أدب وفنون

تعريب أم سرقة؟ تعرف على الأفلام العربية “المسروقة” من السينما العالمية

بعد ساعات من طرح فيلم “أصحاب.. ولا أعز”، باكورة إنتاج “نتفليكس” (Netflix) للأفلام العربية، تباينت ردود أفعال مشاهدي العمل بين مؤيدين لفكرة الفيلم المعربة من الفيلم الإيطالي Perfect Stranger وآخرين عارضوا فكرة استنساخ الأجنبي، خاصة بسبب علاقاته الاجتماعية المضطربة، وطرحه قضية المثلية الجنسبة بين أبطاله، بتقديم شخصية مثلي جنسيًا يخفي الأمر عن أصدقائه.

كما طالت الانتقادات أيضا بعض مشاهد الفيلم خاصة ألفاظه التي اعتبرها الكثيرون خارجة، وهو ما يتفق مع التصنيف العمري للفيلم الذي وضعته “نتفليكس” حيث صنّفته ضمن فئة “+16”.

ظاهرة غير مسبوقة

“أصحاب.. ولا أعز” هو النسخة العربية من الإيطالي “غرباء تمامًا” Perfetti sconosciuti الصادر عام 2016، إذ تم إنتاج 19 نسخة بـ 19 لغة خلال 5 أعوام فقط، ومن المتوقع أن تصدر النسخة العشرون خلال 2022 الجاري بإنتاج نرويجي، على أن تحمل نفس الاسم، ونفس السيناريو، ليصبح أكثر الأفلام المقتبسة في تاريخ السينما العالمية.

بالطبع، هذا الأمر ليس بغريب على السينما العالمية والعربية، إذ يُشار إلى الفيلم الأصلي في تترات الأفلام المستنسخة، لكن الغرابة، أو لنقل السرقة، تكمن في الأفلام المقتبسة دون إشارة إلى السيناريو الأصلي، وهو ما جرى في كثير من الأفلام العربية منذ نشأتها.

يقدم صناع “أصحاب.. ولا أعز” باعتباره النسخة المعرّبة من الفيلم صاحب أكبر عدد نسخ عالمية، مع الإشارة إلى الاسم الأصلي كعنوان فرعي للنسخة العربية، وهو ما يعد اعترافا واضحا يحفظ الحقوق الملكية للنص الأصلي المقتبس عنه، وفي هذه الحالة تنتفي تهمة السرقة.

تلك التهمة التي تطارد فيلم “من أجل زيكو” منذ بدء عرضه في الخامس من يناير/كانون الثاني الجاري، من تأليف مصطفى حمدي وإخراج بيتر ميمي الذي يصاحب أغلب أعماله كثير من الجدل، لكن ليس حول الفيلم، وإنما حول “السرقة” أو بالأحرى الاقتباس دون إشارة إلى العمل الأصلي المقتبس عنه رغم أن الأمر يتعلق بفيلم أميركي شهير هو “ليتل ميس صن شاين” Little miss Sunshine عام 2006.

السرقة زمن إسماعيل يس

“من أجل زيكو” ليس الفيلم المصري الأول الذي يرتكب السرقة السينمائية، فعلى مدى تاريخها عرضت شاشات السينما العربية أفلاما كثيرة مقتبسة عن أفلام عالمية، منها فيلم “إسماعيل يس طرزان” عام 1958، وهو نسخة مشابهة تماما للفيلم الإيطالي “توتو طرزان” Toto Tarzan الذي أنتج قبل الفيلم المصري بنحو 8 سنوات تقريبًا، إذ تشابهت أحداث الفيلم بالكامل، كما تشابهت حياة إسماعيل مع الفنان الإيطالي أنطونيو غريفو فوكاس المعروف باسم (Toto) والذي قام ببطولة سلسلة أفلام متعددة باسمه كما حدث مع النجم المصري إسماعيل يس.

العام التالي صدر “رحلة إلى القمر” عام 1959، هو فيلم آخر من بطولة إسماعيل يس ورشدي أباظة، وسيناريو وإخراج حمادة عبد الوهاب، والمأخوذ من الفيلم الأميركي “أبّوت وكوستيلو في المريخ” Abbott and Costello Go to Mars إنتاج 1953.

وعلى مدى تاريخ السينما المصرية، توالت السرقات التي يحلو للبعض اعتبارها وتسميتها “تمصيرًا” للسينما العالمية، ففي عام 1960 عُرض فيلم “نداء العشاق” أحد أفلام يوسف شاهين النادرة، سيناريو وحوار عبد الحي أديب ووجيه نجيب، لكنه يشبه في قصته الأساسية وسيناريو أحداثها الفيلم الأميركي “صراع تحت الشمس” Duel in the Sun عام 1946 للمؤلف والمخرج كينغ فيدور.

سرقات الزعيم

اعتمد النجم المصري عادل إمام اقتباس عدة أفلام عالمية ناجحة، وإعادة تقديمها للجمهور العربي، من أبرزها “شمس الزناتي” المقتبس من فيلم “العظماء السبعة” The Magnificent Sevenعام 1960، حسبما ورد في تتر البداية، لكن لم يُذكر تنويه مشابه لفيلم “حنفي الأبهة” عام 1990 من إخراج محمد عبد العزيز، الذي اقتبس من فيلم “48 ساعة” 48 Hours عام 1982 للمخرج والتر هِل من بطولة إيدي مورفي ونيك نولتي. والفيلمان يدوران حول قصة لص خرج من السجن لمدة 48 ساعة بمرافقة ضابط شرطة ليساعد في القبض على عصابة إجرامية.

“واحدة بواحدة” عام 1984، فيلم آخر من بطولة عادل إمام وسيناريو مقتبس من أحد أذكى السيناريوهات الكوميدية الأميركية. وتدور قصته حول صراع كوميدي بين مدير إحدى شركات الإعلان مع منافسته في شركة إعلانات أخرى.

لا شك أن تمصير الفيلم كان ذكياً مع حيلة واسم الفيلم “الفنكوش” الذي ظل خالدًا حتى اليوم، لكن لم يذكر صناع هذا الفيلم المصري أنه مقتبس عن فيلم “عودة العاشق” Lover Come Back الذي رُشّح لجائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصيل عام 1961.

“عصابة حمادة وتوتو” عام 1982 بطولة عادل إمام ولبلبة، كُتب على تترات بداية الفيلم أنه سيناريو وحوار أحمد صالح، ومن إخراج محمد عبد العزيز أيضًا، لكن الأخير فضل للمرة الثانية أن يتجاهل كتابة أن الفيلم منسوخ عن الأميركي “مرح مع ديك وجين” Fun with Dick and Jan عام 1977.

وتدور أحداث الفيلمين في قالب كوميدي، بعدما يتم طرد البطل من عمله إثر خلاف مع صاحب الشركة. فيبدأ بعمليات سرقة واحتيال ونصب بمعاونة زوجته، ليتحول مع الوقت إلى أحد كبار رجال الأعمال.

عام 2005 أُعيد إنتاج الفيلم القديم في نسخة أميركية جديدة تحمل نفس الاسم، لكن من بطولة جيم كاري وتيا ليوني.

وفي “أمير الظلام” عام 2002 المقتبس من الفيلم الأميركي “عطر امرأة” عام  Scent of a Woman عام 1992 تتطابق أحداثهما تقريبًا حول بطل عسكري متقاعد فاقد للبصر، يحب الحياة ويحاول عيشها كما لو كان مبصرًا لدرجة أن يجرب أحدهما قيادة سيارة، ويجرب الآخر قيادة طائرة، ورغم هذا التطابق لم يشر الفيلم المصري إلى الأصل بأي شكل.

الأفلام السابقة جزء بسيط من سرقات الأفلام التي قام ببطولتها عادل إمام، إذ تحتاج أفلام ما يطلق عليه “الزعيم” لتقرير أطول لذكر أفلامه المقتبسة، منها: “خمسة باب” عام 1983 المنسوخ طبق الأصل من “إيرما لادوس” Irma La Douce عام 1956 و”ليلة شتاء دافئة” عام 1981 المقتبس عن “حدث ذات ليلة” It Happened One Night عام 1935 و”رسالة إلى الوالي” عام 1998 المأخوذ عن الفيلم الفرنسي “الزائرون” Les Visiteurs عام 1993 …

أفلام مقتبسة بالألفية

ربما تمكن صناع السينما من الاقتباس والسرقة الفنية في القرن الماضي، دون مراجعة من أحد، لكن في القرن الحالي حيث العالم قرية صغيرة كما أشيع بدايات القرن، فإن السرقات الفنية حتماً ستخضع لمراجعة ومراقبة الجمهور الذي يمتلك أدوات اتصال جديدة، لكن يبدو أن هذا لم يردع العديد من صناع السينما عن اقتباس النصوص الأصلية الناجحة وتمصيرها أو سرقتها.

ومن هذه الأفلام نتذكر فيلم “التوربيني” عام 2007، والمقتبس من فيلم “رجل المطر” Rain Man عام 1998 بطولة الممثل الأميركي داستين هوفمان وتوم كروز، ففي الفيلمين البطل مصاب بالتوحد، وشديد الذكاء، وكلاهما لديه أخ يتعرف عليه بعد وفاة الوالد وترك وصية تجبرهما على التعارف.

عام 2009 صدر فيلم “1000 مبروك” المقتبس من فيلم “يوم عصيب” Groundhog Day عام 1993 والذي يدور حول حصار متكرر داخل اليوم نفسه عن بطل يُحبس داخل يوم واحد يعيد نفسه، يموت ليستيقظ في اليوم نفسه مع اختلاف بعض التفاصيل فقط.

ورغم جودة وطزاجة الكوميديا في فيلم “جاءنا البيان التالي” عام 2001، فإن القصة والسيناريو مقتبسان من الفيلم “أحب المتاعب” I Love Trouble عام 1994. إذ تدور أحداث الفيلمين حول صحفي وصحفية يتنافسان لكنهما يضطران للتعاون معاً لمحاولة كشف تفاصيل مؤامرة، ويقعان في الحب نهاية القصة.

في فيلم “مسحور”  Bedazzled عام 2000 يعاني الموظف الشاب إليوت ريتشاردز من خجله وعدم قدرته على التعامل مع النساء، ولا على التعبير عن حبه لزميلته في العمل، حتى يلتقي الشيطانة التي تعرض عليه تحقيق 7 أمنيات يطلبها مقابل روحه، ليعيش 7 مغامرات محاولًا الوصول لحبيبته. وهي نفس القصة التي قدمها فيلم “طير إنت” بعد 9 سنوات من عرض الفيلم الأميركي إنتاج عام 2009، لكن “مارد الكدواني” من الجن الطيب يعرض المساعدة فقط ولا يطلب روح الشاب “بهيج” مقابل تحقيق الأمنيات السبع.

في فيلم “حلاوة روح” إنتاج عام 2014، لم يكتف صناع الفيلم باقتباس “مالينا”  Malena عام 2000 فقط، بل سرقوا تصميم بوستر الفيلم كذلك، كل ما تغير في الفيلم هو تغيير الأسماء والتصوير في حارة مصرية بدلًا عن الحارات والأزقة الصقلية بالفيلم الأصلي.

الثلاثي: شيكو وهشام وفهمي

اشترك الثلاثي هشام ماجد، أحمد فهمي وشيكو في بطولة العديد من الأفلام، منذ فيلمهم الأول “ورقة شفرة” عام 2008، والذي كان محاكاة لعوالم فيلم “شيفرة دافنشي” عام 2006 لكن تم تمصيرها بشكل معقول، دون الإشارة إلى الفيلم الأصلي، وهو ما كرره الثلاثي بأفلام أخرى قاموا ببطولتها معًا، ففي عام 2010 قدم الثلاثي فيلم “سمير وشهير وبهير”.

وحقق نجاحاً كبيرا لكن صناع الفيلم لم يذكروا أن فكرته مقتبسة من الفيلم الأجنبي “العودة إلى المستقبل” Back to the Future عام 1985. وفي فيلم “بنات العم” عام 2012 اقتبس الثلاثي فيلم “الفتاة المثيرة” The Hot Chick عام 2002، ويبدو أن التجربة الناجحة في الاقتباس السينمائي شجعتهم على اقتباس “ليلة في المتحف” عام 2006 Night at the Museum ليقدموا “الحرب العالمية الثالثة”.

المصدر: الجزيرة نت

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *