سياسة، ملف

ما مدى قابلية برنامج الحكومة الجديدة للتحقق وهل يجيب على انتظارات المغاربة؟

تضمن التصريح الحكومي، الذي قدمه رئيس الحكومة عزيز أخنوش أمام مجلسي البرلمان، إجراءات اقتصادية واجتماعية، أجملها في 10 التزامات كبرى، بينها ثلاثة أولويات هي: تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، وتحفيز الاقتصاد الوطني لفائدة التشغيل، ثم تكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي.

وبخصوص “أولى الأولويات”، يقول أخنوش، إن حكومته تعي بأن مهمتها الأولى تتجلى في تعزيز دعائم الدولة الاجتماعية وتثمين الرأسمال البشري المغربي، سعيا لحفظ كرامة المواطن وتكريس حقوقه وتوفير ظروف رفاهيته، مشيرا إلى أن ورش تعميم الحماية الاجتماعية من أبرز المشاريع التي ستنصب الحكومة على تنفيذها في هذا الإطار.

وأوضح أخنوش أن الأولوية الثانية تتمثل في تحفيز الاقتصاد الوطني لفائدة التشغيل، وذلك بتنفيذ سياسة وطنية للتحول الاقتصادي تحكمها ثلاث مبادئ أساسية: جعل التشغيل المحور الأساسي لكل السياسات العمومية في الميدان الاقتصادي، والعمل على تعزيز السيادة الوطنية في المنتوجات والخدمات الاستراتيجية، ثم التعريف بالمنتوج المغربي وحمايته من المنافسة اللامشروعة.

أما في الأولوية الثالثة فقد وعد رئيس الحكومة بتكريس الحكامة الجيدة في التدبير العمومي، وذلك عبر “تكريس شفافية الإدارة واعتماد المقاربة التشاركية حتى يساهم المواطنون في تدبير شؤونهم، مع تعزيز سبل محاربة الرشوة والمحسوبية والزبونية”.

“قابل للتحقق”

اعتبر أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني، عمر الشرقاوي، أن البرنامج الحكومي يمكن، باعتباره برنامجا على الورق، يتوفر على إمكانيات للتحقق”، مضيفا أنه برنامج لا ينتمي إلى “البرامج الإنشائية والخطابية وإنما يتضمن عددا من التدابير الإجرائية المحددة في زمن وبكلفة”.

وأضاف الأستاذ الجامعي، في تصريح لجريدة “العمق”، أنه برنامج الحكومة الجديد “من البرامج التي يمكن قياس كمية تنفيذه على عكس شعارات مكافحة الفساد مكافحة الاستبداد، حيث يتضمن إجراءات ملموسة”.

وتابع أن “هذا البرنامج على الورق قابل للمساءلة وقابل للتقييم المادي”، مضيفا “عندما يقول رئيس الحكومة إن حكومته سترفع من أجور الأساتذة فهذا أمر واضح، وستتممه الإجراءات التي سيسفر عنها الحوار الاجتماعي، وهو الحاسم، لكن هناك مطلب وانتظار واضح وهو الرفع من أجور الأساتذة”.

“نادرا ما يكون برنامج حكومي يتناغم مع الشعارات المرفوعة في الحملة الانتخابية، وفي هذا البرنامج الحكومي، على الأقل، عدد من الشعارات التي رفعتها أحزاب التحالف الحكومي (التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال) نجدها بشكل أو آخر”، يضيف الشرقاوي.

وقال المتحدث، إن “المغاربة ملّوا من تلك البرامج الفضفاضة، كما أن السياق الاجتماعي والإضرابات الإقليمية ومطالب المجتمع لم تعد تحتمل سماع الشعارات، اليوم ما هو الإجراء الذي ينفذ وكيف سينفذ وأثره على حياة المواطن وعلى حياة المجتمع”.

المعطيات المالية والانتظارات

الباحث في العلوم السياسية، بلال التليدي، يرى بأن برنامج الحكومة الجديدة “لا يختلف عن بقية البرامج الحكومية السابقة التي كانت تغلب المعطيات المالية على الطموحات والانتظارات”، معتبرا أنه خفض من سقف الوعود التي كانت في البرنامج الانتخابي لحزب التجمع الوطني للأحرار بشكل كبير وأدخل عدد من القيود التي تفسرها الإكراهات المالية.

وفي ما يتعلق بدعم المقاولة وتحفيز الاستثمار من أجل خلق مناصب شغل، اعتبر التليدي، في تصريح لـ”العمق”، أن البرنامج “تضمن عددا من النقاط الروتينية التقليدية التي رأيناها في البرامج السابقة، المتعلقة بتحسين المؤشرات المرتبطة بمناخ الأعمال وغيرها”.

واستدرك المتحدث “غير أن الرقم المرتبط بخلق مليون منصب شغل يحتاج إلى تحليل، فنحن الآن في مرحلة الخروج من تداعيات كورونا وينتظر أن يعود عدد من المغاربة الذين إلى وظائفهم التي فقدوها خلال الجائحة، فهل المناصب تدخل ضمن رقم مليون منصب شغل؟”.

واسترسل التليدي “إذا كان الأمر يتعلق بخلق فرص جديد فان هذا الرقم كبير جدا ويحتاج إلى إمكانيات كبيرة، أما إذا كان يدخل ضمنه الذين فقدوا وظائفهم جراء الجائحة فأعتقد أن هذا نوع من التحايل الذي ينبغي أن ينتهي في لغة البرامج الحكومية”.

وانتقد التليدي التزام الحكومة بتحقيق 4 في المائة كمعدل نمو خلال هذه الولاية، قائلا “لا أدري لماذا تم اللجوء إلى معدل عام للنمو يشمل سنوات الولاية الحكومية الخمس، هذا يفيد بأن هناك نوع من الارتباك في القراءة والتشخيص والتوقع، يعني غياب رؤية واضحة على المعطيات المالية”.

من جانب آخر قال التليدي إن ما ورد في البرنامج الحكومي بخصوص الحماية الاجتماعية، “استكمال لحلقات منظومة الحماية الاجتماعية وأي برنامج في هذا السياق لا يخدم إلا بناء هذا الإطار المؤسساتي الكامل، يبدو أن الأمر يسير في اتجاه مطرد وتراكمي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *