الأسرة

المنطق الخفي وراء “متلازمة الرجل اللطيف” في التعامل مع النساء

حتى الصفات الإيجابية قد تكون مؤشرًا سلبيا في بعض الأحيان؛ إذ قد يكون اللطف المبالغ فيه علامة تحذيرية مثل بعض الإشارات التي يصدرها الرجال المصابون “بمتلازمة الرجل اللطيف”، لأن هؤلاء الرجال يكونون لطيفين أكثر من الطبيعي، حتى إنهم ينتقدون ما يقوم به الرجال الآخرون مع النساء، لكن هناك هدفا خفيا وراء هذا اللطف.

مصطلح “متلازمة الرجل اللطيف” جديد نسبيا، واستخدمه بعض علماء النفس وأيضا بعض المواقع النسوية، إذ يعتقدون أن بعض اللطف المبالغ ما هو إلا وسيلة خفية من بعض الرجال للدخول في علاقة مع النساء، سواء أدركوا ذلك وقاموا به عن وعي، أو لم يعوا ذلك، لكنهم من الداخل ينتظرون مكافأة من السيدات على معاملتهن بلطف زائد عن أقرانهم.

منطق شرير

هؤلاء الرجال يحاولون تكوين “عقود سرية” ضمنية بهدف محبتهم، إذ يقول عالم النفس جيسي ماركزيك في حديثٍ مع صحيفة ذي إندبندنت (The Independent) البريطانية إن بعض الرجال اللطيفين بشكلٍ مبالغ قد يبحثون بلطفهم عن بديل عن عيوبهم أو الأشياء التي يعانون من قصور فيها، مثل “المكانة الاجتماعية” أو الشكل، أو حتى بعض الصفات.

هذا الاعتقاد يعني أن الرجل يعاني من “عقدة” ويحاول تجاوز هذه العقدة بأن يبدو لطيفا، حتى إن بعض التفسيرات تعتقد أن الرجال قد لا يعرفون “عقدتهم” هذه، ويدفعهم اللاوعي للقيام بسلوك يعتقدون أنه سيحافظ على المرأة في حياتهم.

أيضا، يعتقد ماركزيك أن الرجال يصبحون في “منطقة الأصدقاء” (Friend Zone) لأنهم لم يستطيعوا جذب النساء بما يكفي ليكونوا في منطقة “الحبيب أو الزوج”، ولتجنب الوقوع في ذلك مرة ثانية يعوضون قلة الجاذبية الجسدية أو الاجتماعية بجاذبية اللطف.

اتفق مع هذا الرأي خبير علم النفس روبرت غلوفر، مؤلف كتاب “لا مزيد من السيد لطيف” (No More Mr. Nice Guy)، وحقق مبيعات عالية منذ نشره عام 2003، وقال إن الرجل الذي يعاني من هذه المتلازمة يشعر بالاستحقاق بعد لطفه، وينتظر مكافأة قد لا يطلبها الرجل أبدا، لكنه قد ينتظر أن تسددها له السيدة من دون طلب، وأن تترك له فرصة لإقامة علاقة حب أو زواج.

لكن غلوفر -الذي درس بعض الرجال الذين عانوا من هذه المتلازمة- وجد أن بعض من يعانون في تقدير ذاتهم، وعندهم “عقدة متطورة” قد لا ينتظرون أن تمنحهم المرأة فرصة من تلقاء نفسها، بل يحاولون استغلالها في بعض الحالات.

وقد تكون علامات هذه المتلازمة واضحة لتحذير المرأة، مثل الترويج المبالغ للطف، بأن يستمر الرجل في الحديث عن كونه لطيفا مع النساء مقارنة بالرجال الآخرين، وهذا الترويج قد يعني أن اللطف غير حقيقي، لأن من يتعامل على طبيعته ويقوم بسلوك جيد مع الآخرين لا يقوم بالترويج له أو انتظار مكافأة عليه.

أيضا قد يكون التقليل من قدر الرجال الآخرين علامة تحذيرية أخرى، لأنه يعتقد أنه ألطف من أقرانه وأنه استثناء للقاعدة، وأن الآخرين لا يفعلون مثلما يفعل، مما يعني أنه لا يعتبر اللطف قاعدة أساسية للتعامل، بل يفتعل ذلك.

كذلك، قد تظهر علامات أخرى في منتصف النقاش، لأن الرجل اللطيف هذا يظهر أنه مناصر للنساء وقضاياهم، لكنه في الحقيقة قد لا يحمل هذا التعاطف، ويظهر في ثنايا النقاشات عدم احترام أو إساءة، أو قد يرتكب سلوكا عدوانيا أو يكون شخصا نرجسيا وأنانيا، فضلاً عن أنه ينتظر أن تسنح له فرصة للارتباط أو إقامة علاقة.

بالإضافة إلى كونه شخصا لا يقبل الرفض، إذ قد يحكي قصصا عن مقدار لطفه مع نساء أخريات لكنهن ظلمنه وتركنه، فهذا يعني أنه ينتظر ممن يعاملها بلطف أن تشكره بترك مساحة للارتباط، أو قد تظهر بعض قصصه كيف تعامل بشكل سيئ مع من رفضن الارتباط به، وهذه إشارة تحذيرية أكبر.

بالطبع، لا يعني هذا بأي شكل أن لطف الرجال عادة قد يحمل أغراضا خبيثة أو خفية، لكنه قد ينطبق ذلك مع بعض الرجال الذين يتعاملون بلطفٍ زائد مع النساء، سواء أدركوا “العقدة السرية” التي تحركهم أو لم يدركوا.

أما بالنسبة للنصائح التي يوجهها المتخصصون لهم، فهي حل الدافع الأساسي وراء تصرفهم، ويحدث ذلك بتعزيز مكانتهم الاجتماعية، أو بتغيير نمط حياتهم أو مظهرهم في حال كانت المشكلة تتمحور حول ذلك.

المصدر: الجزيرة نت

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *