منتدى العمق

رائحة “سبابط” المخزن في اليوم العالمي لحقوق الإنسان

بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي تحييه دول المعمور ويصادف 10 دجنبر من كل سنة في ذكراه 68، “ما فيها باس نهضروعلى بوربوسبابط المخزن” من جمعيات حقوق الإنسان، أو التي تمتهن حقوق الإنسان، وإنما في طبيعتها ونزعتها وهياكلها التنظيمية الداخلية نزعة حيوانية هدفها الاجتثاث ولعق مأسي الفقراء المستضعفين المفقرين… والاغتناء بها في الدنيا، والتي أزكمت رائحة بعضهم أنوف المواطنين المقهورين بهذه الضيعة المخزنية، عفوا بهذا الوطن”.

أسئلة كثيرة تراودني بل وتحفر في من العمق وتحرق عروق رأسي وتجبرني كرها أن أجد لها جوابا مقنعا وشافيا، وإلا فلن تكف عن التسبب في الإداء والألم لي، ولحالتي النفسية وعقلي وراحتي، ومنها: هل نحن في وطن أم ضيعة؟ مَن يستوطن الوطن ويسيطر على خيراته؟ هل نحن مواطنون أصلا؟ وأسأل: مَن أنا ولماذا جئت إلى هذه الأرض؟ وهل فعلا سألني ربي وقبلت بالعذاب على يد أناس لا ذنب لي سوى أنني وجدت منهم حاكما ووزراء، وقواد، وأعوان، وخدام دولة يفرضون علي الطاعة والولاء قسرا وكرها، وكلما سألت عن الذي ذكرت إتهموني بالردة والخيانة العظمى والتمرد على قوانين سنوها، تناسبهم، وما جاء بها الله في كتاب.

الوطن.. أوووف، وآه يا وطن، تعلمنا في مدرستنا الحلوة الجميلة في الصغر أن الوطن أرض وحدود، وأن الوطنية هيام وعشق للوطن، وهنا أقول: بما أن الوطن أرض وحدود إذ لا فرق بيننا وبين الحيوانات والطيور التي تقتات من الأرض وفي المساء تعود إلى إسطبلاتها وأعشاشها.

لا يقبل عقل سليم نهائيا أن يكون إنسان مقيد ومكبل بسنن وشرائع وقوانين سنها حاكم تناسب هواه هو والمحيطون به، وليس له فيها رأي وأن يُحاكم بها ويكون مُجبرا على الخضوع لها، وتشريعات يدافعون عنها بحجة الأغلبية عن طريق إجراء انتخابات يقال أنها دمقراطية؟

الوطنية، إحساس وجداني داخلي من العمق، هيام وحنين وعشق، وعلاقة بين ما هو كوني ووجداني، قد يحصل بعده تناغم شديد لا يمكن أن تقطعه قوانين ولا رتب عسكرية وسياسية في دار المخزن، الشيء الذي يجعلك تدافع عن وطنيتك بكل وأغلى ما تملك لحمايتها بداخلك…
الوطن يمكن أن يجعلك تحمله في الصدر، وأن تهاجر منكسرا أمام القمع والترهيب والقهر والتجويع وكل الممارسات الظلامية وبكل عتاد الوطن الذي يستحوذ عليه الحُكام ولسان حالك يقول: خذوا الوطن فهو أرض وحدود، وسآخد وطنيتي وأحبسها في صدري ولن تستطيع دباباتكم ومذرعاتكم قصفها والوصول إليها مهما فعلتم، وسترافقني إلى مثواي الأخير. أو مرددا مع الشاعر أحمد مطر: “لا عشنا ولا عاش الوطن”.

أما مَن يستوطن الوطن ويسيطر على خيراته، فهم كُثر، وأصبحوا معروفين ومشهورين ب”خدام الدولة” هم المستفيدون من خيرات البر والبحر والجو يحتكرونها تحت يافطة “خدمة الوطن” ويستفيدون من اليقع الأرضية في مواقع مهمة بأكبر المدن وأجمل السواحل، وضيعات فلاحية يطردون منها من واجهوا الاستعمار بصدور عارية أرامل وأبناء من ماتوا فداء للوطن، ويستفيد من الأرض من كانوا مختبئين في السراديب و”البدرومات” وخرجوا من جحورهم لاعتلاء صهوة “النضال” ووضع النظارات فوق الحواجب وصياغة كلمات منمقة وإلقائها على مسامع العموم.

فعلا إنهم مَن تنطبق عليهم/ن مقولة “عندما تحاضر العاهرة في الشرف..”.. وهم كثر، وبذلك يصبحون محتلين ومستوطنين جميع الإدارات ومراكز الدولة ومراكز القرارات والمسؤوليات ومسيطرين ومشرعين قوانين سنوها بعدما خرجوا من السراديب…
نحن كائنات بشرية بداخلها قلوب قابلة للتقلب، حسب المادة، والمدة والزمن والهدية (الرشوة)، منا من يقبل برشوة المخزن ويفتي لها فتوى “حلال” ويستشهد أن النبي “صلعم” قبِل الهدية ليشرعن جريمته الأخلاقية، ومنا من يرفض ويتعفف وجزاؤه عقاب عسير في الدنيا، ومنا مَن يلبس “ثوب القِوادة” جهارا دون أن تنز في وجهه قطرة دم حمراء.

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان نقول لبعض الجمعيات التي تسترزق وتبيع وتتاجر في الملفات ومعاناة المواطنين وتغرر وتخون وتتهم وتكذب وتزرع الفتن بين الهياكل وتمتهن القوادة للأجهزة المخزنية أكثر من غيرها: لماذا تختارون قضايا تافهة تدافعون عنها ببسالة، وتتجاهلون ملف الأساتذة الأطر والتنسيقية الوطنية وحاملي الشواهد العليا، وعن ملفات الصحة والتعليم… أم تختارون الترقيات و “التنقيلات” والتنقلات لكم ولأهلكم؟ فما الفرق بينكم وبين من يسمون ب”خدام الدولة”.

يا بعض من تدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان أصبحتم نعالا “وسبابيط” لدى المخزن التصق عرقه في جلودكم وانبعثت منه رائحة كريهة فكل مرة “كيدير ليكم بوربو الأطفال” عبر تمويل مشاريع وهمية لإلهاء الضعفاء، كي لا ينفضح أمركم بين العامة، ولتبقوا مستمرين في أداء “المهمة”.

تحية احترام وإجلال وإكبار للتنظيمات المرابطة والصامدة المدافعة بكل استماتة ونضال حقيقيين في الميدان، المطالبة بإحقاق الحق والكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية للجميع.