحساتى، تدخلت من أجل التصدي لخطف الصندوق أثناء عملية التصويت، وإعادته إلى مكانه، حيث حاولت جنوب إفريقيا ومناصريها إقصاء المرشحة للرئاسة ممثلة دولة مالي، وهي المرشحة التي تعرضت بدورها إلى تهديدات بالقتل.

وأظهرت مقاطع الفيديو، تعرض النائبة عن حزب الأصالة والمعاصرة مريم وحساة، والتي تشغل مهمة رئيسة لجنة حقوق الإنسان بالنيابة، لاعتداء من طرف الوفد الجنوب إفريقي الذي حاول انتزاع صندوق التصويت، لمنع وصول مرشحة دولة مالي للرئاسة.

وتعرض عدد من البرلمانيين الرافضين لمحاولة جنوب إفريقيا نسف العملية الانتخابية، لتهديدات بالقتل، حيث أوردت وسائل إعلام أن البرلماني الجنوب إفريقي جوليوس ماليما المنتمي لحزب معارض يساري متطرف، هدد النائب المالي علي كوني بالقتل خارج البرلمان، وهو ما دفع بعض النواب إلى طلب تدخل الشرطة.

واعتبر البرلماني الجنوب إفريقي بيمي ماجودينا، أن إفريقيا الجنوبية يجب أن تتولى رئاسة البرلمان الإفريقي، قائلا: “يجب أن نضع حدا لهذه المهزلة ونمنح إفريقيا الجنوبية الفرصة لقيادة البرلمان الإفريقي”، بينما طالبت وفود إفريقية بعدم السماح لجنوب إفريقيا والجزائر بـ”الاستيلاء” على البرلمان الإفريقي.

كما عرفت الجلسة طرد نائب رئيس البرلمان الإفريقي السابق، الجزائري جمال بوراس، من قاعة البرلمان الإفريقي، على اعتبار أنه لم يعد برلمانيا ولا يمثل بلاده، وبالتالي لا يملك الحق في الدخول للقاعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *