انتخابات 2021

كيف تناول الإعلام الدولي الهزيمة المدوية لحزب العدالة والتنمية بالمغرب؟

استأثرت الانتخابات المغربية الأخيرة بمتابعة واسعة من طرف وسائل الإعلام الدولية، حيث خصصت مقالات كثيرة للعملية منذ بداية الحملات الانتخابية إلى لحظة إعلان وزير الداخلية عن نتائجها النهائية التي أظهرت تراجع حزب العدالة والتنمية الذي ترأس الحكومة المغربية لولايتين متتاليتين.

وفي متابعتها لموضوع نتائج التشريعية قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الإسلاميين تكبدوا خسائر كبيرة في الانتخابات البرلمانية المغربية، وفقدوا السيطرة على البرلمان، واصفة ذلك بـ”آخر هزيمة للإسلاميين في المنطقة”.

وأضافت أن الحزب الإسلامي المغربي المعتدل تكبد خسائر فادحة في الانتخابات البرلمانية يوم الأربعاء، في واحدة من آخر البلدان التي صعد فيها الإسلاميون إلى السلطة بعد احتجاجات الربيع العربي.

وقالت إنه بالرغم من أرقام الإقبال التي أظهرت أن ما يقرب من نصف المغاربة لم يدلوا بأصواتهم، كانت النتائج واضحة: فقد واجه حزب العدالة والتنمية، الذين يتولون السلطة منذ عام 2011، خسائر فادحة في الاقتراع – بما يكفي لفقدان السيطرة على البرلمان.

وقالت “نيويورك تايمز” النتيجة أظهرت شيئًا واحدًا: المساحة الضيقة التي يجدها الإسلاميون الآن لأنفسهم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

أما صحيفة “DW ” الألمانية فقد نشرت مقالا تحت عنوان “الأحزاب المعتدلة تهزم الإسلاميين الحاكمين في الانتخابات”، أشارت فيه إلى أن الحزب الإسلامي الذي ترأس الائتلاف الحاكم في البلاد منذ 2011، عرف ما سمته بالانهيار، إذ تراجع من 125 مقعدًا إلى 12 مقعدًا فقط.

وقالت الصحيفة إن “استطلاعات الرأي المحظورة في المغرب ، وعدم تمكن المرشحين من القيام بأنشطة الحملة التقليدية بسبب جائحة فيروس كورونا جعل هذا النتائج في بلد يبلغ عدد سكانه 37 مليون نسمة أكثر إثارة للدهشة”.

أما “الجزيرة الانجليزية” القطرية، فقد علقت على هزيمة حزب المصباح في استحقاقات أول امس الأربعاء بالقول: “إن الحزب الحاكم في المغرب منذ فترة طويلة قد مني بهزيمة ساحقة أمام منافسيه الليبراليين في الانتخابات البرلمانية ، وفقا للنتائج الأولية التي أعلنها وزير الداخلية.

وأضافت “على الرغم من كونه أكبر حزب منذ عام 2011، فقد فشل حزب العدالة والتنمية في وقف القوانين التي يعارضها، بما في ذلك واحد لتعزيز اللغة الفرنسية في التعليم وآخر للسماح للقنب للاستخدام الطبي”.

“القدس العربي” تحدثت عن هزيمة “المصباح في مقال عددت فيه أسباب التصويت العقابي ضد العدالة والتنمية، مشيرة إلى أن انهيار حزب بهذه الطريقة ليس بالجديد في الانتخابات التشريعية في عدد من الدول بل يحدث بين الحين والآخر. ومن أبرزها تراجع اتحاد الوسط الديمقراطي الإسباني في انتخابات 1982 من 167 مقعدا وكان يشكل الحكومة إلى 11 مقعدا، وهو تراجع بقرابة 93%، كما حصل سيناريو شبيه مع الحزب الاشتراكي اليوناني “بازوك” بتراجع من 50% من الأصوات سنة 2009 الى 13% سنة 2012.

وأضافت الصحيفة أن هناك عوامل كثيرة تفسر التراجع الكارثي لحزب العدالة والتنمية من القوة الأولى وتزعم الحكومة إلى القوة الثامنة في الانتخابات البرلمانية وكذلك في الانتخابات البلدية بعدما فقد رئاسة معظم بلديات المدن الكبرى.

وعلى رأس هذه العوامل، يضيف المصدر، الثقة الزائدة في النفس التي تمتع بها الحزب خلال الثلاث سنوات الأخيرة، إذ أصبح يعتقد أنه جزء من الدولة وجزء من الاستقرار ولا يمكن التخلي عنه، الأمر الذي دفعه إلى ارتكاب خطأ فادح وهو عدم الحفاظ على التواصل مع قاعدته الانتخابية والوقوف على مطالبها. وكان العدالة والتنمية يكرر أنه الحزب الذي أنقد المغرب والمؤسسة الملكية من رياح الربيع العربي سنة 2011.

في الوقت ذاته، أقدم على تطبيق ليبرالية متوحشة في ولايته الأولى 2011 – 2016 ثم بشكل أفظع ما بين 2016 – 2021 لم يشهدها المغرب مع حكومات سابقة. إذ ارتفعت مديونية البلاد الى مستوى يعادل تقريبا الإنتاج القومي الخام للمغرب.

وفي ظل حكومة العدالة والتنمية شهد التعليم العمومي تراجعا لصالح الخصوصي وسجلت الصحة تدهورا بينما أصبح التشغيل عملة نادرة. ومما فاقم الوضع هو رهان الحزب الحكومي على ما يعرف بـ “التعاقد”، الذي لم يسبق لأي حكومة بما فيها التقنوقراطية الليبرالية مثل حكومة إدريس جطو ما بين سنتي 2002 و2007 التفكير في العمل به، وفق ما أوردته “القدس العربي”.

ويضاف إلى هذا، أنه كان الحزب الوحيد في الائتلاف الحكومي الذي اتخذ على عاتقه مواجهة النقابات ثم سن قوانين تجرم الإضراب وتقتطع من أجور الموظفين، ومواجهة الحركات الحقوقية سواء في المغرب أو الخارج، وأصبح وزير حقوق الإنسان مصطفى الرميد متخصصا في الرد على البيانات الحقوقية وتبرير الاعتقالات.

ومن بين العوامل أيضا، يضيف المصدر، التخلي عن كل الشعارات السياسية المركزية وتخليق الحياة العامة، وتبخيس الحزب لمنصب رئاسة الحكومة، إذ يجمع المراقبون أنه رغم الصلاحيات التي جاء بها دستور 2011، امتنع سعد الدين العثماني عن ممارسة صلاحياته وأصبح يحيل معظم الملفات على المؤسسة الملكية في وقت يطالب الرأي العام من رئاسة الحكومة بتحمل مسؤولياتها.

سكاي نيوز نشرت مقالا بعنوان ” هزيمة حزب العدالة والتنمية في المغرب.. 4 عوامل تفسر الاندحار” قالت فيه إن “ألد الخصوم وأشد المتشائمين، ما كان ليعن ببالهم، أن العدالة والتنمية سيتقهقر إلى المرتبة الثامنة فيحصل على 12 مقعدا فقط، بعدما انتشى بنيل 125 مقعدا في انتخابات 2016.

وأضافت “بلغة الأرقام، خسر حزب العدالة والتنمية ما يقارب تسعين في المئة من مقاعده في مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى)، بينما ضاعت منه بلديات مدن كبرى في المغرب.

والأدهى من ذلك، أن رئيس الحكومة نفسه، وهو الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المستقيل، سعد الدين العثماني، أخفق في نيل مقعد برلماني، بعدما ترشح في دائرة المحيط بالعاصمة الرباط، بينما تمكن مرشح شاب في مقتبل العمر، لا يجر إرثا سياسيا طويلا، أن يظفر بالمقعد، وفق ما جاء المصدر ذاته.

سكاي نيوز نقلت عن منتقدي حزب العدالة والتنمية الذي قاد ائتلافين حكوميين بين 2012 و2021، قولهم” إن “الإسلاميين” صنعوا أعداءهم بأيديهم، عندما أقدموا على رفع الدعم عن المحروقات، ورفعوا سن التقاعد، وأقروا نظاما للتعاقد مع المدرسين، عوض إدماجهم في الوظيفية الحكومية، بشكل أكثر استقرارا.

وبالرغم من تبريرات قيادين داخل العدالة والتنمية حول الإجراءات المتخذة “يبدو أن حزب العدالة والتنمية لم يفلح في إقناع الناخبين بصواب الإجراءات التي اتخذها، فاختاروا أن يعاقبوه، لا سيما أن منافسي الحزب، وعلى رأسهم حزب التجمع الوطني للأحرار، أعلنوا عن برامج انتخابية تعد بزيادة الأجور وإحداث تغييرات في مصلحة الموظفين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • ALBERT المراكشي
    منذ 3 سنوات

    طيلة خمس سنوات كان ت صورة وجه العثماني والى جانبه الداودي تتصدر قراءة بيانات الحزب...فلا يتخلف الاثنان عن حفلات التصوير للظهور في الصحافة... في الصورة أعلاه ابتلعت الأرض الإثنين لأنهما أخيرا بعد 8 سبتمبر اكتشفا أنهما منبوذين من قبل الرأي العام بالمغرب...هذا النبذ ليس وليد اليوم بل قديم لكنها يأبيان النظر في المرآة حتى فجروا غضب المغاربة فرسموا وجهيهما في مرآة تراب الأرض