مجتمع

إيناس الخراز.. قصة رضيعة بشفشاون مليئة بالآلام و”أنقذوا إيناس” يغزو مواقع التواصل (صور)

لا تكاد تمر فترة زمنية وجيزة إلا ويستفيق سكان إقليم شفشاون على وقع مأساة أو حالة إنسانية جديدة تجعل من الإقليم منطقة استثنائية بالمغرب مليئة بالآلام والآمال في ذات الوقت.

فبعد واقعة الطفل ريان أورام التي تحولت إلى قصة إنسانية عالمية أسالت دموع الملايين، طفت على السطح قصة إنسانية أخرى لطفلة بريئة تحمل في طياتها معاناة كبيرة، وسط تفاعل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.

إنها الطفلة الرضيعة إيناس الخراز التي لم تُكمل بعد عامها الثاني في الحياة، إذ اكتشفت أطباء المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، إصابتها بمرض نادر في الأوعية الدموية يتسبب في إتلاف ونخر الأنسجة والجلد.

وبعد إجراء الفحوصات والتحليلات الطبية، عرض الأطباء على والدي الطفلة الرضيعة علاجا صعبا يكمن في بتر يديها ورجليها كحل وحيد لتفادي تفشي المرض في باقي أنحاء جسدها.

غير أن نوفل الخراز، والد الطفلة إيناس، أوضح في حديثه مع جريدة “العمق” أنه لم يوافق إلى حدود اللحظة على هذا العلاج، معتبرا أن أي أب وأم في هذا العالم لن يقبلوا ببتر أعضاء فلذات أكبادهم مهما كانت الظروف.

يقول نوفل في هذا الصدد: “نطلب من الأطباء أن يمنحونا جرعة من الأمل، نريد دواءً أو علاجا ولو كان في الخارج، نحن متيقنون أن لكل داء دواء، نفوسنا تحترق مع كل صرخة آلام تخرج من أعماق ابنتي، أنا أكاد أجن”.

وبعد أن أمضت الطفلة إيناس شهرا و13 يوما بمستشفى الأطفال “ابن سينا” بالرباط، عادت رفقة والديها، مساء اليوم الأربعاء، إلى مستشفى “سانية الرمل” بتطوان عبر سيارة إسعاف، حيث يأمل والداها التوصل إلى علاج آخر غير بتر أعضائها، ويوجهان مناشدة إلى الملك محمد السادس من أجل إيجاد علاج لابنتهما في الخارج.

مرض نادر

بحسب معطيات التقرير الطبي لمستشفى الأطفال بالرباط التابع للمركز الاستشفائي الجامعي “ابن سينا”، فإن الطفلة إيناس مصابة بمرض نادر يصيب الأوعية الدموية ويؤدي إلى تختر دموي حاد.

وأوضح التقرير أن هذا التختر الدموي يتسبب في حدوث نخر وتلف في أجزاء من الجلد والأنسجة، وهو يعتبر أحد أمراض المناعة الذاتية ويُدعى فرفرية صاعقة “Purpura filminans” ينتج عن اختلال توازن في بروتين س “C”.

وفي تدخل مستعجل، قام الفريق الطبي المتابع لحالة الطفلة إيناس بمستشفى الأطفال ابن سينا بالرباط، بإجراء عمليتين جراحيتين متفرقتين لتنقية التعفنات التي يسببها المرض على مستوى الفخذين واليدين.

ووفق التقرير الطبي ذاته، فإن المرض توقف حاليا عن الانتشار في باقي أنحاء الجسد، إلا أنه خلف انسدادات وتعفنات لم ينفع معها علاج، إذ وصفها الأطباء بأنها مناطق ميتة، وأوصوا ببترها تفاديا لانتشار التعفنات في باقي أنحاء الجسم، وذلك بموافقة كتابية من طرف الوالدين.

وطيلة مكوثها بمستشفى الأطفال بالرباط، تم منح الطفلة بعض الأدوية المضادة لتختر الدم، مع تزويدها بالدم بين الفينة والأخرى وتغيير الضمادات الطبية، خاصة وأن الجرح الناجم عن تقنية الأماكن المصابة لم يلتئم بعد.

بداية القصة

كانت تعيش الطفلة إيناس الخرار حياة طبيعية رفقة والديها الفرحين بأول مولودة لهما، إلا أن يوم السادس من يناير الماضي سيغير مجرى حياة هذه الأسرة البسيطة في منطقة الجبهة بإقليم شفشاون، بعدما اكتشف الوالدان ظهور بقع حمراء فوق فخذي الطفلة، سرعان ما تحولت بعد ذلك إلى “كابوس”.

فبعد أن طاف والد الطفلة إيناس بابنته بين المركز الصحي في الجبهة، والمستشفى الإقليمي سانية الرمل بتطوان، تم توجيهه في النهاية نحو مستشفى الأطفال بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، حيث اكتشف الأطباء هناك أن الطفلة مصابة بمرض نادر في الأوعية الدموية.

يروي والد الطفلة إيناس وضعية ابنته في حديثه مع “العمق” وهو في حالة تأثر وتوتر شديدين، موضحا أن هذا المرض النادر أصاب ابنته في رمشة عين، مؤكدا أنها كانت تعيش حياة طبيعية وتلعب بشكل عادي ولم يسبق أن أصيبت بأي مرض.

يضيف المتحدث أن تلك البقع الحمراء الصغيرة التي ظهرت على جسدها بشكل مفاجئ، سرعان ما تحولت إلى بقع كبيرة وانتشرت بشك سريع ومخيف لتغطي أغلب أجزاء فخذيها، قبل أن تنتقل إلى يديها، مشيرا إلى أن طفلته تظل تصرخ من الآلام ولا تدري ما يحدث لها.

وبعد نقلها إلى مستشفى الأطفال “ابن سينا” بالرباط، يتابع نوفل حديثه، قام الأطباء بعمليتين جراحيتين متفرقتين لتنقية التعفنات التي يسببها المرض على مستوى الفخذين واليدين، لافتا إلى أن أحد الأطباء أخبره بأنه لم يسبق أن رأى مثل هذا المرض طيلة 30 عاما من اشتغاله في المستشفى.

يقول نوفل الخراز إنه لم يعد يحتمل مشاهدة ابنته وهي تصرخ من الآلام وتستغيث بكلمات بريئة بالكاد تعلمت نطقها، من أجل إنقاذها من وضعها الصعب، دون أن تكون لهما القدرة على فعل أي شيء.

إيناس التي ستكمل سنتين في عمرها خلال شهر مارس المقبل، حصلت على موافقة من مستشفى الأطفال بالرباط بالعودة إلى مشفى سانية الرمل بتطوان مع متابعة حالتها من هناك، في انتظار موافقة الوالدين على بتر أعضائها المصابة، أو توصل الأطباء إلى علاج آخر.

وفي الوقت الذي يأمل فيه والدا إيناس، أن يبذل الأطباء والمتخصصون جهودهم من أجل التوصل إلى علاج آخر لإنقاذ حياة ابنتهم الوحيدة، تعرف مواقع التواصل الاجتماعي حالة تضامن واسع مع الطفلة المصابة، حيث انتشرت مئات التدوينات والتغريدات تحت وسم “أنقذوا_إيناس”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *