وجهة نظر

نحونا العربي ونحوهم الأوربي الشرقي

(مجرد ملاحظة عابرة)

فكرة هدا المقال، ستنبش في سؤال ظل يطاردني منذ عدة سنوات . سؤال حارق ومؤلم ولذيذ في الوقت نفسه. تأتي أهمية هذا السؤال من كونه يجعلنا نعيد طرح سؤال آخر وهو : هل طريقة تدريسنا لنحونا العربي في مدارسنا العربية ككل سليمة ومحفزة لتعلم اللغة العربية أم هي في الأصل أحد الأسباب المنفرة لتعلم هذه اللغة وبقية المواد الأخرى ؟. أكيد أن مجرد طرح هذا السؤال سيدفع بآلة الايديولوجيا للتحرك، لاسيما، من لدن بعض “رفاق” الأمس الذين يعتبرون أن الاقتراب من اللغة العربية هو اقتراب من جدار هوياتي وجب الابتعاد عنه. وفي المقابل، سيفرح “رفاق” أمس اخرين، لان طبيعة السؤال محفزة لخلخلة الجدار ذي الرائحة “الماضوية”حسب معتقدهم. غايتي من طرح السؤال، هنا، غاية تعلمية ديداكتيكية تربوية علمية بحثية(اسطر على هذه الجملة بكل الألوان). هدف هذا الطرح، البحث، و”بهدوء” وبوسائل المعرفة والعلم والتربية والديداكتيك، عن كيفية جعل تعليم تعلم اللغة العربية في مدارسنا العربية، وقبل التخصص في نحوها في جامعتنا العربية، يسيرا ولذيذا ومحببًا ومحفزا للتعلم والانفتاح على العلوم والعالم ككل، بل وتعلم لغات عديدة ومن خلالها. من أجل هذا سنطرح سؤالًا غريبًا لكنه قوي ودال .

لماذا المتعلم العربي، ومنه المغربي، وحينما يحصل على شهادة الباكالوريا ويختار متابعة دراسته بإحدى البلدان الأوربية الشرقية ( أوكرانيا وروسيا ورومانيا وبولونيا، الخ)، دون نسيان الصين الآسيوية، طبعًا ، يندمج وبسهولة في دراسته الجامعية بعد تعلم لغة هذه الشعوب/الدول ولمدة سنة واحدة ؟. سنة واحدة تجعل الطالب الوافد على هذه البلدان قادر على متابعة دراسة تخصصه المرغوب فيه ( اقتصاد أو طب أو هندسة معمارية أو سينما، الخ). تتبعت الموضوع ومنذ سنوات ومن خلال نماذج عائلية عديدة تنتمي لبعض أسر الأصدقاء والجيران أو القريبة مني أو من خلال زيارة لمجموعات خاصة بهولاء الطلبة، الخ، والنتيجة واحدة. وهي التحكم اللغوي السلس والسهل في لغة هذه الدول. وكلما تقدم هذا الطالب في دراسته، تحكم فيها بشكل أكثر وأصبح قادرًا على الإبداع بها. في مدارسنا العربية، قد يقضي المتعلم مرحلة التعليم الابتدائي والاعدادي والثانوي بالإضافة إلى ثلاث سنوات في اللغة العربية وآدابها في الجامعة، وقد يجد العديد من الصعوبات على مستوى التحكم في هذه اللغة العربية . (كمثال يصعب عليه كتابة تقرير في صفحة واحدة). يبدو، أن سرا من أسرار هذا الضعف (في اعتقادي)، مرتبط بطريقة تدريس نحو اللغة العربية في مدارسنا العربية( وبالضبط درس القواعد). . أعتقد أن غياب تبسيطه وعزله عن بقية الموارد الأخرى، وتدريسه بنفس طريقة القدامى وحتى على مستوى المتون المختارة، والقواعد المسجلة في السبورة، وبعد دراسة الأمثلة ونوعية المعجم الموظف في هذه القواعد وتفصيل القول فيها، الخ، كل هذا وغيره،في اعتقادي، ساهم في “التنفير” ولم يحقق”الترغيب”.يبدو، أن تبسيط نحوهم وربط تعلم لغتهم بواقعها، (زيارة المآثر وحضور أفلام سينمائية والسفر الجماعي المولد والمحفز للتعلم، الخ، )، ساهم في جعل المتعلم العربي يتكلم اللغة الروسية أو البولونية أو الاوكرانية أو الرومانية أو الصينية في مدة زمنية وجيزة، والتمكن فيما بعد من الحصول على دبلوم جامعي في تخصص ما. فك لغز تدريس قواعد اللغة العربية، سيكون قنطرة مرور سهلة للمتعلم من أجل تعلم جميل وسهل وممتع للغة العربية ومواردها والانفتاح اللغوي الحتمي نحو لغات اجنبية عديدة. ويبقى السؤال مطروحا وكالتالي: لماذا يعلمون لغاتهم، في مراحل التعلم الأولي بيسر ونختار نحن تعليمها بعسر؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *