أدب وفنون

بعد أن دفع القضاء والهاكا بعدم الاختصاص .. مواقع التواصل الاجتماعي تقيم حصيلة الدراما الرمضانية

تقترب مسلسلات نقد الدراما على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الاعلام من إنهاء عملها الرقابي مع اقتراب مسلسلات رمضان من توديع جمهور الشاشة الصغيرة.

ولم يمنع غضب جمهور العالم الافتراضي من مواصلة التلفزيونات العربية تقديم حلقات ما اقتنته من مشاريع دراما رمضان، بل يتزامب قرب انتهاء بعضها في المغرب مع خروج الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)عن صمتها لتصفع “شعب فايسبوك” ونشطاء المجتمع المدني وتخيب آمالهم بعد صفعة القضاء، وكلاهما يدفع بعدم الاختصاص!

مَحمِيّة عدم الاختصاص في المغرب

أثارت بعض الإنتاجات الرمضانية المعروضة على القنوات العمومية في المغرب جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مسلسل “فتح الأندلس” ومسلسل “لمكتوب، وصلت إلى درجة المطالبة بوقف بث المسلسل الأول في البرلمان وأمام القضاء ولدى المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري.

غير أن المؤسسات الثلاثة خيبت آمال المغاربة المنتقدين لتلك الأفلام والمعارضين لاستمرار عرضها.

وأصدرت محكمة الاستئناف بالرباط، الجمعة 22 أبريل، حكمها بعدم الاختصاص في قضية بث مسلسل “فتح الأندلس”، الذي يحكي قصة القائد طارق بن زياد، بعدما رفع مواطن مغربي دعوى قضائية ضد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، لإيقاف بثه على التلفزيون لاحتوائه على مغالطات تاريخية تمس المغاربة.

وأثار المسلسل جدلاً كبيراً بين المغاربة، بعد عرض أولى حلقاته على قناة الأولى، حيث اعتبر البعض أنه “يتضمن مغالطات تاريخية حول أصول وشخصية القائد طارق بن زياد”. وكان محمد ألمو، محامي بهيئة الرباط، قد قال في مقاله الاستعجالي للمحكمة، إن “القضاء هو الجهة الموكول إليها تحقيق العدل وحماية المجتمع وإرساء قواعد الأمن والاستقرار في المجتمع وحفظ هويته”.

وبعد صفعة القضاء جاء صفعة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، التي أعلن مجلسها موقفه من البرامج والإنتاجات الرمضانية المعروضة من طرف قناة الأولى والقناة الثانية خلال شهر رمضان الجاري، وذلك بعد توصله بعدد من الشكايات حول بعض الأعمال التخييلية من مسلسلات وسيتكومات وكبسولات فكاهية.

و قالت الهاكا في بيان، توصلت العمق بنسخة منه، إن مطالبة الهيأة بإعمال الوصاية والرقابة على الاختيارات البرامجية للإذاعات والقنوات التلفزية، إما منعا أو سحبا أو إملاء، يتعارض وانتدابها المؤسسي، بوصفها مؤسسة مستقلة للتقنين، في السهر على احترام حرية الاتصال السمعي البصري وحرية التعبير وحمايتهما. وشدد البلاغ على أن “المشرع يضمن للإذاعات والقنوات التلفزية العمومية والخاصة بث برامجها بكل حرية، سواء كانت هذه البرامج إنتاجا داخليا أو إنتاجا مشتركا مع شركات خارجية أو مقتناة كأعمال جاهزة للبث؛ على أنها تظل خاضعة لمبادئ قانونية محددة ذات صلة بمثل ديموقراطية وحقوق إنسانية ثابتة، مثل واجب عدم المس بالكرامة الإنسانية، واحترام مبدأ قرينة البراءة، وعدم التحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف، وعدم التمييز ضد المرأة أو الحط من كرامتها”.

ثُلثُ المسلسلات فقط

حسب الجزيرة نت، يعتبر رمضان هذه السنة موسما دراميا مزدحما تجاوز عدد مسلسلاته أكثر من 30 عملا دراميا عربيا، ومع ذلك فإن الأعمال التي التف حولها الجمهور، وكانت أخبارها الأكثر تداولا طوال شهر رمضان، لم يتجاوز عددها العشر.

مسلسل “الكبير 6

المسلسل الكوميدي “الكبير 6” فاجأ حتى هؤلاء الذين انتظروه وراهنوا عليه، فالمسلسل تميز دونا عن باق الأعمال الكوميدية الأخرى بالكتابة الجيدة والذكية، والتماهي مع الكثير من “الكوميكس” و”الترندات” حتى تلك التي ظهرت خلال الأعمال الرمضانية الحالية.

بجانب ذلك اعتمد المسلسل على البطولة الجماعية التي شملت نجوما من الأجزاء القديمة مثل بيومي فؤاد ومحمد سلام، ووجوها جديدة ذات موهبة لافتة مثل رحمة أحمد وحاتم صالح ومصطفى غريب، مناقشا بعض القضايا المعاصرة بطريقة طريفة ومبتكرة.

مسلسلات صادمة

المسلسل السوري “كسر عضم” ذو المحتوى الجريء والصادم كان من أكثر الأعمال الفنية مشاهدة في رمضان هذا العام، كونه يعكس الواقع الأمني والعسكري في سوريا وما يحدث في ظل منظومة الفساد المستفحلة، ولم يكتف صناع العمل بذلك وإنما استعرضوا كذلك مجموعة من القضايا الاجتماعية المثيرة للاهتمام.

هناك أيضا المسلسل الخليجي “من شارع الهرم إلى” الذي حظي بأعلى نسبة مشاهدة على “إم بي سي” (MBC) وتجاوزت مشاهدات الوسم (الهاشتاغ) الخاص به على “تيك توك” أكثر من مليار مشاهدة.

ووفقا لتصريحات بطلة العمل الفنانة الكويتية هدى حسين، يعود نجاح المسلسل إلى الجدليات العديدة التي يطرحها، واختلاف مضمونه الاجتماعي عن الأعمال العربية السائدة بالإضافة إلى حبكته المعقدة وطريقة عرضه الشيقة، الأمر الذي دعا المنتج اللبناني جمال سنان للإشادة بالعمل والمباركة لصناعه.

 الأكثر إثارة للجدل

المسلسل الأكثر إثارة للجدل بلا منازع هو “فاتن أمل حربي” الذي تقدمه نيللي كريم هذا العام مع شركة “العدل غروب” وخلاله تناقش قضايا مصيرية تتعلق بالمطلقات في مصر وحقوقهن من نفقة وحضانة وولاية تعليمية وغيرها.

الأفضل فنيا

قد يظن البعض أن الأعمال الأكثر مشاهدة بالضرورة نفسها الأفضل فنيا أو دراميا، لكن ذلك ليس له علاقة بذاك، فمقاييس الحُكم والتقييمات الفنية لها مرجعيات نقدية أخرى.

مسلسل “جزيرة غمام

على رأس دراما العام الرمضانية الأفضل فنيا مسلسل “جزيرة غمام” وهو ما اتفق عليه الجمهور والنقاد أمثال طارق الشناوي ورامي المتولي، كذلك صرّح الكاتب محمد جلال عبد القوي صانع “المال والبنون” و”حضرة المتهم أبي” و”سوق العصر” و”هالة والدراويش” و”الليل وآخره”.

فالعمل أشبه بملحمة درامية، جمعت بين الفلسفة والصوفية، واعتمدت على بطولة جماعية ضاعفت من نجاح العمل إثر تألق كافة عناصرها من مؤلف ومخرج وممثلين الذين فوجئ جمهورهم هذا العام بأدوارهم المُتقنة بداية من أحمد أمين وطارق لطفي مرورا بفتحي عبد الوهاب ورياض الخولي، وصولا إلى مي عز الدين وعبد العزيز مخيون. ولا يمكن أن ننسى بالطبع كادرات التصوير التي خطفت الأبصار وأثارت الإعجاب على منصات التواصل حتى ممن لم يتابعوا المسلسل بالأساس.

مسلسل “بطلوع الروح

بالرغم من أن مسلسل “بطلوع الروح” لم يُعرض إلا بالنصف الثاني من شهر رمضان وعدد حلقاته لن يتجاوز 15 حلقة، بجانب حقيقة تعرضه لهجوم شديد فور طرح “البوستر الدعائي” الخاص به واتهام صناعه بالإساءة إلى الإسلام والمسلمين ومن ثمّ الدعوة لمقاطعته، إلا أنه وفور عرض حلقاته الأولى تربّع على عرش المسلسلات الأكثر مشاهدة أولا، ثم سرعان ما انضم إلى رَكب الأفضل.

العمل حالة متجانسة ومتكاملة، من إخراج مميز وحُسن اختيار وإدارة لطاقم العمل من قِبَل مُخرجته كاملة أبو ذكري، وتمثيل مميز من الأبطال على رأسهم منة شلبي وأحمد السعدني ومحمد حاتم، وسرد درامي تصاعدي شديد الإثارة والتكثيف، والأهم موسيقى تصويرية تُتمم الحالة وتُزيد من حدة الإثارة والتوتر من اللحظة الأولى وحتى الأخيرة بكل حلقة.

المشوار” خيب الآمال

دون شك، يتربّع مسلسل “المشوار” على عرش مسلسلات رمضان التي خذلت منتظريها، فعمل يحمل بصمة مخرج بحجم محمد ياسين الذي لم نعتد منه إلا دراما قوية واستثنائية، وكاتب مثل محمد فريد مع طاقم فني في مقدمته محمد رمضان ودينا الشربيني، كل ذلك رفع آمال الجمهور وجعلهم يراهنون على المسلسل، حتى هؤلاء ممن لم يحبوا مسلسلات محمد رمضان السابقة قرروا منحه فرصة، إيمانا منهم بأن المخرج قادر على فرض سيطرته وإحكام قبضته على كل العناصر.

ورغم جمال الصورة ورهافة الموسيقى التصويرية والتمثيل الجيد من الأبطال بالبداية، سرعان ما أسقط رِتم الأحداث شديدة التباطؤ، العمل في هوة الملل، هكذا نفر الجمهور واحدا تلو الآخر، بل أن صُناعه أنفسهم يبدو أنهم ثاروا لإمكانياتهم المُهدَرة، إذ تغيَر التتر في النصف الثاني من رمضان، لنجد العمل وقد أصبح تحت إشراف محمد ياسين ومحمد فريد وليس مُسندا إليهما في المقام الأول.

مسلسلات لم يلتفت إليها أحد

موسم درامي مزدحم، تجاوز عدد مسلسلاته أكثر من 30 عملا دراميا، ومع ذلك فإن المسلسلات التي التف حولها الجمهور، وكانت أخبارها الأكثر تداولا طوال شهر رمضان لم يتجاوز عددها العشر، في حين جاءت الأعمال متوسطة الجودة وإن حظيت ببعض المشاهدات والتقييمات بين الإيجابي والسلبي أقل من العدد السابق مثل مسلسل “المداح” بطولة حمادة هلال ومسلسل “توبة” لعمر سعد اللذين حققا تقييمات إيجابية ومشاهدات متوسطة. ليتفوق بذلك عدد المسلسلات التي لم يلتفت إليها أحد، بل ولا ينوي الكثيرون منحها فرصة للمشاهدة بعد رمضان.

على سبيل الأمثلة وليس الحصر سنجد مسلسلات:

“شغل عالي” لفيفي عبده وشيرين رضا، “بابلو” لحسن الرداد وأروى جودة، “رانيا وسكينة” لروبي ومي عمر، “عودة الأب الضال” لبيومي فؤاد، “انحراف” لروجينا، “دنيا تانية” لليلى علوي، “السر” لحسين فهمي، “عالم تاني” لرانيا يوسف، “النقطة العامية” لأيتن عامر، “بيت الشدة” لوفاء عامر، “يجعله عامر” لنورهان، “مزاد الشر” لكمال أبو ريا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *