منوعات

منها السلاحف .. دراسة تفسر طول العمر لدى الحيوانات ذوات الدم البارد

حب الحياة غريزة متأصلة في النفوس، وقد دفعت بالبشر في كثير من الثقافات إلى البحث عن “إكسير الحياة” الذي يمنحها “الخلود” او استدامة الشباب.

وإذا كان أعمار البشر تقاس في المعدل بما يقرب من 150 سنة، فهي تسجل عند غيره أرقاما لا يصدقها عقله اللاهث خلف سراب “الخلود” أو “الشباب الدائم”.

ولعل “إكسير الحياة” الذي يبحث عنه البشر في عالم الغرائب والخرافات والأساطير تتمتع به كثير من الكائنات، والتي منها الحيوانات “ذوات الدم البارد” التي تعمر طويلا.

وتقتحم دراسة جديدة عالم الأعمار الطويلة لتلك الحيوانات، لتفسر سر طول عمرها. فماذا كانت النتيجة؟

حيوانات أطول عمرا

حديثا، حسب الجزيرة نت، قامت دراسة ضمّت 114 عالما بالبحث عن أسباب ظاهرة طول العمر في 107 من مجموعات الكائنات البرية، تمثل 77 نوعا مختلفا، وقد نُشرت الدراسة في دورية “ساينس” (Science) في 23 يونيو الجاري.

وتعدّ هذه أول دراسة تركز على فهم ظاهرة طول العمر والشيخوخة بهذا التفصيل، وقد اعتمدت الدراسة على تجميع وتحليل البيانات المقدر عمرها بعقود من الزمن، وتتعلق بكيفية تنظيم جسم الحيوان لدرجة الحرارة، وبيانات درجة حرارة البيئة، والخصائص المميزة للكائنات ووتيرة الحياة.

ومن بين 30 نوعا من الفقاريات المعروفة بقدرتها على البقاء على قيد الحياة أكثر من 100 عام، كان 26 منها فقط “خارجي الحرارة” (Ectotherms)، أي إن هذه الكائنات -مثل الزواحف والبرمائيات- تعتمد على مصادر الحرارة البيئية لأن مصادرها الفيسيولوجية الداخلية للحرارة قليلة نسبيا، ولذا فقد اهتم العلماء بمعرفة الكيفية التي تتجنب بها هذه الكائنات على وجه الخصوص الموت لفترات طويلة.

شيخوخة بطيئة

وحسب نفس المصدر، كشفت النتائج عن ارتباط عدد من العوامل ببطء الشيخوخة مثل السمات الفيزيائية أو الكيميائية التي تحمي الأنواع، كالدروع الصلبة أو العمود الفقري أو الأصداف أو اللدغات السامة.

وطبقا للتقرير الذي نشره موقع “ساينس ألرت” (Science Alert)، تقول بيث رينك، عالمة الأحياء التطورية في جامعة “نورث إيسترن إلينوي” (Northeastern Illinois University) والباحثة الأولى في الدراسة، إن “آليات الحماية المختلفة تلك تقلل من معدل وفيات الحيوان، ومن ثم تستطيع هذه الحيوانات العيش مدة أطول، وقد يُنتَقى هذا الأمر عبر الأجيال المتعاقبة من الحيوانات مما يؤدى إلى تطور نمط ظاهري يمتاز بالشيخوخة البطيئة”.

وتضيف رينك قائلة إن “من المثير القول إن بعض الأنواع لا تتقدم في العمر على الإطلاق، غير أن احتمال موتها يبقى قائما مع تقدمها في العمر”.

ولتبسيط الأمر، فلو أن احتمال موت الحيوان كان واحدا لكل 100 فرد وهو في سن العاشرة، وظلت هذه النسبة قائمة وهو في سن الـ90، فإن هذه شيخوخة لا تذكر. ولمقارنة الأمر بالإنسان، فإن احتمال وفاة الإناث في الولايات المتحدة تكون بنسبة واحدة لكل 2500 وهن في سن الـ20، وتصبح هذه النسبة واحدة لكل 24 وهن في عمر الـ80 عاما.

وقد لاحظ العلماء وجود هذه الشيخوخة البطيئة في نوع واحد على الأقل من كل مجموعة من مجموعات الكائنات الخارجية الحرارة، بما في ذلك الضفادع والسمندل والسحالي والتماسيح والسلاحف.

تعارض مع الفرضيات السابقة

وعلى الرغم من ذلك، فلم تؤيد الدراسة الفرضية الأخرى التي تعزو السبب في طول العمر إلى تبنّي هذه الحيوانات عمليات تمثيل غذائي أقل واعتمادها على مصادر خارجية للحرارة من أجل تنظيم درجة حرارة الجسم الداخلية (كما تفعل الحيوانات ذوات الدم البارد).

كما وجدت الدراسة أن الحيوانات الخارجية الحرارة قد تعيش عمرا أطول أو أقصر بكثير من نظيراتها من الكائنات المماثلة لها في الحجم من ذوات الدم الحار، ومن ثم فإن هذا التباين في معدلات الشيخوخة وطول العمر يعدّ أكبر بكثير مما هو عليه في الطيور والثدييات. ولذا، فإن الدراسات السابقة قد اقتصرت على السلاحف البرية التي تشيخ ببطء ويرتبط فيها انخفاض معدل التمثيل الغذائي بطول العمر.

كما تذكر آن برونيكوفسكي، عالمة الأحياء التطورية في “جامعة ولاية ميشيغان” (Michigan State University) والمشاركة في الدراسة، أن النمط الظاهري المُعَدَّل من أصداف صلبة “من المحتمل أن يوفر حماية للحيوانات تسهم في تطور نمط حياتها، وقد يكون أدى إلى ظهور هذه الشيخوخة البطيئة وطول العمر الاستثنائي”.

ومن ثم، فإن هذه الدراسة تشير إلى أن خصائص الحيوان الشكلية والفيزيائية والكيميائية تعدّ لاعبا رئيسا في تحديد طول العمر وبطء الشيخوخة، وذلك على النقيض مما طال افتراضه بأن انخفاض معدل التمثيل الغذائي والاعتماد على الحرارة من خارج الجسم هما السبب في ذلك. وهذه النتيجة ستساعد على فهم آليات الشيخوخة لدى البشر في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *