مجتمع

فصائل طلابية تجمع على رفض المساس بمجانية التعليم

أجمعت كل الفصائل والمكونات الطلابية التي تفاعلت مع التوصية الأخيرة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، المتعلقة بتنويع موارد تمويل منظومة التعليم، على الرفض المطلق للمساس بمجانية التعليم في مختلف مستوياته، واعتبار ذلك خطا أحمرا لا يمكن التغاضي عنه.

وتوحد رأي الفصائل الطلابية التي ظلت دائما على خلاف حاد من مجموعة من القضايا، على أن التعليم حق دستوري وأن قضية التمويل يجب أن تتحمل فيها الدولة المسؤولية، وعدم الالتجاء إلى جيوب الفقراء لتمويل المنظومة التربوية.

التجديد الطلابي.. التمويل اختزال للأزمة

شدد رئيس منظمة التجديد الطلابي رشيد العدوني في تصريح لجريدة “العمق”، على أنه لا يمكن أبدا أن يكون تمويل التعليم من جيوب الفقراء حلا للنهوض بقطاع التربية والتكوين، مؤكدا رفض منظمته لأي مساس بمجانية التعليم، كما ودعا إلى محاربة الفساد المالي بالجامعة المغربية، مستغربا في الوقت ذاته استغراب لإثارة المجلس الأعلى للتربية والتكوين لموضوع فرض الرسوم على التعليم العمومي في هذا الظرف.

وأكد المسؤول الطلابي على أن تمويل التعليم هو جزء من أزمة التعليم وليس هو الأصل، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون جيوب الفقراء هي الحل لتمويل التعليم، مشددا على أن منظمة التجديد الطلابي سبق لها أن اقترحت الرفع من الاستثمار العمومي في التعليم، وفرض ضريبة على الشركات والمقاولات الكبرى لفائدة التعليم، إضافة إلى فتح المجال للوقف لتمويل التعليم على غرار تجارب عالمية ناجحة.

واعتبر العدوني في تصريحه لجريدة “العمق”، أن أزمة التعليم مرتبطة بما وصفه “تكرار الأخطاء في إقرار الإصلاحات وغياب المنهجية السليمة في اعتمادها”، داعيا إلى الانطلاق من تحديد المسؤول عن فشل المنظومة التعليمية، وربط بإقرار المحاسبة، إضافة إلى إجراء تقييم “حقيقي” و”موضوعي” و”مستقل” حول “فشل عشرية التعليم، في ظل الميزانيات الضخمة التي صرفت ضمن المخطط الاستعجالي، وكذا في ما قبله”.

وشدد رئيس منظمة التجديد الطلابي على ضرورة محاربة الفساد المالي، “الذي تفجرت فيه فضائح في أكثر من أكاديمية وفي أكثر من صفقة عمومية وفي أكثر من مؤسسة تعليمية وجامعية”، على حد قوله، معتبرا أن “الفساد المالي ينخر الميزانية المرصودة لإصلاح التعليم”، كما أكد على أن الحاجة الماسة لتنويع مصادر تمويل التعليم، “لابد أن تكون بالموازاة مع حماية المال العام من التلاعب والتبذير”.

وفي بلاغ للجنة التنفيذية للمنظمة الطلابية ذات المرجعية الإسلامية، اعتبرت الموضوع اختزالا لأزمة التعليم في الشق المتعلق بالتمويل فقط، مؤكدة في الوقت ذاته أن مجانية التعليم “خطا أحمرا”، وأن “المساس به حرمان لفئات عريضة من حقها الدستوري في التعليم”.

وجددت “التجديد الطلابي” دعوتها إلى إشراك الفاعلين الحقيقيين في إصلاح التعليم بدل التمكين لبعض القادمين من “سوق الإشهار” ليفتوا في قضية اللغة التي ترتبط بهوية المغاربة، وكذا إلى اعتماد مقاربة علمية تشاركية وشمولية للإصلاح، تجعل من التعليم قطاعا منتجا واستثمارا حقيقيا من أجل المستقبل بما يحفظ الهوية الحضارية للشعب المغربي ويبني الشخصية الوطنية الأصيلة والمنفتحة والقائدة لمشروع النهضة والتنمية.

اليسار التقدمي.. القصر يتحمل المسؤولية

بدوره، عبر المنسق الوطني لفصيل اليسار التقدمي إبراهيم الخرشوفي عن رفض فصيله الطلابي توصية المجلس الأعلى للتربية والتكوين بخصوص إلغاء مجانية التعليم، معتبرا أنه رأي مخيب للآمال، كما حمل القصر الملكي مسؤولية مسار خوصصة التعليم الذي انطلق منذ مدة وليس مع التوصية الأخيرة التي استهدفت إلغاء ما بقي من مجانية التعليم وليس مجانية التعليم، على حد وصفه.

وأكد المسؤول الفصيل الطلابي لحزب النهج الديقراطي، في اتصال بجريدة “العمق”، أن مسلسل خوصصة القطاع لم يبدأ مع التوصية الأخيرة للمجلس الذي يرأسه المستشار الملكي عمر عزيمان، بل “منذ الميثاق الوطني للتربية والتكوين وكرسه التراجع الدستوري عن إلزامية توفير التعليم وأصبح ينص فقط على تيسير الولوج للتعليم”.

وأضاف أن كل ذلك، وكما هو واضح، “فيه استجابة لتوصيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتتحمل فيه المؤسسة الملكية المسؤولية بشكل مباشر”.

وشدد منسق الفصيل اليساري أن تمويل التعليم يجب ألا يكون على حساب أبناء الشعب والفئات الفقيرة، بل يستوجب استرجاع الأموال المهربة إلى الخارج، ومحاسبة من أسماها “المافيا التي نهبت خيرات الوطن”، كما أكد على ضرورة الزيادة في نسبة تمويل التعليم بدل ضخ كثير من الأموال في ميزانية الأمن والجيش من أجل “توريطه في حروب ليس لنا بها علاقة، كمثال الحرب على اليمن التي انخرط فيها المغرب إلى جانب الرجعية العربية بقيادة السعودية”، على حد تعبيره.

وأضاف أن “سياقات التقشف” و”القرارات الكارثية”، لا يمكنها أن تكرس “إلا مزيدا من التخلف”، وأنه “سيتكون لها عواقب سيئة على واقع التعليم المغربي”.

وأكد الخرشوفي أن قضية التعليم ومجانيته لا تنفصل على معركة الديمقراطية “التي التف عليها النظام، والتف على مطالب حركة 20 فبراير”، مشددا على ضرورة إعطاء المعركة بعدا سياسيا”، مضيفا أن فصيله الطلابي اقترح في هذا السياق تشكيل جبهة شعبية من أجل الدفاع عن قضية التعليم باعتباره قضية اجتماعية، وكذا للمطالبة بحكم شعبي ديمقراطي.

من جهة أخرى، شدد الخرشوفي في حديثه لجريدة “العمق” أن مجانية التعليم تستلزم تعميم المنحة والأحياء الجامعية والنقل وما يرتبط بها من خدمات اجتماعية تقدم للطلبة، مسجلا في الوقت ذاته، أن الخدمات الحالية محدودة ولا يستفيد منها جميع الطلبة، وأنها عرفت تراجعا مهولا في عدد المستفيدين منها.

وتابع “الهدف من المخطط الرباعي للخطة الاستراتيجية لإصلاح قطاع التعليم الذي أعدته الحكومة التف بشكل مباشر على مشكل الاكتظاظ بتقليص عدد ساعات التكوين بدل إيجاد حلول معقولة”، مضيفا أن فرض رسوم التسجيل على الموظفين “سياسة تمييزية وهي تمهيد لفرض رسوم التسجيل على باقي الطلبة، وفتح للباب للجامعات الخصوصية لتحتل موقع الجامعة العمومية، منه جاء مقرر معادلة الشواهد الخصوصية مع العمومية، وهو ما سينعكس سلبا على طلبة الجامعة العمومية وسيصبح الحق للوظيفة العمومية لأبناء الميسورين فقط لأن شروط التكوين في القطاع الخاص والنقاط المحصلة لا يمكن مقارنتها بالجامعة العمومية”.

العدل والإحسان.. إلغاء المجانية “متاجرة” بالتعليم

من جهته، اعتبر فصيل العدل والإحسان الذي ينشط في الجامعات تحت إطار ما يسمى بـ “الكتابة العامة للتنسيق الوطني”، عن رفضه للمساس بمجانية التعليم، واصفا توصية المجلس الذي يترأسه المستشار الملكي عمر عزيمان بـ “المتاجرة” و”العبث” بالمنظومة التعليمية.

ونظمت الفصيل المذكور وقفة أمام البرلمان قبل أسبوعين، احتجاجا على ما وصفه بـ “المتاجرة” بالتعليم الذي “يشكل أول مطلب يتمتع به الطلبة والتلاميذ، وذلك على خلفية مشروع قانون تقدم به المجس الأعلى للتربية والتكوين يقضي بمجانية التعليم، منددين بالاختلالات التي يعرفها القطاع التعليمي.

واعتبر المحتجون أن التعليم خط أحمر لا يجب المساس به، رافعين شعارات من قبيل، “لا لاغتصاب مجانية التعليم”، و”لا للمتاجرة بالتعليم”، و”من أجل تعليم شعبي مجاني”.

كما اعتبر الفصيل التابع لجماعة العدل والإحسان ذات المرجعية الإسلامية، في بيان موقع باسم “الاتحاد الوطني لطلبة المغرب – الكتابة العامة للتنسيق الوطني” حصلت جريدة “العمق” على نسخة منه، على أن التوصية خطوة ضمن “مصادرة حق الشعب المغربي في التعليم الذي يكفله الدستور على علته”، على حد تعبير البيان.

وأكد المصدر نفسه أن الدولة “وصلت قمة العجز، وتتملص من مسؤولياتها في تقديم الخدمات الأساسية لأبناء الشعب، في مقابل تكديس ثروة النخبة الحاكمة”.

وورد بالبيان ذاته، “إن استمرار الدولة في الاستفراد بالقرارات المصيرية للتعليم والشباب والوطن، لن نضمن معه إلا المزيد من الخراب”، مشددا على أن ذلك يأتي “في غياب أية مقاربة حقيقية تقوم على إشراك مختلف مكونات الجسم التعليمي والجامعي، باعتبارها المخطط الكفيل –وفقط- بتحقيق أهداف البناء التنموي الحقيقي للبلد، بعيدا عن سياسات الترقيع والتخبط، والاستعجال المترجِم بشكل مباشر لغياب الإرادة الصادقة في البناء”.

وأضاف البيان “ما يجعلنا أمام الوضع المتأزم بارتفاع نسب الهشاشة الاجتماعية، وارتفاع نسب البطالة، ونوايا استكمال مراحل الإجهاز على الوظيفة العمومية، مع غياب فرص الولوج إليها، رغم الخصاص المهول في أطر هيئة التدريس والمقاربة الفاشلة المعتمدة لتخفيف ذلك؛ المتمثلة في التشغيل بالتعاقد مع غياب قيم العدل وتكافؤ الفرص، وهي جزء من مخطط الخوصصة، الذي لا يقل خطورة بِرَهْنِ مستقبل أفواج من الشباب، في انتظار التخلص منهم بعد استكمال مسلسل التفويت المبرمج لقطاع التعليم، وإفجاع آلاف الأسر وراءهم بعد سنين من الانتظار، كما ملايين الأسر التي ستضطر للبحث عن توفير تكاليف الدراسة، بعدما اُنْهِكت في البحث عن تكاليف المعيشة المرتفعة أساسا”.