إليك كيف تم تقدير عمر “الجد الأكبر” للأشجار الحية حتى اليوم

تعتبر شجرة “غران أبولو”، وتعني باللغة الإسبانية الجد الأكبر، أقدم شجرة حية معروفة على وجه الأرض حتى اليوم.

والشجرة العملاقة التي تستوطن حديقة في الشيلي يقدر عمرها اليوم بـ 5400 سنة، وما تزال تطمح في شموخ يبهر زوارها إلى المزيد، وهي تقاوم المخاطر التي تهددها من جراء السياحة والتغيرات المناخية.

لكن الشجرة سبق وأعطيت لعا أعمار أقل مما منح لها اليوم، والذي تم التوصل إليه بفضل النموذج الحاسوبي الذي طوره عالمان.

فما هي التقنية الجديدة التي مكنت من حل لغز “الجد الأكبر” للأشجار الحية اليوم عبر العالم؟

حوالي 5400 عام

حسب الجزيرة نت، طور باحثان، أحدهما من جامعة كولومبيا في نيويورك، والآخر من جامعة أوسترال في تشيلي نموذجا حاسوبيا لتقدير عمر شجرة “غران أبولو” (Gran Abuelo)، وهو اسم يعني بالإسبانية “الجد الأكبر”، والتي توجد في حديقة أليريس كوستيرو الوطنية في تشيلي، وأظهرت النتائج أنها يمكن أن تكون أقدم شجرة في العالم، وأنها ربما وجدت منذ قرون عديدة مضت.

ويقترح النموذج الحاسوبي المطور أن عمر الشجرة العملاقة “غران أبولو” التي ترتفع في واد بجبال الأنديز التشيلية يقدر بحوالي 5400 عام. وفي حال تأكيد هذا التاريخ فستكون هذه الشجرة أقدم بحوالي 600 عام من شجرة “ميثوسيلا” (Methuselah) في ولاية كاليفورنيا الأميركية التي تحمل الرقم القياسي الرسمي الحالي كأقدم شجرة في العالم حتى يومنا هذا، وهي شجرة صنوبر ذات “أحواض كبيرة” (Pinus longaeva)

كيف تم حساب عمر غران أبولو؟

حسب المصدر السابق، ووفقا لتقرير نشر على موقع “لايف ساينس” (Live Science) فقد أوضح “إد كوك”، المدير المؤسس لمختبر حلقات الأشجار في “مرصد الأرض لامونت دوهرتي” (Lamont-Doherty Earth Observatory) التابع لجامعة كولومبيا الأميركية في نيويورك؛ فإن “الطريقة الوحيدة لتحديد عمر الشجرة بدقة هي عن طريق حساب الحلقات الشجرية، وهذا يتطلب وجود جميع الحلقات أو حسابها”

وقد كان يُعتقد في البداية أن غران أبولو -وهي شجرة صنوبر ترتفع 60 مترا فوق أرضية الغابة الضبابية في حديقة أليريس كوستيرو- تبلغ من العمر حوالي 3500 عام، علما أنه لم يتم تحليل عمرها بشكل منهجي، وإنما تم تقديره بشكل تقريبي بحت.

وبحلول عام 2020، قام كلّ من جوناثان باريشيفيتش عالم المناخ والبيئة العالمية في “مختبر علوم البيئة والمناخ” (Climate and Environmental Sciences Laboratory) في باريس، وزميله أنطونيو لارا أستاذ الغابات والموارد الطبيعية بجامعة أوسترال في تشيلي؛ باستخدام تقنية غير مدمرة لحفر نواة صغيرة من الشجرة، وتمكنوا من إحصاء ما يعادل 2465 عاما من حلقات الشجرة.

إلا أن الحفار لم يتمكن من الوصول إلى مركز قُطر الشجرة البالغ 4 أمتار، مما يعني أنهم لم يتمكنوا من الحصول على كامل عدد حلقات الشجرة.

ولحساب السنوات المتبقية من النمو، طور فريق باريشيفيتش ولارا نموذجا رياضيا أخذ بعين الحُسبان معدلات النمو المختلفة تبعا للمنافسة بين الأنواع النباتية، إضافة إلى التقلبات في البيئة والمناخ.

وأوضح باريشيفيتش أنه وفقا لنتائج المحاكاة بالنموذج المطور؛ فإن عمر الشجرة يقارب 5400 عام. كما أنها يمكن أن تكون أقدم شجرة على الإطلاق إذا زاد الرقم على ذلك. وأظهر النموذج أن عمر الشجرة يمكن أن يتجاوز 5 آلاف عام، وذلك بنسبة 80%، كما أن أقل عمر وفق التوقعات هو 4100 عام

وبالعودة إلى قانون بيولوجي يعرف باسم مقايضة النمو والعمر، تشير هذه المقايضة إلى أن الأنواع بطيئة النمو تميل إلى العيش لفترة أطول. وأوضح باريشيفيتش أن “غران أبولو” تنمو ببطء بشكل لا يصدق مقارنة بغيرها من الأشجار العملاقة.

الشجرة مهددة

وأوضح باريشيفيتش أن مستقبل هذه الشجرة التي تمكنت من النجاة والاستمرار منذ آلاف السنين بات في خطر، وذلك بسبب السياحة والآثار الناجمة عن التغير المناخي. وكانت “غران أبولو” محاطة بممر مشاة ضيق يسحق آخر جذورها الحية، كما أن عددا لا يحصى من السياح الذين يأتون لرؤية الشجرة كل عام يتسببون بإلحاق مزيد من الضرر عندما يمرون من ذلك الممشى

أضف إلى ذلك أن تغير المناخ وما يصاحبه من جفاف لمدة 10 سنوات قد أثر سلبا على الشجرة العملاقة. وأشار باريشيفيتش إلى أن شجرة ثانية كانت قد بدأت بالنمو من قمة “غران أبولو” قد بدأت بالموت الآن.

ولحماية غران أبولو من المزيد من الضرر، اقترح باريشيفيتش وزملاؤه وضع حاجز بارتفاع 3 أمتار حول الشجرة لمنع الناس من الاقتراب أكثر من اللازم. كما أوصوا بتحريك الممشى بعيدا عن الجذر القديم للشجرة.

وتجدر الإشارة إلى أنه لم يتم نشر البيانات الأساسية للنموذج الحاسوبي المطور بشكل علني بعد، ولم يتم بعد إرسالها إلى أي دورية علمية محكمة.