عمرها 5000 عام .. العثور على أقدم شجرة في العالم

قد يفاجأ البعض بالحديث عن أعمار بطول قرون، متجاوزة بذلك متوسط عمر الإنسان بآلاف الأضعاف. ففي حين أن البشر قد يكون لديهم “حد مطلق” يبلغ 150 عاما، إذا استثنينا الحالات التي وردت في القرآن الكريم، نجد أن عالم الحيوانات والنباتات يقدم نماذج يصبح معها عمر الإنسان مجرد نقطة في بحر.
وتقدم الأشجار حالات يعد فيها عمرها بآلاف السنين، وفي كل مرة يكتشف العلماء شجرة تحطم الرقم القياسي لشجرة معمرة قبلها.
وتدارس العلماء مسألة العمر الطويل، وحاولوا تفسيرها، فيما يحدث الناس عن أساطير لأشجار خالدة استفادت من “إكسير الحياة”.
وحسب “سي ان ان بالعربية”، تمكن العلماء من تحليل عمر شجرة سرو ضخمة، قد تكون أقدم شجرة في تشيلي، تُعرف الشجرة باسم “غران أبويلو”. وحسب نفس المصدر، يقدر العلماء أنها تبلغ من العمر 5000 عام، ما سيجعلها أقدم من الشجرة حاملة اللقب الحالي، “ميثوسيلا”، التي يبلغ عمرها 4500 عام وتقع في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
هل هي خالدة؟
حسب موقع ” العِلم” بعض الصنوبريات وأشجار أخرى يمكنها نظريًّا أن تعيش إلى الأبد، وذلك وفقًا لمقال نُشِر مؤخرًا يستعرض الأدلة المتراكمة على وجود أشجار معمرة للغاية، ويدعو المقال إلى استعمال نُهُج علمية أكثر إحكامًا من الناحية العلمية في تحديد أعمار هذه الأشجار ودراسة ظاهرة تعميرها.
بصفة عامة، حسب نفس المصدر، لا تموت الأشجار بقدر ما تتعرض للقتل، وفقًا لمؤلفي المقال المرجعي الذي يحمل عنوان “حول ظاهرة تعمير الأشجار”، ما يقتل الأشجار هو عوامل خارجية فيزيائية أو بيولوجية، وليس التقدم في العمر وحده، بعبارة أخرى، لا توجد أدلة على تراكم التحورات الجينية الضارة بمرور الوقت أو أن الأشجار تفقد قدرتها على إنتاج أنسجة جديدة.
يقول فرانكو بيوندي، أحد مؤلفي الدراسة وعالِم المناخ الإيكولوجي والمتخصص في حلقات الأشجار بجامعة نيفادا بمدينة رينو، حسب المصدر نفسه: “يمكن للأشجار بالفعل أن تعيش إلى أجل غير مسمى، لكن هذا لا يحدث؛ لأن عنصرًا خارجيًّا، بيولوجيًّا أو لابيولوجي [أي كائنًا حيًّا أو غير حي مثل الظروف الفيزيائية]، يقتلها في نهاية المطاف”.
وكتب بيوندي وجيانلوكا بيوفيسان، من جامعة توشا في إيطاليا -الذي شاركه كتابة المقال- قائلَيْن: إن العوامل القاتلة للأشجار تتضمن أخطارًا بيئية، منها الجفاف وحرائق الغابات والظروف الجوية القاسية والآفات، إلى جانب أخطار بشرية، منها قطع الأشجار وإشعال الحرائق لإزالة الغابات لأغراض الصيد أو تحويلها إلى مراعٍ، نُشِر مقال المؤلفَيْن في عدد أغسطس الصادر من دورية «نيو فايتولوجيست» New Phytologist.
يهتم الباحثون بظاهرة تعمير الأشجار، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أن الأشجار والنباتات الأخرى تمتص الكربون من الغلاف الجوي للقيام بعملية البناء الضوئي، ويُعتقد أن الأشجار الأكبر سنًّا تخزن كميةً أكبر من الكربون مقارنةً بالأشجار الأحدث سنًّا.
وحسب “اليوم السابع”، في مقال شهر غشت 2020، كشف الباحثون، أن أقدم الأشجار في العالم ليست خالدة ولكن لديها طرق تقلل من آثار الشيخوخة على مدى آلاف السنين، حيث توصل عالم أحياء نباتي في تقرير إلى أن أقدم الأشجار في العالم ليست خالدة، لكنها تتقدم في العمر ببطء شديد.
وفقا لما ذكرته صحيفة “ديلى ميل” البريطانية، حسب نفس المصدر، فالتغيرات الهرمونية الحتمية تؤدي في النهاية إلى قيود ميكانيكية وموت، مشيراً إلى دراسة حديثة عن نباتات الجنكة، وهي واحدة من أطول الأشجار في العالم.
وقال أستاذ البيولوجيا النباتية، سيرجي مونيه بوش في جامعة برشلونة، الذي يفصل معدل وفيات الأشجار في بحث جديد: “إن قياس الوقت هو شيء اخترعناه كبشر”، مضيفا “عندما نحاول دراسة هذه الكائنات الحية ، نشعر بالدهشة حقًا لأنها تعيش طويلًا ، لكن هذا لا يعني أنها خالدة.
وأوضح مونيه بوش، “إنهم يعيشون لفترة طويلة لأن لديهم العديد من الآليات للحد من الكثير من البلى من الشيخوخة.”
و تتمتع الأشجار بمجموعة متنوعة من الطرق لتقليل فرص الوفاة بسبب الشيخوخة، بما في ذلك بناء الحياة عند الموت عن طريق زراعة براعم جديدة من جذوع تتكون من 90 في المائة من الكتلة الحيوية غير الحية.
والواقع أن الأشجار المعمرة، مثل الجنكة والصنوبر، تتكون في الغالب من الأنسجة الميتة، خاصة عندما تكبر.
ولكن على الرغم من أساليبهم المتطورة جيدًا لإطالة عملية الشيخوخة، إلا أنهم لا يزالون يخضعون لضغوط فسيولوجية مرتبطة بالشيخوخة، مما سيمنع الخلود في النهاية.
كيف يقاس عمر الأشجار؟
علم تحديد أعمار الأشجار هو طريقة علمية لتحديد العمر تعتمد على تحليل أنماط “حلقات الشجرة”، والتي تعرف أيضاً بحلقات النمو. يحدد علم تحديد أعمار الأشجار الزمن الذي بدأت فيه الحلقات في التشكّل، في العديد من أنواع الخشب، بدقة تصل إلى تحديد السنة التقويمية للشجرة. وحسب ويكيبيديا، في بعض المناطق في العالم، بالإمكان تحديد تواريخ الخشب إلى حوالي 1000 سنة إلى الوراء أو أكثر. حالياً، الحد الأقصى لتسلسل الزمني هو فوق ال 11,000 بقليل .
وحسب الموسوعة العربية، يهتم علماء التأريخ الشجري بدراسة التتالي الزمني في المقطع العرضي لحلقات الشجرة أو في الأخشاب، حيث تظهر حلقات النمو السنوية بوضوح.
وعلى الرغم من تشابه جميع الحلقات، حسب الموسوعة، إلا أنها تبيّن خصائص مختلفة من نماذج النمو الشجري بزيادة كل من الارتفاع والقطر، وهذا النمو نتيجة النشاط الخلوي لأشكال الكامبيوم الوعائي vascular cambium المسؤول عن زيادة النمو القطري، فنمو الخشب (الزيلم) xylem لعام ما يتوضع إلى الخارج من نمو الأعوام التي سبقته، ويظهر على شكل حلقة في المقطع العرضي.
وحسب نفس المصدر، تتألف حلقة النمو السنوية من حزمتين من الخلايا المتباينة ، هما خشب الربيع (الخشب المبكر early wood) وخشب الصيف (الخشب المتأخر late wood)، حيث تؤلف حزمة الخلايا الفاتحة اللون الخشب المبكر الذي يتشكل في فصل الربيع وبداية الصيف عندما يكون الماء متوفراً، وتكون خلايا الخشب هذه رقيقة الجدران ذات قطر كبير. أمّا الخشب المتأخر الذي ينتج في الصيف وبداية الخريف؛ فتكون خلاياه أصغر نوعاً ما من خلايا الخشب المبكر، وجدرانها أكثر ثخانة، ولمعتها أقل بكثير؛ مما يعطي الخشب المتأخر لوناً أغمق من الخشب المبكر. ويتوقف إنتاج الخشب مع نهاية فصل النمو حتى ربيع السنة التالية، حيث يبدأ الكامبيوم من جديد بإنتاج خلايا كبيرة الحجم رقيقة الجدران مشكلة تبايناً واضحاً مع خلايا الخشب المتأخر الداكن اللون للسنة السابقة وملاصقة له من الخارج؛ الأمر الذي يرسم حدود حلقة السنة الجديدة.
وحسب نفس الموسوعة، العاملان الأساسيان المؤثران في عرض حلقة النمو الشجري هما توفر الماء والدفء في فصل النمو، فالفصل الدافئ والرطب يؤدي إلى تشكل حزم نمو عريضة فاتحة اللون في معظم الأشجار الدائمة الخضرة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ويكون عرض الحلقات متوافقاً مع طول فصل النمو المفضل، وتنتج فصول الصيف الجافة حلقات ضيقة؛ على الرغم من أن استجابة الأشجار لعوامل النمو تختلف بحسب الأنواع، وتعتمد أيضاً على عوامل أخرى مثل وفرة المغذيات والضوء، وهذا يمكن تعميمه على معظم أنواع الصنوبريات في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. إن العمل مع النباتات النفضية (متساقطة الأوراق) أكثر صعوبة؛ لأن الخشب المتأخر لا يختلف كثيراً عن الخشب المبكر، ولتمييز حلقات النمو السنوية لا بد من فحص الخلايا نفسها
اترك تعليقاً