“جدري القرود” يواصل انتشاره عالميا والأمم المتحدة تحذر من “معاداة المثليين”

قالت منظمة الصحة العالمية إنها تتوقع رصد المزيد من حالات الإصابة بجدري القرود، في الوقت الذي توسع فيه نطاق المراقبة في البلدان التي لا يوجد فيها المرض عادة.
وأوضحت المنظمة أنه تم الإبلاغ عن 92 حالة مؤكدة و28 حالة يشتبه في إصابتها بجدري القرود في 15 دولة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وإسرائيل، مضيفة أنها ستقدم مزيدا من الإرشادات والتوصيات في الأيام المقبلة للدول حول كيفية الحد من انتشار جدري القرود.
وأضافت أن “المعلومات المتاحة تشير إلى أن انتقال العدوى من إنسان لآخر يحدث بين أشخاص على اتصال وثيق مع الحالات التي تظهر عليها أعراض”.
ويُعد جدري القرود من الأمراض المعدية التي عادة ما تكون خفيفة ومتوطنة في أجزاء من غرب ووسط إفريقيا، وينتشر عن طريق الاتصال الوثيق، لذلك يمكن احتواؤه بسهولة نسبيا من خلال تدابير مثل العزل الذاتي والنظافة الشخصية.
“معاداة المثليين”
وفي هذا الإطار، حذر برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز، من أن التعلقيات التي وصفتها بـ”المسيئة العنصرية والمعادية للمثليين” التي تسجل أحيانًا بشأن جدري القرود قد “تقوض بسرعة جهود مكافحة الوباء”.
وتتعلق نسبة كبيرة من مئات حالات جدري القرود التي أكدتها منظمة الصحة العالمية أو السلطات الصحية الوطنية، بمثليين أو مزدوجي الميول الجنسية، كما أشار البرنامج موضحا أن العدوى تنتقل عن طريق الاتصال الوثيق بشخص مريض وبالتالي “يمكن أن يصاب به الجميع”.
وقال ماثيو كافانو نائب مدير برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز: “هذه الوصمات والملامات تقوض الثقة والقدرة على مواجهة تفشي هذا المرض، بفاعلية”.
وترى وكالة الأمم المتحدة التي تستند إلى خبرتها الطويلة مع مرض الإيدز أن هذا النوع من الخطاب يمكن أن يقوض بسرعة كبيرة الجهود القائمة على العلم والحقائق العلمية لمكافحة المرض.
تحول في تصريحات بايدن
الرئيس الأمريكي جو بايدن أوضح أنه لا يتوقع أن يكون الانتشار الواسع لفيروس “جدري القردة” بنفس خطورة جائحة “كوفيد-19″، وذلك في تحول كبير بتصريحات له قبل يوم قال فيها إن على الناس أن تقلق من هذا الفيروس.
وقال بايدن في مؤتمر صحفي بالعاصمة اليابانية، طوكيو: “لقد كان لدينا حالات من جدري القردة في الماضي، ولدينا لقاحات للتعامل معه”، مردفا: “لا أعتقد أن خطره يرقى لمستوى الخطر الذي فرضه كوفيد-19″، لكنه دعا الناس إلى “الحذر”.
وكان بايدن قد قال، أمس الأحد، إن على الجميع أن يقلق جراء تفشي جدري القردة، وقال في تصريحات لـCNN: “لم يخبروني بمستوى الانتشار بعد، لكنه أمر يجب على الجميع أن يقلق حياله”، حسب تعبيره.
وأضاف الرئيس الأمريكي: “نحن نعمل بجد لمعرفة ما يجب فعله وما اللقاح الذي يجب أن يُستخدم، إذا كان هناك لقاح من الأساس، إنه أمر مثير للقلق لأنه إذا انتشر بشكل واسع فإن عواقبه ستكون كبيرة، حسبما قالوا لي”.
المغرب يتحرك استباقيا
ةأصدرت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية دليلا للتوعية بمرض جدري القرود الذي بدأ ينتشر في عدة دول، خاصة الأوروبية، فيما دعت لضرورة الإبلاغ عن أي حالة مشتبه بها أو محتملة على الفور إلى السلطات الصحة من أجل عرضها على التشخيص الطبي.
وأوضحت وزارة الصحة ضمن ورقة تحت عنوان “الخطة الوطنية لمراقبة وتتبع فيروس جدري القرود”، أن الأخير مرض فيروسي حيواني المنشأ يحدث بشكل رئيسي في مناطق الغابات الاستوائية المطيرة في وسط وغرب إفريقيا، مع امكانية أن ينتقل هذا الفيروس في حالات معينة من الحيوانات للإنسان.
وأشارت الورقة، التي اطلعت جريدة “العمق” على نسخة منها، إلى أنه يمكن أن يحدث الانتقال من حيوان إلى إنسان من خلال الاتصال المباشر بالدم، أو سوائل الجسم، أو آفات الجلد أو الأغشية المخاطية للحيوانات المصابة، مبرزة أنه يمكن أن ينجم انتقال العدوى من إنسان إلى آخر عن الاتصال الوثيق بإفرازات الجهاز التنفسي أو الآفات الجلدية لشخص مصاب أو أشياء ملوثة حديثًا.
وشددت الورقة على أن انتقال الرذاذ التنفسي يتطلب عادةً الاتصال المباشر وجهاً لوجه، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من تعريض العاملين في قطاع الصحة أو أفراد أسرة المصاب للإصابة، مشيرة إلى الأعراض تتشابه مع تلك التي لوحظت في الماضي لدى مرضى الجدري، على الرغم من أنها أقل حدة من الناحية السريرية.
تلقيح قرود “جامع الفنا”
وقامت السلطات المحلية بمدينة مراكش، بمراقبة وإحصاء القردة المتواجدين بساحة جامع الفنا، والتي تستعمل للتنشيط في “الحلقة”، للوقوف على سلامة صحتها ورصد الملقح منها.
ويأتي هذا الإجراء في إطار الخطوات الاستباقية الاحترازية بعد تفشي فيروس “جدري القردة” في العالم، خاصة الدول المجاورة والتي يتوافد عدد كبير منها على المغرب، كإسبانيا والبرتغال وفرنسا وبلجيكا.
وحسب ما ذكرته مصادر متطابقة، فإن السلطات المحلية بساحة جامع الفنا، تواصلت مع أصحاب القردة لمعرفة احترام مروضيها “بروتوكول” تلقيح القردة ضد السعار المعمول به منذ سنوات.
فيما لم يصدر عن أي جهة رسمية، سلطات محلية، أو مركز حفظ الصحة التابع للمجلس الجماعي للمدينة، أية معطيات دقيقة، تكشف عدد القردة الملقحة وغير الملقحة، أو تبيان مدى فعالية اللقاح المستخدم ضد سعار الكلاب مع فيروس جدري القردة.
يتنشر لدى المثليين
كشف الطبيب المغربي والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، أن حالات الإصابة بجدري القردة المسجلة في العديد من البلدان خلال الأسابيع الأخيرة “لا تدعو للقلق بالنسبة للمغرب والعالم في الوقت الحالي”، مشيرا إلى أنه تم اكتشاف المرض عند الرجال، خاصة من المثليين.
جاء ذلك في مقال نشره الطيب حمضي تحت عنوان “الوضع والإنذارات الصحية يجب مراقبتها ومتابعتها، لكن ليست هناك دواعي للقلق في الوقت الحالي بالنسبة للمغرب وللدول الأخرى”.
وأضاف الباحث في السياسات والنظم الصحية، أن أصل المرض فيروس حيواني، قد ينتقل من الحيوان إلى الإنسان ويتسبب في بعض الأعراض، مبرزا أن هذه الحالات كانت تظهر خاصة في إفريقيا ونادرة الحدوث في الولايات المتحدة الأمريكية في العقود الماضية.
وتتجلى أعراض المرض، عادة، في ثلاثة أعراض، وهي الزكام وانتفاخ الغدد اللمفاوية وطفح جلدي يظهر على شكل تقرحات في جلد الإنسان مثله مثل أعراض جدري الماء “بوشويكة” أو مرض الجدري الذي تم القضاء عليه بصفة نهائية قبل 40 سنة بفضل اللقاحات.
وأشار الدكتور حمضي إلى أنه تم اكتشاف المرض عند الرجال، خاصة من المثليين، مبرزا أن انتقال المرض يحدث من الحيوان إلى الإنسان أو من الإنسان إلى الإنسان بشكل نادر، عن طريق الهواء أو الاختلاط بالسوائل البيولوجية من الحيوان المصاب أو عن طريق الجهاز التنفسي.
وبحسب الدكتور الطيب حمضي فإنه “حاليا لا نتوفر على علاج وليس لدينا تلقيح خاص بالمرض، فلقاح مرض الجدري الذي كان يستعمل في الماضي، لم يعد ينتج بما أنه تم القضاء على هذا المرض”.
بلجيكا تطبق الحجر الصحي
قررت بلجيكا تطبيق الحجر الصحي الإجباري لمدة 21 يوما وذلك للحد من انتشار مرض جدري القرود، بعد تأكيد 15 دولة حتى الآن تفشي المرض الفيروسي بها بحسب ما ذكرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
وقالت السلطات الصحية البلجيكية إن الذين أصيبوا بالفيروس سيضطرون الآن إلى عزل أنفسهم لمدة 3 أسابيع، بعد تسجيل 3 حالات إصابة في البلاد، مشيرة إلى أن “جميع الإصابات التي سجلت أولها الجمعة الماضي، ترتبط بمهرجان في مدينة أنتويرب الساحلية البلجيكية”.
وأعلنت بلجيكا قرار الحجر في الوقت الذي حذر فيه الأطباء من أن بريطانيا تواجه زيادة “كبيرة” في الإصابات بجدري القرود وأن استجابة الحكومة “أساسية” في احتواء انتشاره.
اترك تعليقاً