منتدى العمق

من أين جاؤوا للبرلمان، نحن الغرباء .. تكلموا لغتكم أو تعلموها

الدولة في كافة الثقافات والقوانين تعني مجموعة إنسانية قد تكون متنوعة الثقافة  و العقائد  ولكنها تتوافق تاريخيا حول لغة أو لغات  ودستور   واحتفالات  وكثير من المتفق عليه كحدود جغرافية  ومؤسسات  و مصير مشترك. لا أظن كما لا يظن غيري من أبناء وطني أن السوق الانتخابيي حول الكثير من الأحزاب إلى آليات للاستقطاب لا تحكمه قواعد الثقافة  و الكفاءة  وحتى النطق السليم بإحدى اللغات الرسمية للبلاد.  تتفاقم أوضاع الديمقراطية ببلادنا رغم كل الرسائل التي بعث بها عاهل البلاد الى مدبري الشأن السياسي مما تسمى أحزاب  و نقابات  و مؤسسات.

الاستوزار أصبح لعبة سحرية تتغطى بطلاسيم كفاءة مفاجئة  و لكنها تظل محفوفة بعناية عائلية  و شبكة علاقات تؤكد تلك المقولة التي تؤكد أنه إذا عرف السبب بطل العجب. و هكذا تظهر على الساحة كائنات وزارية  و برلمانية يقال أنها كفاءات  و يقال أيضا أنها مجرد منتوجات لشبكات علاقات عائلية . هل من المعقول تقديم مسار مهني قد يكون ناجحا كعربون نجاح في مجال التدبير العام  و السياسي .  الجواب طبعا أن الإنحراف عن المبادىء يؤدي إلى ترديد مقولة ” الثرثار  و محب الاختصار” التي لعن من خلالها “السياسة  و السياسيين  و الروس  و اليابانيين  و الناقس أجمعين ”

لغة التخاطب  و طريقة التعبير تحتاج إلى تكوين.  أن تقف برلمانية تنتمي إلى حزب وطني ذو جذور  و تنهال على آذان شعب بجهلها لابسط قواعد النطق بلغة الضاد، فهذا شيء محزن للغاية.  و لا أظن أن لغة موليير قد تسلم من التعذيب على لسان الناءبة المحترمة في زمن تكالب نواءب الدهر على السياسة و الثقافة . أن نتلعتم خلال خطاب في محفل رهيب، فهذا طبيعي.  و لكن أن نجهل ، دون وجل ،كلمات بسيطة في لغة رسمية للبلاد، فهذا يحتم التعبيربسخط  عن  ما آلت إليه أساليب إختيار النخب ببلادنا.

يحز في النفس أن حزب كبار الوطنيين  و ما شكلوا من أدوات تثقيفية عبر النشيد  و الفن  و الصحافة،  أصبح يقدم فرجة في نوع كوميديا الموقف أمام الملأ و في واقعالأمرتراجيديابكلالمقاييس. حزنت لأن إحدى الاستقلاليات العنيدات كانت تجلس إلى جانب الوافدة الجديدة  و تحاول أن تتماسك من هول ما تراه  و تسمعه من ضعف  و هوان و لسانحالهايقول ” الله ينعل بوها وقت”.  كانت جريدة العلم مدرسة لغوية  و كان عمود “قل و لا تقل ” درسا يوميا في اللغة.  أما الان فالمجال مفتوح على مصراعيه “لقول ما لا يجب أن يقال ” رحمك الله يا علال ، يا من كتبت الخطب  و الأشعار.  و كما  قال مظفر النواب و بصيغةمحرفة” : لو جءت اليوم، لحاربك الداعون  إليك  و سموك محرفا للغة العربية”. المشكل أن الخجل أصبح من الصفات التي تكاد أن تموت. “والله ينعل اللي ما يحشم”.

ما هو دور رئيس الفريق البرلماني  والحزب إذا لم يؤطر من تم اختيارهم من طرف  قيادة حزبية  و زكتهم  و اجلستهم على مقاعد البرلمان.  كيف سيكون بالإمكان أن يساهموا في الرقي بالعمل البرلماني إذا لم تكن لهم  و لهن القدرة على التعبير الواضح لمراقبة الحكومة. وهكذا سيصبح الفاعل مفعول به و لأجله  و سيغيب رفع إسم كان  لأن حروفالجر إلى الوراء ستهيمن على كل القواعد.  شيء من الحزم يا رؤساء الأحزاب، فالأمر خطير  والتعبير في البرلمان ليس مجرد شكل، إنه يعري حقيقة الموضوع  والمكنون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *