خارج الحدود

“المتمردة” .. قصة شابة سعودية استطاعت انتزاع حريتها بسلاح الإعلام

“المتمردة” يتجاوز كونه عنوان كتاب لمؤلفته الشابة السعودية “رهف القنون”، إلى كونه صرخة متمردة غيرت حتى اسمها ليصبح “رهف محمد” كتعبير صارم عن الخط الفاصل الذي وضعته بين ماضيها الطفولي في بيئة محافظة عاشت فيها كل أشكال العنف التي يمكن أن تعانيها امرأة، حسب روايتها.

و”المتمردة” الذي دخل سوق الكتاب من باب النضال الحقوقي النسائي بلغة وأساليب شابة عنيدة، كما “المتمردة” التي استطاعت أن تحقق حلمها بمغادرة بلادها وأهلها نحو “عالم الحرية”، وجهان لصرخة أنثوية قوية سوف تستمر في ملء الآذان.

وفي كتابها “المتمردة: الهروب من السعودية إلى الحرية” استعرضت السعودية اللاجئة في كندا، رهف محمد، أوضاع المرأة في بلادها.

وحسب “قناة الحرة”، قالت رهف في كتابها إنها تعرضها للاغتصاب في السعودية، وخشيت من إبلاغ أهلها.

وحسب نفس المصدر، استعرضت رهف في كتاباها طفولتها وشبابها إلى أن استطاعت أن تصل إلى كندا و”تنعم بالحرية والأمان” على حد تعبيرها.

وهناك، في كندا، تخلت عن اسم عائلتها، لتصبح “رهف محمد”، بدلا من “رهف القنون”.

وبحسب عرض موجز للكتاب قدمته صحيفة “الغارديان” البريطانية فهو يروي عن حكاية للاندفاع اليائس لشابة من أجل الحرية، هربا من الألم والقمع.

مطاردة أوقفها الإعلام

ففي أوائل عام 2019، تسللت رهف التي كانت تبلغ العمر 18 عامًا من غرفة عائلتها بالفندق في الكويت واشترت تذكرة طائرة إلى بانكوك، لتبدأ الرحلة الأكثر استثنائية.

وبعد ذلك خاض والدها وشقيقها مطاردة حامية مع سلطات المطار التايلاندية التي تعمل بالتعاون مع السفارة السعودية، وكلها مصممة على إعادتها، بيد أن رهف تحصنت في غرفة فندق بالمطار وتمالكت نفسها قبل أن تبدأ في مناشدة العالم وهي تروي ما جرى لها وخشيتها على حياتها.

وكان سلاح رهف الوحيد هو هاتفها الذكي، إذ بدأت بنشر عشرات التغريدات عبر حسابها على تويتر قالت فيها إنها إذا أعيدت قسراً، فإنها ستختفي أو تلقى حتفها مطالبة بتقديم مساعدة فورية لها للحصول على حق اللجوء.

وأثارت مناشدات تلك الفتاة البائسة دوامة شملت حكومات خمس دول بالإضافة إلى الأمم المتحدة، مما لفت انتباه وسائل الإعلام العالمية إلى امرأة ضعيفة في مأزق صارخ في أرض بعيدة، قبل أن تمنحها كندا اللجوء على أرضها عبر مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

عالم ينكمش

وتقول رهف في كتابها إنه خلال الأعوام الأولى من طفولتها في مدينة حائل شمالي السعودية كانت مليئة بالسعادة والضحك وتلعب مع أشقائها في المملكة العربية السعودية.

ولكن بعد أن بلغت السابعة من عمرها، بدأ عالمها بالانكماش ببطء، وباستمرار، حيث وجدت أنها لا تستطيع تعلم السباحة، ولا الضحك بصوت عالٍ، ولا حتى مغادرة المنزل بدون إخوتها. وبدلاً من ذلك، تُجبر على رعاية وخدمة أقاربها الذكور وتدريبها على الخضوع والإذعان.

وذكرت رهف أنه لم يكن مسموح لها بالجلوس بالشرفة لاستنشاق بعض الهواء العليل، كما كان محظورا عليها الذهاب إلى المركز التجاري بدون ولي أمر ذكر، أو حتى التحدث في عيادة الطبيب العام في حال مرضها.

وعقب أن أتمت التاسعة من عمرها أجبرت على ارتداء عباءة سوداء ونقاب مما جعلها مجهولة الهوية بشكل بتام ولا يستطيع أحد التعرف عليها.

وعندما قصت شعرها وضُبطت وهي تقبل الفتيات، تحققت كل مخاوف والدتها، لتقول رهف أنها تعرضت للصفع والضرب وجرى إخراجها من المدرسة وإخفائها بعيدًا حيث  كانت تُعامل على أنها لعنة على العائلة.

وفي غضون ذلك، ارتبط والدها بزوجة ثانية ثم اتبعها بثالثة مما سبب آلاما عاطفية لوالدتها البائسة والتي لم تجد مناصا من تفريغ غضبها وإحباطها سوى ابنتها المتمردة.

سفر مُلهم وسائق مُحطِّم

وتصف رهف في كتابها كيف تلقنت “المعتقدات الوهابية” التي لم توفر مجالًا للتفكير النقدي والتي تعتبر “التحرر بمثابة تخريب فكري يعاقب عليه بالرجم أو الموت”، وأنها كانت تشعر بالأسى والحزن عندما تسافر مع عائلتها إلى مدن وبلدان مثل تركيا حيث ترى في نفسها الفتيات قد أسدلن شعرهن وارتدين الفستانين ويتمايلن على أنغام الموسيقى بسرور وسعادة، وعندها تجرأت وقررت أن تحلم بالحرية.

ومن المآسي التي ترويها في كتابها أنها في إحدى الليالي، بينما كانت تستقل سيارة أجرة للعودة إلى المنزل تعرضت للاغتصاب، حيث انطلق المغتصب السائق وهو يعلم أنه لن يواجه أي عواقب، لكنها خشيت أن تخبر أهلها خوفا من العواقب.

وفي ما يقرب من 300 صفحة تروي رهف محمد رحلتها إلى رحلة سترتبط بها أعداد كبيرة من النساء في بلاد “لا مكان فيها للتسامح مع معارضة المرأة” للمنظومة العائلية والاجتماعية”.

وبحسب صحيفة “الغارديان” فإن قصة رهف هي حكاية كثيرات ممن ليس لديهن صوت ولا يزلن خاضعات لظروفهن، وأنها تتحدث نيابة عنهن من وطنها الجديد في كندا، مشيرة إلى أنها تفتقد عائلتها ولا يمكنها العودة إلى المملكة، فالتهديدات التي فرت منها لا تزال قائمة حتى الآن.

وتختم الصحيفة بالقول لا يزال أمام المملكة العربية السعودية، رغم كل حديثها عن تمكين المرأة وسيادة القانون، طريق طويل لتقطعه، وقد يساعد هذا الكتاب في تحسين الأمور.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *