أدب وفنون

“قبضة الأحرار” .. مسلسل رمضاني يحاكي قصص صمود غزة

يخوض مقاومون فلسطينيون اشتباكات عنيفة مع قوة إسرائيلية تسللت إلى قطاع غزة، بهدف جمع معلومات استخباراتية عن المقاومة الفلسطينية.

كان هذا مشهد في مسلسل “قبضة الأحرار”، حسب “الجزيرة نت”، يحاكي قصة حقيقية وقعت قبل 3 أعوام جنوب شرقي القطاع، عندما اكتشف مقاومون من كتائب عز الدين القسام (الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية حماس) “خلية مستعربين”؛ وهي قوة إسرائيلية تنكرت في لباس فلسطيني، وتسللت إلى غزة في ظروف غامضة، بهدف التجسس وجمع معلومات عن فصائل المقاومة.

ويستند هذا المسلسل -الذي تنتجه حركة حماس، ويصنف بأنه “عمل فني استخباراتي”- إلى قصص حقيقية، تبرز ما يطلق عليه “صراع الأدمغة” بين المقاومة وأجهزة استخبارات الاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن جوانب أخرى في حياة مليوني فلسطيني يعانون من ظروف مأساوية منذ 16 عاما من الحصار، تخللتها 4 حروب عنيفة.

قبضة الأحرار يظهر الدور المؤثر للمرأة الفلسطينية في مسيرة النضال الوطني (الجزيرة)

مقاومة بالفن

وتهدف حماس من وراء هذا المسلسل إلى تقديم رواية فلسطينية مضادة للرواية الإسرائيلية، وإبراز تطور أداء المقاومة في ما وصفه رئيس دائرة الإنتاج الفني في حركة حماس الدكتور محمد ثريا “بصراع العقول”، وقال للجزيرة نت “نجتهد بإمكاناتنا المتواضعة لمجابهة الكذب والتضليل الإسرائيلي، إدراكا لحجم تأثير الدراما على وعي الجمهور”.

ويتألف المسلسل من 30 حلقة، مدة الواحدة منها 40 دقيقة، وسيعرض في رمضان المقبل على عدة قنوات محلية وعربية داعمة للمقاومة.

ويرى متابعون أن “قبضة الأحرار” ردّ على مسلسل “فوضى” الإسرائيلي، الذي بثته منصة “نتفليكس” ومنصات أخرى، وعرض قصصا تبالغ في تصوير مغامرات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ونجاحها في اختراق المجتمع الفلسطيني، وتنفيذ عمليات ضد فصائل المقاومة.

غير أن محمد ثريا يقول إن “قبضة الأحرار” ليس ردّا على “فوضى” الإسرائيلي، وإنما تشخيص وتجسيد للواقع، وللشخصية الفلسطينية، ومحاولة لمجابهة “الاغتيال المعنوي الذي تمارسه إسرائيل ضد شخصيات في المقاومة”.

ويبرز رئيس دائرة الإنتاج الفني في حماس قيمة إنتاج أعمال فنية فلسطينية، رغم ضعف الإمكانات البشرية والمادية، في مقابل الدعم الهائل الذي تتلقاه إسرائيل من قوى وجهات عالمية تساعدها على إنتاج أعمال تشوّه صورة المقاومة والنضال الوطني الفلسطيني.

إمكانات متواضعة

وقال محمد ثريا إن ممثلين محليين -جلهم هواة ولم يسبق لكثير منهم خوض مثل هذه التجربة- يشاركون في المسلسل، الذي يتم تصويره في غزة بإمكانات متواضعة ومتهالكة، بسبب منع إسرائيل إدخال معدات تصوير ومونتاج متقدمة.

ولا يوجد في غزة معاهد متخصصة ومدن إنتاج فني؛ مما يضطر إلى الاعتماد على ممثلين هواة، والتصوير في الشوارع والأماكن العامة.

ويقول ثريا إن تكلفة المسلسل بسيطة جدّا، كاشفًا عن أجر بطل المسلسل الذي يقدر بـ3 آلاف دولار فقط نظير دوره في المسلسل، الذي يستغرق تصويره 6 شهور، بينما يقوم كثير من أفراد العمل والممثلين بأدوار تطوعية من دون مقابل.

وواجه فريق عمل المسلسل مخاطر حقيقية أثناء تصوير المشاهد في مناطق متاخمة للسياج الأمني الإسرائيلي شرق غزة، وفق عضو فريق التصوير في المسلسل أحمد المقادمة.

وقال المقادمة للجزيرة نت إن عدم وجود مدن إنتاج فني وإعلامي في غزة توفر أماكن مختلفة لتصوير أحداث المسلسل (لوكيشن) يجعلنا نضطر للعمل في الشوارع، وأماكن خطرة تعرقل العمل.

وفوجئ فريق العمل بإطلاق نار في الهواء من جانب قوات الاحتلال المتمركزة في مواقع عسكرية على السياج الأمني لإجبارهم على مغادرة المنطقة، حسب المقادمة.

رسائل وأهداف

وتعكس أحداث المسلسل العلاقة المتشابكة بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال في قضايا مختلفة، تتعلق بالحروب على غزة، وتداعيات الحصار وتأثيراته سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والصراع الاستخباراتي بين المقاومة والاحتلال، والتفوق الأخلاقي للمقاومة في تعاملها مع الأسرى الإسرائيليين في مقابل معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

ويؤدي جواد حرودة (63 عامًا) -وهو موظف متقاعد عمل سابقًا في تلفزيون فلسطين بعد تأسيس السلطة عام 1994- دور رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شاباك).

وسبق للممثل حرودة تجسيد أدوار شخصيات إسرائيلية في أعمال فنية، ويقول للجزيرة نت “لا بد من إتقان هذه الأدوار، ونحن كممثلين فلسطينيين الأقدر على تأديتها، بحكم وجودنا تحت الاحتلال ومعاناتنا اليومية من جرائمه”.

وأضاف أن “نجاح كل ممثل في تأدية الدور المطلوب منه، والتعايش مع الشخصية التي يؤديها، يحققان للعمل النجاح من أجل إيصال الرسالة وتحقيق الهدف، وهدفنا في أعمالنا الفنية الفلسطينية تعرية الاحتلال وإظهار ظلمه وجرائمه”.

ولم يغفل القائمون على المسلسل المرأة الفلسطينية التي ظهرت بشخصيات مختلفة تبرز دورها المؤثر في مسيرة النضال الوطني.

دعم الفن المقاوم

ويعد مسلسل “قبضة الأحرار” امتدادا لأعمال فنية دأبت دائرة الإنتاج الفني في حماس على إنتاجها في السنوات القليلة الماضية، وآخرها مسلسل “بوابة السماء”، الذي عُرض على 12 قناة تلفزيونية في رمضان الماضي، وحقق 30 مليون مشاهدة على منصة يوتيوب قبل أن تقوم المنصة بحذفه، وفقا لمحمد ثريا.

وقال ثريا إن الفلسطيني الذي يواجه القتل اليومي من قبل قوات الاحتلال يتعرض كذلك إلى حرب شرسة تستهدف المحتوى الذي يقدم رواية حقيقية ومغايرة وتكشف الزيف والتضليل الإسرائيلي.

ولا تهدف حماس إلى تحقيق أرباح من هذه الأعمال، ويقول ثريا إن “قبضة الأحرار” سيترجم إلى لغات أخرى، وسيكون متاحا مجانا لكل القنوات التي ترغب في بثه.

وأكد ثريا أن الاستمرار في إنتاج أعمال فنية تواجه الرواية الإسرائيلية وتدعم المقاومة وتعزز صمود الفلسطيني على أرضه تتطلب دعما من المؤمنين بالحق الفلسطيني.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *