وجهة نظر

الرحلة 5003

الرحلة هي وقت خاص من السفر، يحتاجه الانسان لحاجة من حاجياته، ومن ثمة صار لها اعتبار في حياة الانسان، من الوجهة الدينية، والأدبية، والتربوية .

والرحلة تعني التنقل من وجهة إلى أخرى، بوسيلة نقل لقطع مسافة الطريق، التي قد تستغرق يوما أو بضع يوم، عن طريق البر أو البحر أو الجو نحو الفضاء .

من الوجهة الدينية، خصها الدين برخص شرعية، تحد أو ترفع التكليف عن المسافر، كالتقصير في الصلاة الرباعية بالدين الاسلامي حين أخذ الطريق، وكذا الافطار في يوم السفر من رمضان .

ومن الوجهة الأدبية، تحظى الرحلة عند رجال الفكر بالمكانة الأدبية، ويصنف أدبها بأدب الرحلة، بينما تحظى عصر وفرة وسائل النقل للعموم، بالتصنيف من أدب المذكرات، وهو منتوج نثري أو شعري أوفني من تشكيل أو تشخيص ناطق أو مصور، يميز حياة الانسان من العصر عن سابقه، بمشاركة المرأة التي تحدو حدو الرجل، من المعرفة وتحمل المسؤولية، من الحياة الاجتماعية .

أما جانب الرحلة في الحياة التربوية، فتحظى بها الناشئة من النشاط التعليمي، الذي يخص موسم الدراسة السنوية بأيام من العطل لفترات من حلول السنة، وخلال موسمي الربيع والصيف، لفسح المجال أمام وقت للاستراحة من البيت، أو أوقات وجيزة من السفر لإمتاع النظر من الطبيعة، والحياة خارج الأجواء البيئية من السكن، وتجديد تهوية النفس من مكان العيش القار بالوسط العائلي .

فترة الرحلة 5003

ارتبطت الرحلة بالعطلة الدراسية من نهاية السنة، حيث يفرح الأطفال بالعطلة، كونها مصدر رحلة وسفريات لزيارة العائلة، والمرح من حدائق الأطفال، والتجول من الأسواق التجارية، والتقاط الصور الشخصية والجماعية، من الأماكن المحببة لرسم الذكرى من الرحلة، التي تخلد فترة من الحياة صحبة الأهل والأحبة، عبر صور تذكارية .

وخلال الفترة التحضيرية، تبادلت الرأي مع زوجتي وأطفالي عن الوجهة التي يرغبون في زيارتها، فاستقر الرأي على أخذ الوجهة من الساحل نحو الجبل .

الطريق بين الساحل والجبل :

قبل أخذ الطريق راجعت الحالة الميكانيكية لسيارتي العائلية، مع ميكانيكي السيارات، ولوازم السفر مع زوجتي، وحثها على الاقتصار المفيد من الامتعة، كي يشعر الانسان بمتعة الرحلة والراحة من خفة الحمل، فضلا عن الالتزام بالتدابير الوقائية لحفض الصحة الذاتية والعامة، كي تمر الرحلة في أجواء آمنة وسليمة، من المخالفات الطرقية والتدابير الاحترازية .

وعند الانطلاقة حملت التطبيق مسار الطريق، لرسم الوجهة والمسافة الطرقية، التي تفصل نقطة الانطلاقة مع خط الوصول .

كانت المسافة بين السكن من الساحل والرحلة نحو الجبل، تستوجب قطع حوالي 500 كلم، وكان المد الطرقي يسير نحو أزيد من 3000 متر عن مستوى سطح البحر، بالضاحية العليا من جهة إفران .

جهة إفران :

تعتبر جهة إفران منتجعا شتويا لائقا من الوجهة الموسمية، ومما شجعنا على الرحلة، سقوط الأمطار الخريفية المتأخرة، من بداية موسم الشتاء، مما حملها دافئة، وهو ما حال دون تساقط الثلوج، التي اخذنا الوجهة من أجلها .

نعم حالت الأمطار الخريفية، على الجبل دون تساقط الثلوج الموسمية، كون الحرارة الناتجة عن شح الأمطار، جعلت الموسم دافئا وغير بارد .

حيث الأجواء معتدلة، والحركة الطرقية عادية، لا أثر للتساقطات الثلجية من منطقة ميشليفن، ولا مياه دافقة من ضاية عواء، التي اتخذ منها المنشطون لخيول التجوال الخاصة بالزوار أرضية لركض الجياد من محل الماء ، فيما بينهم بعد فراغها من المياه واجتفاف حوض تربتها، وخلو ساحتها من الزوار، باستثناء عين فيتيل، التي تعج بالحركة المحلية، بين الأهالي والوافدين على المكان بالرغم من غياب خرير المياه المتدفقة .

كان أملنا أن نجد المكان مكللا بالثلوج، مما يضفي على الطبيعة رؤية فضائية تشع بالبياض كالأنوار القمرية، غير أننا وجدناها تشع بالأنوار الشمسية، والطبيعة الكئيبة من الأشجار النفيضة الأوراق، التي تنفض فرحة بحلول موسم الاستجمام، الذي ألفته من الطبيعة، وأضحى قصد المشاهدة لدى الانسان .

ما أجمل الطبيعة حين تضفي نوعية على البيئة، وجمالية على حياة الانسان، وما أقسى الانسان حين يعبث بالطبيعة، ويعيش على عرق الانسان .

الحلول بالإقامة :

تنتمي الاقامة إلى المؤسسة الاجتماعية، على النمط السياحي، تجمع بين النزل المصنف، والاقامة العائلية، التي تدار بالطرق ذاتها من الحجز، مع استقلالية منسجمة مع الأجواء الاعتيادية للوافدين المحليين .

بعد التفرغ من إجراءات تسليم محل الاقامة، ووضع ضمانة مالية تحت يد مصلحة الاستقبال، صاحبنا العون المساعد والمكلف بتسليم الغرفة الجاهزة المحتويات، خاصة ما يتعلق بأدوات المطبخ، والتأكد من صلاحية مرافق النظافة والتدفئة .

ومن أجواء الطبيعة الكئيبة، الخالية من مظاهر الموسمية الحافلة بالحمولات الطبيعية، وقع اختزال مدة الاقامة، وتحويل المختزل وجهة منطقة أثرية، نطل منها إطلالة الحاضر على الماضي العريق .

وحين هممنا على المغادرة، تقدمنا إلى مصلحة الاستقبال بطلب المغادرة، ومراقبة محتويات إقامتهم، غير أنه عند تعداد المحتويات، اختفت عنا صغيرة السيدة ملعقة، إذ رحنا نبحث عنها بين رفوف المختفين، المتحلقين نحونا، لكن لم نعثر لها على أثر .

فقلنا للمساعد كيف العملᴉ خلالها بادرت الزوجة بتقديم ملعقة صغيرة علها تكون صالحة لسد الخصاص، وحين مقارنتها بالسلسلة وجدها غير متآلفة مع مثيلاتها .

رحنا نبحث ونلح في البحث، ثم كلمت المشرف على الأثاث، كم أعددت لنا منها عند الدخول ҁ فأجاب قولا المؤسسة هي من تعد، وإنما قدمت المجمل إجمالا.. والآن تدقق،…..، صحيح عند التقديم، عرفتنا كيف تتعاملون مع الوافدين، ووقعنا لكم، والآن ومن غير انتباه منا، سجلوا خصاصكم .

وحين أوصلنا التفحص نحو الثلاجة، وجدنا صغيرة السيدة ملعقة بين الرفوف ممددة غير مبالية، وضعها الصغار بعد الفراغ منها، في غفلة من الكبار .

راح حينها شد الانتباه بالبشاشة والدعابة، وفاض لسان المشرف على محتويات الغرف، لو لم تكن، لتجاوزنا سماحة عن الاقتطاع، وانتهى تسليم الاقامة إلى مشغليها، باللياقة المطلوبة والسهر على الخدمة المضمونة .

وجهة مكناسة :

مدينة تاريخية حصينة الأسوار تعلوها الأبراج، ويحرس أبوابها رجال أبرار، يتلقون الوافدين بالعربات السياحية المجرورة بالخيول، التي لا تزعج الراكب ولا الراجل من الركض بالشارع العام، إذ استبدلت صفائح حوافرها، بأفرشة مطاطية غير مدوية ولا ضجاجة بالحركة، وسط ضجيج السيارات والدراجات النارية .

يطوف بك المرشد سائق العربة، من باب منصور عبر قصور المولى إسماعيل وضريحه السلطاني، ثم صهاريج السواني ومخازن الحبوب والزيتون، وساحات الخدم والسكان…… إلى غير ذلك من جولة كاملة عبر الأمكنة الأثرية التي تجري عليها الاصلاحات والترميمات الحضرية .

ناهيك عن الأسواق العتيقة المزينة بالسلع العطرية، وأشكال من الخضر والفواكه الموسمية، فضلا عن معروضات محضرة بالأيدي التقليدية، مع الحرس على نظافة السوق، والكلام الرطب الذي يقابل به الأناس المكناسين كل وافد للتسوق، أو متجول بالنظر العابر .

وزيارة مكناس الحالية ليست كالزيارة لها من عهدها الزاهر، الذي راح يتجدد كالشجرة الخريفية، التي أضحت تلوح بنظرتها الجديدة من زهرة أيامها .

وبعد اقتناء حاجيات خاصة بمرح الأطفال، وبدلات راقت إعجابهم، تناولنا طعام الغذاء، بالفضاء المعاصر من خارج الأسوار بالمدينة العتيقة، لقطاع حمرية الوجه الحديث للمدينة التاريخية، وهو فضاء يجذب الوافدين بعد جولتهم من المدينة العتيقة .

وبعد قضاء يوم غير كاف لزيارة المدينة، التي يتميز أهلها برقة حديثهم وعذوبة لسانهم، تقابلنا وتلاقينا كالأسرة المتشوقة إلى لقاء بعضها، كالأطراف المتكاملة من عضويتها، أخذنا الطريق على أمل العودة ثانية لزيارة متأنية لأوقات جميلة من أيامها .

وهكذا استأنسنا بالجولة من مكناسة، لتعوض نقصان الطبيعة الشتوية من رحلة 5003 .

وهي الرحلة المكتملة التي شعرت فيها الأسرة بأجواء من الراحة والمتعة، والتسوق والذكريات التي تقاسمتها عبر الصور مع أعداد العائلة من مختلف الجهات، مقرونة بتبادل التهاني وقسمات المرح من عطلة جميلة، بمناسبة حلول رأس السنة الجديدة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *