مجتمع

التامني لـ”العمق”: قطاع التعليم العالي يعيش أزمة والمجلس الأعلى فقد “الشرعية”

أثار إلغاء نظام البكالوريوس من الجامعات العمومية انتقادات واسعة بين الطلبة والأساتذة الذين باشروا التدريس به، حيث صرح بعضهم لجريدة “العمق”، أن هذا الإلغاء “استهتار بمصالح الطلبة”، بينما احتج عدد منهم في وقت سابق، خاصة في كلية الآداب بالدار البيضاء.

إلى جانب ذلك، خلفت الضجة التي تعرفها بعض الجامعات المغربية، على رأسها جامعة الحسن الأول بسطات استنكارا لدى الرأي العام، بعد تفجير ملف “الجنس مقابل النقاط”، وبعدها قضية تزوير النقاط والبحوث، إذ كشفت التحقيقات الأمنية أن 558 طالبا نالوا شهادة الإجازة ببحوث تم شراؤها بدون بذل أي مجهود في صياغتها.

وأمام هذا الوضع، قام وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي بإعفاء رئيسة جامعة الحسن الثاني الأسبوع الماضي، وقبلها أعفى عميد كلية العلوم القانونية والسياسية بسطات مباشرة بعد دخول القضاء على خط ملف “الجنس مقابل النقاط” الذي يتابع فيه ثلاثة أساتذة قيد الاعتقال بعقوبات تتراوح بين الحبس سنتين وسنة ونصف والغرامة والتعويض.

وفي هذا السياق، اعتبرت النائبة البرلمانية عن تحالف فيدرالية اليسار فاطمة التامني، أن هذا الوضع يوكد أننا “أمام أزمة حقيقية يعيشها قطاع التعليم العالي، والتي لا يمكن فصلها عن الأزمة البنيوية والأعطاب الهيكلية لمنظومتنا التعليمية ككل”، مبرزة أن “الحاجة ملحة لإصلاح قطاع التعليم العالي والبحث العلمي”.

وأضافت التامني في تصريح خصت به جريدة “العمق”، أن “الإصلاح لكي يكون ناجعا لا بد أن يتم في إطار شمولي، وهذا يستدعي أولا  الوقوف بالتحليل والتشخيص لواقع الجامعة المغربية وخصوصا ذات الولوج المفتوح، والقيام بالتقييم الموضوعي للنظام المعمول به حاليا، قبل اتخاذ قرارات انفرادية وفرضها بأساليب تتسم بالكثير من الضبابية”.

وفيما يتعلق بإلغاء نظام البكالوريوس من قبل وزارة التعليم العالي الحالية، شددت البرلمانية على “ضرورة نهج مقاربة تشاركية حقيقية مع المعنيين بشأن التعليم العالي، والذي لا يهم فقط الجانب البيداغوجي، بل يتعلق الأمر بالإصلاح الشامل للأوضاع المادية والمعنوية لكل مكونات الجامعة، مع التركيز على أن وظيفة هذه الأخيرة هي البحث العلمي والمعارف والمدارك التي يجب إتاحتها للطلبة من أجل استيفاء المهارات والكفايات اللازمة”.

وأكدت أن “ذلك يتطلب توفر إرادة حقيقية لتمكين الجامعة العمومية من القيام بأدوارها العلمية مع ضمان مبدأ تكافؤ الفرص، إلا أن القرارات التي يتم اتخاذها من طرف المسؤولين عن القطاع تثير العديد من الأسئلة”.

وباعتماد الوزارة الحالية على رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين الذي انتقد نظام البكالوريوس والذي استند إليه الوزير في إلغائه لهذا النظام، تساءلت التامني قائلة “كيف نفسر صدور تقرير عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين، المنتهية ولايته، للوقوف  بالنقد على “نظام الباكالوريوس”؟، معتبرا أنه يفتقد إلى تصور يكشف الرؤية والغاية من إقرار النظام الجديد في الجامعات، في الوقت الذي يعلم الجميع أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، لا يشتغل لأنه لم يجدد هياكله منذ ثلاث سنوات.

وخلصت البرلمانية عن تحالف فيدرالية اليسار، بطرح تساؤلات حول الأسباب الحقيقية من وراء “حذف نظام البكالوريوس من الجامعات العمومية، وهو الذي استمات الوزير السابق في الدفاع عنه”، وفق تصريحها، مضيفة في السياق ذاته “كيف نفسر صدور تقرير عن هيئة منتهية الولاية لم تجدد هياكلها، وهل للمجلس الحق تنظيميا، وشرعيا في إصدار تقرير لم يناقش داخل اللجان المعمول بها ولم يصادق عليه وفق القوانين؟ ولماذا تتم مراجعة نظام بدون تقييم موضوعي في أبعاده التربوية والعلمية؟”، تتساءل التامني.

و سبق أن طرحت جريدة “العمق” سؤال الأسباب وراء إلغاء نظام البكالوريوس من الجامعات العمومية بعد العمل به لأقل من موسم جامعي واحد على وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي، والذي أكد في تصريح لجريدة “العمق”، بأن هذا النظام “لم يأت بناء على مرسوم حكومي”. ورغم أن الطلبة باشروا الدراسة بهذا النظام، بناء على مذكرة وزارية ومراسلة وجهت إلى رؤساء الجامعات في عهد الوزير السابق، رد وزير التعليم العالي في تصريحه أنه “ليست هكذا تتم الأمور، بل فتح نظام تعليمي كالبكالوريوس يتم عن طريق مرسوم تصدره الحكومة، وهذا هو السياق الذي يعمل وفقه”.

وأوضح الوزير في التصريح ذاته، أنه “لن يعمل خارج القانون مادام يتولى مهام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار”، مسترسلا في حديثه، أنه “حتى لو تركنا الطلبة يكملون دراستهم بنظام البكالوريوس، فليس تمة إمكانية لمنح الطلبة شواهدهم بناء على هذا النظام لأنه لم يبنَ على مرسوم حكومي، وقرار الإلغاء جاء بهدف حماية مستقبل الطلبة الدراسي”.

وأشار ميراوي إلى أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أكد هذا الأمر في رأي أصدره بخصوص البكالوريوس، حيث انتقد خلاله هذا النظام واعتبره يفقتد للرؤية والغاية، وهذا الرأي يشدد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لم تطالب به وزارته بل طالبت به حكومة سعد الدين العثماني، مؤكدا أنه “عندما علم بأن هذا النظام لن يصلح للطلبة الجامعيين، رفض أن يستمر في اعتماده”، لأنه بحسب قوله “لا يلعب بمستقبل أبناء المغاربة وسيعمل بكل شفافية لإصلاح قطاع التعليم العالي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *