أدب وفنون

“إيكونوميست”: “الاختيار 3” فشل في تحقيق هدفيه الرئيسيين

هل حقق مسلسل “الاختيار 3” الأهداف التي تم إنتاجه من أجل تحقيقها؟ سؤال قاربت مجلة “إيكونوميست” (The Economist) البريطانية الإجابة عنه، بعد أن سجل المسلسل أحد أكبر الجدالات العربية حول الدراما الرمضانية هذه السنة.

ورغم التسريبات المثيرة التي اعتمدها الفيلم، والدعم الرسمي الذي لاقاه، والدعاية الواسعة له عبر الاعلام الرسمي ومواقع التواصل الاجتماعي التي تدور في فلاكها، خلصت الصحيفة البريطانية في مقالها إلى أن المسلسل فشل في تحقيق هدفيه الرئيسيين المتمثلان في: الدعاية وكتابة سجل تاريخي.

وحسب الجزيرة نت، قالت الصحيفة إن مشاهدي التلفزيون في العالم العربي يُدلّلون في شهر رمضان، إذ تقدم الأستوديوهات عشرات من المسلسلات ذات الميزانية الكبيرة، مع حلقة جديدة كل ليلة. وكان مسلسل “الاختيار”، في موسمه الثالث، من أكثر العروض ترويجا هذا العام.

أخطر الساعات في تاريخ مصر الحديث

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الفيلم يسلط الضوء على ما يسميه المنتجون “أخطر 96 ساعة في تاريخ مصر الحديث”: الاحتجاجات الجماهيرية والانقلاب اللاحق في صيف 2013 الذي أطاح بالرئيس المصري السابق محمد مرسي “الذي أصبح الرجل الأول والوحيد الذي فاز بانتخابات نزيهة في مصر”.

ولفتت الصحيفة الانتباه إلى أن المشاهدين عندما تابعوا في شهر رمضان مسلسل “الاختيار 3” كانوا يعرفون بالضبط كيف سينتهي الأمر. ففي الحلقة ما قبل الأخيرة، يدخل الممثل ياسر جلال الذي يؤدي دور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، إلى غرفة ممتلئة بالقادة الدينيين والسياسيين، ويقول “يجب أن نتخذ قرارا مصيريا؛ البلد بحاجة إلى واحد”.

وكان التاريخ الثالث من يوليو/تموز 2013، وفي غضون ساعات ظهر العظماء المجتمعون على شاشة التلفزيون جنبا إلى جنب مع السيسي الذي أعلن أن تجربة مصر القصيرة مع الديمقراطية قد انتهت.

تمثيل ممتاز

يمثل جلال دوره بدقة خارقة، حيث يلتقط ولع الجنرال بنصف الابتسامات والأيدي المشدودة، وإذا أغمض المشاهد عينيه فلن يستطيع فعلا تمييز صوته تقريبا من الصوت الحقيقي للسيسي.

واستمر المقال ليقول إنه ليس هناك شك في من يجب أن يشجعه المشاهدون، فقد تم تصوير السيسي على أنه متواضع وتقي.. وفي طريقه للإعلان عن الانقلاب، توقف لإجراء محادثة صادقة مع والدته. ويظهِر الفيلم الرئيس مرسي وأتباعه على أنهم من نوع ماكر، ومظهرهم يتحول إلى موسيقى تنذر بالسوء.

أحداث ضبابية تتطلب التوضيح

ويصف المنتجون العرض بأنه رائع، وأنه ليس فقط للترفيه بل “كتاب تاريخ” للأجيال القادمة. وتقول “إيكونوميست” إن ذلك سيكون، بالطبع، جديرا بالثناء إذا كانوا جادّين. فقد كانت أحداث ذلك الصيف ضبابية حتى لدى أولئك الذين عاشوها. وما بدا كأنه احتجاج استمر يوما واحدا على مرسي، وفرصة للمعارضة للتنفيس عن ضيقها، تطور بسرعة مذهلة إلى انقلاب دموي.

وقالت “إيكونوميست” إن العرض يهدف إلى نقل المشاهدين إلى الحرم الداخلي للدولة الأمنية المصرية، إذ تضمّن تسجيلات واقعية لمسؤولي الإخوان المسلمين يجب أن تكون قد التُقطت في السر ولم تُبث من قبل.

تاريخ المنتصرين

وتضيف أن المقاطع تصوّر جماعة الإخوان المسلمين على أنهم عنيدون وبغير كفاءة، لكن المسلسل لا يلقي ضوءًا كافيا على كيفية تآمر الدولة العميقة على القضاء على الديمقراطية، وعلقت “إنه التاريخ الذي كتبه المنتصرون”.

ويشير المقال إلى أن جمال عبد الناصر وأنور السادات، الرئيسين الثاني والثالث بعد الثورة المصرية 1952، كلاهما خُلّد في السينما، لكن ظهورهما جاء بعد وفاتهما بوقت طويل. أما خليفتهما، حسني مبارك، فقد لا يستحق فيلما عن سيرته الذاتية لأنه أطيح به. ويأتي دور السيسي على الشاشة الصغيرة في أوج سلطاته؛ لقد فرض تعديلات دستورية في عام 2019 تضمن له الحكم حتى عام 2030.

وعلق المقال بأن هذا كان جهدا دعائيا فخما، يهدف إلى حشد المصريين في الوقت الذي يشعر فيه كثيرون بخيبة أمل.

مناقض للواقع

وذكر أن أنصار الرئيس يصوّرونه كمنقذ لمصر من “نفق مظلم” للحكم الإسلامي، “لكن البلاد لم تظهر تماما في المرتفعات المضاءة بنور الشمس”.

وأضاف المقال أن أرقام المشاهدة لم تُنشر على الشبكة التي بثت المسلسل، إذ يبدو أن المصريين من مختلف الأطياف السياسية بدأوا مشاهدة العرض بأعداد كبيرة، بدافع الحماسة الوطنية أو الرغبة في الابتعاد عن الدعاية، لكن يظهر أن قليلا منهم شاهدوا أكثر من حلقتين فقط.

وختمت “إيكونوميست” بالقول إن السلطات حثت الصحفيين على كتابة مقالات منتفخة لزيادة التصنيفات، مضيفة أن بعض المصريين ربما أرادوا إحياء أحداث ذلك الصيف، لكن بعد 9 سنوات أصبح لدى معظمهم مخاوف أكثر شدة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *