أدب وفنون

الهاشمي يقارب نظريات التربية على التراث وانعكاسها على الواقع في مؤلف جديد

أصدر الكاتب المغربي، جمال أحمد الهاشمي، مؤلفا جديد في ملف التراث، عنونه بـ”التربية على التراث، أو كيف تصير الثقافة منتجة”، قارب فيه نظريات التربية على التراث، ورصد المبادرات والمشاريع الميدانية في هذا الصدد لدى الغرب، وواقع الحال في العالم العربي، مع إبراز تجارب مغربية في الموضوع.

الكتاب الذي قدمه الباحث في الإثنولوجيا والتراث بجامعة لافال في كندا “روبنسون نكامتش”، هو ثالث مؤلف للهاشمي في هذا الموضوع، بعدما أصدر سنة 2015 كتاب “التراث المغربي، التحديات والأبعاد التنموية- رؤية جديدة” بشراكة مع الدكتور خالد التوزاني، ثم الكتاب الثاني سنة 2016 بعنوان: “تأملات في قضايا إشكالية من التراث”.

ووفق الكاتب المغربي، فإن المؤلف الجديد يأتي في إطار مواكبة الاهتمام العالمي المتزايد بالتراث الثقافي الإنساني وسبيل إنقاذه والحفاظ عليه، بغية إسهامه في أوراش التنمية.

وأشار الهاشمي في حديث مع جريدة “العمق”، أن جهود المغرب الملحوظة لإنقاذ التراث تجعله في مقدمة الدول في هذا الشأن، عبر مشاريع كبرى للإنقاذ تحت رعاية الملك، مضيفا: “واكبنا هذه المشاريع في أبحاثنا منذ بداية الأوراش الكبرى في سنة 2004، من خلال مشروع إنقاذ مدينة فاس”.

وأوضح أن إصداراته الثلاثة حول التراب، تندرج في إطار مشروع أكاديمي يستهدف دراسة مشاريع الانقاذ دراسة وصفية، تحليلية ونقدية كذلك، لافتا إلى أن الإصدار الأخير يركز على مقاربة في الحفاظ والإنقاذ اعتبرها أساسية، والتي يرى أنها مغيبة أو غير ذات أهمية في مشاريع رد الإعتبار للتراث الثقافي بالمغرب.

واعتبر أنه عالج التربية على التراث من مقاربة توعوية تحسيسية مركزية تستهدف الأجيال الصاعدة بالإضافة إلى كافة فئات المجتمع الأخرى، مقترحا عبر هذا الكتاب، إدراج مادة دراسية باسم “التربية على التراث” كإحدى ركائز إصلاح منظومة التربية والتعليم.

وشدد الهاشمي على أن هذا المقترح يعتبر أساسيا في توعية المجتمع بأهمية التراث الثقافي بما يحث على احترامه والحفاظ عليه، وهو ما سينعكس إيجابا على دوره الهام في التنمية من خلال الاستثمار الثقافي في التراث كنوع من تثمين الرأسمال غير المادي.

وينقسم الكتاب إلى فصلين، الأول يناقش التربية على التراث في النظريات الأكاديمية، من خلال النصوص الرسمية ومبادرات التنزيل، حيث يعتبر الكاتب أن هذا الفصل هو الإضافة النوعية للكتاب.

يقول في هذا الصدد: “من خلال بحث في هذا الموضوع لما يربو عن خمس سنوات، لم نجد حوله الكثير خاصة باللغة العربية، حيث لم أعثر حسب ما خلص إليه بحثي على أي مقال علمي رصين يركز البحث في موضوعة التربية على التراث باعتبارها مقاربة لتثمين التراث الثقافي، فضلا على أن يكون هناك كتاب بأكمله يتناول هذا الموضوع”.

وتابع قوله: “لهذا أزعم أن هذا الكتاب هو الأول من نوعه الذي يطرح هذا الإشكالية بلغة الضاد”، مشيرا إلى أنه جمع كل ما توصلت إليه من مقالات علمية وكتب قليلة جدا حول الموضوع.

ففي الفصل الأول تطرق الكاتب إلى بدايات الدراسات التراثية في الغرب، من خلال نظريات علم الاجتماع مع علماء كألويس ريكل، بول ريكور وجان دافلان، ثم ذكر ما عثر عليه من مقالات علمية تقارب هذه الإشكالية، قبل أن يسرد أهم المشاريع والمبادرات التي تبلورت من خلالها التربية على التراث.

ومن تلك المشاريع التي ذكرها الهاشمي، مشروع في إسبانيا منذ 1968 من خلال المتحف المدرسي لقرية إلتشي بمدينة بوسول، ومركز الاستئناس بالتراث بمقاطعة كبيك بكندا، وعدة مبادرات ومشاريع يمكن أن تندرج تحت مسمى التربية على التراث في أوروبا والعديد من البلدان بآسيا وهايتي.

كما شمل مؤلفه الجديد إطلالة على واقع الحال في الوطن العربي الذي لم نجد حول الترببة على التراث ما يحفل به كثيرا، بحسب قوله.

وفي الفصل الثاني، أورد الكاتب على الخصوص، تجربتين ميدانيتين تكرسان العمل الملموس على التربية على التراث، وهما تجربتي جمعية الأوراش الدولية بفاس، والجمعية المغربية للتراث والتنمية.

وفي هذه الطبعة الثانية، أضاف الهاشمي محورا آخر اعتبره مهما، بعنوان “الثقافة في إطار الجهوية المتقدمة؛ أفق واعد للتربية على التراث”، فيما يضم المؤلف خلاصة مركزة لكل فصل، وخاتمة وخلاصات في آخر الكتاب، مع بعض الملاحق المتعلقة بالموضوع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • مهتم
    منذ 3 سنوات

    التراث اليوم مكون هام في استراتيجيات المجتمعات للتنمية الانسانية عموما. والمغرب بما يزخر به من ثرواث تراثية هائلة أحرى أن تكون له استراتيجية واضحة المعالم للحفاظ على تراثه الثقافي الكبير وإدماجه بشكل أكثر فعالية في المنظومة التنموية. شكرا أستاذ الهاشمي على هذا الكتاب الهام الذي يؤسس لكل هذا الذي أشرنا إليه