اقتصاد

لماذا دفعت 5 بنوك في “وول ستريت” لموظفيها أكثر من 142 مليار دولار؟

كشفت “الإفصاحات المالية” ربع السنوية هذا الأسبوع أن البنوك الكبرى في “وول ستريت” زادت أجور العاملين فيها بنسبة 15 في المئة العام الماضي. كانت البنوك والمؤسسات المالية الكبرى بدأت موسم الإفصاح المالي للربع الأخير من العام الماضي هذا الأسبوع، وبالتالي أصبح من الممكن حساب كل بنود العائدات والانفاق، بما فيها الأجور، للعام كاملاً

وحسب الأرقام المعلنة في الإفصاح الأخير تكون 5 بنوك، هي “جيه بي مورغان تشيس” و”سيتي غروب” و”غولدمان ساكس” و”مورغان ستانلي” و”بنك أوف أميركا” دفعت لموظفيها في عام 2021 رواتب وحوافز وعلاوات بنحو 142 مليار دولار، مقابل ما دفعته عام 2020 ووصل إلى نحو 124 مليار دولار – بحسب تحليل صحيفة “فاينانشيال تايمز” للبيانات المالية للبنوك الخمسة الكبرى.

ومع أن هناك موجة ارتفاع في الأجور حول العالم وفي كل القطاعات تقريباً، إلا أن ما دفعته البنوك الكبرى يفوق معدل ارتفاع الأجور حتى مع الأخذ في الاعتبار معدلات التضخم العالية في الاقتصاد. ويحذر خبراء العمل والأجور من أن ارتفاع أجور العاملين في القطاع المصرفي، خاصة لدى المصارف الاستثمارية الكبرى، سيستمر وسط تنافس على جذب المهارات المهنية من قبل كل بنك ومؤسسة مالية.

ويقول مدير شركة “جونسون وشركاه” الاستشارية في مجال الأجور والرواتب آلان جونسون: “غالباً ما يكون رد الفعل (من العاملين) إيجابياً بعد ما حصلوا عليه هذا العام، وأبلغنا عملاءنا أن يتوقعوا بعض الرضا من موظفيهم… سيقولون لقد حصلنا على مبالغ كبيرة في 2021 لكننا نستحقها فقد أرهقنا العمل”.

سوق التوظيف

أما سبب الإرهاق الذي تعتبر البنوك أن موظفيها يستحقون عليه تلك الأجور والحوافز والعلاوات فهو الزيادة الهائلة في نشاط البنوك الكبرى في العام الماضي، خاصة في مجالات ترتيب صفقات الاندماج والاستحواذ والطرح الأولي لأسهم الشركات وترتيب القروض وصفقات الدين الكبيرة.

ففي العامين الماضيين تضاعف عدد صفقات الاندماج والاستحواذ لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ بدء سجلات تلك الصفقات قبل 40 عاماً. لذا، سبق وقال المدير التنفيذي لبنك “غولدمان ساكس” ديفيد سولومون في مقابلة مع “فاينانشيال تايمز” هذا الأسبوع إن الضغط الصعودي على بند الرواتب تضاعف. وأضاف أن المصرفيين “يحصدون ثمرة عام من العمل الشاق، ثم هناك ارتفاع في الرواتب والأجور في كل مكان”.

وقال سولومون: “الضغط على بند الرواتب في القطاعات المختلفة يأتي من الكم الهائل من حزم التحفيز المالي والنقدي التي غيرت الوضع تماماً. كما أننا نعمل بالفعل بكامل الطاقة الوظيفية.. ثم هناك شريحة من العاملين المخضرمين في القطاع، ممن هم فوق سن 55 عاماً، قرروا بسبب وباء كورونا أن يخرجوا من سوق العمل، لذلك فسوق التوظيف في وضع استثنائي”.

وهناك توقعات باستمرار الضغط الصعودي على بند الأجور في القطاع المصرفي نتيجة التنافس القوي على المهارات في سوق توظيف محدودة. يقول جايسون غولدبرغ من بنك “باركليز”: “إنها بيئة عالية التنافسية للوصول إلى المهارات المهنية في المجال. فمثلاً، لا يمكن إتمام عمليات الدمج والاستحواذ باستخدام برامج كمبيوترية”.

وفي ظل ارتفاع الأجور والعمل لساعات طويلة، ترى شركات التوظيف والشركات الاستشارية للأجور والرواتب أن العاملين في القطاع المصرفي قد يفكرون في تغيير وظائفهم بعد المبالغ الضخمة التي حصلوا عليها العام الماضي. وسيعني ذلك منافسة أكبر بين البنوك المختلفة لاجتذاب المهارات المهنية عبر تقديم إغراءات مالية برفع الأجور والحوافز والعلاوات أكثر.

تغطية الكلفة

لدى البنوك ميزة مهمة في سياق التنافس على التوظيف مع مرونة مدفوعات بند الأجور. فالبنوك لا تزيد الأجر الأساسي كثيراً لكنها تعوض موظفيها بعلاوات وحوافز كبيرة بحيث ترفع إجمالي الراتب الذي يحصلون عليه. وبالتالي، يمكنها في حال تغيير استراتيجيتها في التوظيف خفض الراتب الاجمالي دون تحفيض الأجر الأساسي.

واعتمدت البنوك الكبرى في تغطية الزيادة الكبيرة في الرواتب على العائدات الجيدة جداً التي حققتها العام الماضي، خاصة البنوك التي تعمل في ترتيب الصفقات والاستشارات الاستثمارية. على سبيل المثال، حصل العاملون في بنك “غولدمان ساكس” على نسبة 30 في المئة من عائدات البنك في 2021. ورغم أن البنك دفع رواتب لموظفيه أعلى من أي بنك آخر إلا أن تلك النسبة من العائدات لتغطية بند الرواتب تقل بنسبة 6 في المئة عما كانت عليه في عام 2020

وبالنسبة لبنك “مورغان ستانلي”، حصل العاملون على نسبة 41 في المئة من عائدات البنك العام الماضي، وهو ما يقل بنسبة 4.7 في المئة عن نسبة الرواتب من العائدات في عام 2020. ويعكس ذلك الارتفاع الهائل في عائدات البنك، والبنوك الكبرى المماثلة، في عام 2021.

قلق المستثمرين

رغم أن العام الماضي كان عاماً جيداً للبنوك من حيث النشاط والعائدات، إلا أن الزيادة الكبيرة في بند الأجور والرواتب تثير قلق المستثمرين. وبدا ذلك واضحاً في حركة تداول أسهم البنوك التي أعلنت عن بياناتها المالية هذا الأسبوع.
كما أن تلك الزيادة تأتي في وقت تزيد فيه كلفة التشغيل للبنوك التي تسعى لتحديث البنية التحتية الإلكترونية لديها وأنظمتها البرمجية. كما تستثمر البنوك بقوة في مجال التكنولوجيا بشكل عام لتواكب المنافسة مع شركات التكنولوجيا المالية الصاعدة.

المصدر: اندبندنت عربية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *