مجتمع

استفادت منه شركة خاصة.. الفرقة الوطنية تحقق في قضية تفويت جماعة مراكش لعقار

علمت جريدة “العمق” أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، حركت تحقيقاتها وأبحاثها في موضوع تفويت عقاري شابته “واختلالات كبيرة” بعد تحويله من عقار فوته المجلس الجماعي لمراكش لشركة خاصة للقيام بمشروع سياحي استثماري، لتقوم الأخيرة بتحويله إلى تجزئة سكنية.

وحسب مصدر متتبع، فإن وكيل الملك بمحكمة الاستئناف بمراكش، قد أصدر تعليماته للفرقة الوطنية، من أجل التحري والبحث، وجمع كافة الوثائق المتعلقة بملف القضية، من المؤسسات العمومية التي مرت منها مساطر التفويت، والتي منحت الترخيص للشركة المعنية لبناء تجزئة سكنية بدلا عن المشروع السياحي.

ويضيف مصدر الجريدة، أن الملف عرف “مناورات وتحايل”، مع المجالس الجماعية المتعاقبة على تسيير مدينة مراكش، منذ حصول الشركة المستفيدة من تمليك العقار، سنة 1988، إلى حين حصولها مع المجلس الجماعي لمراكش السابق، على رخصتين  للبناء، تتعلق الأولى، بإحداث الشطر الأول  من تجزئة سكنية، والثانية، ببناء عمارة نموذجية.

وإضافة إلى كون التفويت كان يهم إنشاء مشروع سياحي يروج المدينة اقتصاديا ويخلق مناصب شغل، فقد أضحى بعد “تلاعبات” مشروعا سكنيا ستستفيد منه شركة خاصة، بعد أن وصل مبلغ المتر المربع الواحد اليوم، بمنطقة العقار المذكور، ما بين 30 و35 ألف درهم، كونه يقع بمنطقة جليز القلب النابض لمدينة مراكش، الأمر الذي اعتبر هدية من ذهب وضعت في فم شركة خاصة.

بداية القصة..

بتاريخ 22 دجنبر 1986، تقدمت شركة ” المنصور بلاص ” بطلب إلى رئاسة المجلس البلدي لمدينة مراكش تطلب من خلاله تفويت قطعتين أرضيتين تابعتين للملك الخاص لجماعة مراكش، يتواجدان بزاوية شارع مولاي الحسن وشارع جون كنيدي، ويتعلق الأمر بقطعتين أرضيتين مجاورتين مساحة الأولى 25836/م2 ذي الرسم العقاري 2574، ومساحة الثانية 16842 /م2، ذي الرسم العقاري عدد 17269، وتبلغ مجموع مساحتها 42678 متر مربع.

وحسب المعطيات التي جمعتها الجمعية المغربية لحماية المال العام، الفرع الجهوي مراكش آسفي، فإن طلب الشركة، كان يشير إلى أنها تنوي إنجاز مركب سياحي من الدرجة الممتازة يحتوي، على 250 جناح، أربعة ملاعب كرة المضرب، صونا، مسبح أولمبي، قاعة للعرض، مركز تسلية اقتصادي اجتماعي، ومحلات تجارية.

وقد بلغت التقديرات الأولية للشركة لإنجاز المشروع، كما جاء في طلبها المعروض على المجلس الجماعي لمراكش، غلافا ماليا يقدر بما يفوق تسعة ملايير سنتيم.

الداخلية ترفض التفويت

تضيف الوثائق المذكورة، أن الطلب عرض على أنظار لجنة التقويم الإقليمية بتاريخ 24/4/1987 حيث حددت ثمن المتر المربع في 150 درهم، لكن ونظرا لكون مدينة مراكش، حسب نفس اللجنة، في حاجة للإنعاش السياحي فإنها اقترحت أن يكون ثمن التفويت هو 100 درهم للمتر مربع الواحد، كما عرض نفس الموضوع على لجنة الدراسات والتخطيط خلال اجتماعها المنعقد بتاريخ 28 مارس 1988، حيث وافقت اللجنة على الطلب.

وبتاريخ 16 مارس 1988 توصل المجلس البلدي للمدينة برسالة عامل مدينة مراكش تحت عدد 4400، جوابا على رسالة موجهة إليه من طرف المجلس البلدي، جاء في جواب العامل، ما يلي: “إن اللجنة التي ترأسها السيد عامل إقليم مراكش، والتي انتقلت إلى عين المكان قد أقرت بعدم خضوع هذه القطعة إلى أي تفويت أو معاوضة أو ما شابة ذلك”.

مجلس الوفا يصادق..

بالرغم من ذلك، فقد صادق أعضاء المجلس الجماعي لمراكش، الذي كان يرأسه الاستقلالي الراحل والوزير السابق محمد الوفا، في دورة أبريل سنة 1988، بأغلبية، على التفويت، بدعوى أن مدينة مراكش في حاجة للمشاريع المربحة اقتصاديا وسياحيا، وأن الطاقة الاستيعابية لهذا المركب السياحي سيشغل يد عاملة لا بأس بها من أبناء المدينة.

وكان عدد الحاضرين في الدورة، أثناء التصويت، وفق ذات الوثائق، هو 25 عضوا، 22 منهم صوتوا لصالح التفويت، فيما رفض اثنين منها، وامتنع عضو واحد.

متابعة حقوقية..

في هذا السياق، قال الفرع الجهوي مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام، إن القضية المذكورة، تتعلق بتبديد الرصيد العقاري العمومي تحث ذريعة الاستثمار، من خلال تواطؤ موظفين ومسؤولين عموميين على ارتكاب أفعال خطيرة معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي.

وقالت ذات الهيئة إن المجالس المنتخبة المتعاقبة على تدبير مدينة مراكش قد أمعنت في تفويت العقار العمومي وتبديد وهدر أموال عمومية، مقابل اغتناء بعض الأشخاص الذين استفادوا من تلك التفويتات المشبوهة، تحت غطاء قرارات صادرة عن تلك المجالس وتفويت فرص التنمية والتشغيل والاستثمار على ساكنة المدينة.

مطالب بالمتابعة

ووفق المعطيات المتوفرة لحماة “المال العام”، فإن القضية عرفت تحايلا على القوانين والمساطر، وتم إفراغ المقررات الجماعية من محتواها وتحريف مضمون قرارات رسمية تم الإجهاز على العقار العمومي، الذي قيل بداية بأنه موجه لخدمة التنمية والسياحة والتشغيل والاستثمار لينتهي بخدمة مصالح خاصة وتبديد المال العام وتنمية ثروات البعض ضدا على المصالح العليا والحيوية لمدينة مراكش .

في هذا الصدد طالبت وكيل الملك بمحكمة الاستئناف بمراكش، بإصدار تعليماته إلى الشرطة القضائية المختصة قصد الاستماع إلى إفادات كل الرؤساء الذين تعاقبوا على تسيير المجلس الجماعي لمدينة مراكش منذ سنة 1988 إلى حدود الآن والذين لا يزالون على قيد الحياة.

كما طالبت بالاستماع إلى للممثل القانوني لشركة “المنصور بلاص” والذي تقدم بطلب اقتناء العقار موضوع الشكاية لإنجاز مركب سياحي وكل شخص داخل الشركة المذكورة قد يكون مفيدا لإظهار الحقيقة وتحقيق العدالة.

والاستماع أيضا إلى أعضاء بعض اللجان والمجلس البلدي الذين لهم دور في تفويت العقار موضوع الشكاية، بما في ذلك الممتنعين عن التصويت خلال دورة أبريل 1988، فضلا عن المهندسين والتقنيين وغيرهم، والمحافظ على الأملاك العقارية بمراكش المنارة، وحجز كافة الوثائق ذات الصلة بالقضية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *