مجتمع

خبير مغربي: باستثناء قمتي مراكش وباريس قمم المناخ فشلت في كبح عنف الظواهر المناخية

الجفاف، ارتفاع درجات الحرارة بأرقام قياسية، حرائق الغابات، ندرة المياه، انقراض أنواع من الكائنات الحية وأخرى في طريقها للانقراض، كلها نتائج أرجعها خبراء علم المناخ إلى تداعيات التغيرات المناخية التي دق المنتظم الدولي ناقوس الخطر بشأنها منذ سبعينيات القرن الماضي.

تداعيات لم تقتصر على دول دون أخرى، بل صارت تهدد معظم دول العالم وكائناته، من شمالها إلى جنوبها، وسبق أن اجتمعت أزيد من 190 دولة حول العالم في قمة الأرض بريو دي جانيرو 1992، دقت خلالها ناقوس الخطر ووضعت اتفاقية اعتبرت المرجع لكل القوانين والاستراتيجيات التي يجب على الدول الالتزام بها للحد من تداعيات تغير المناخ. لكن الواقع الذي تعرفه الأرض اليوم يفسر تعنت العديد من دول العالم وعدم التزامها بالقواعد التي من شأنها كبح النتائج السلبية لتغير المناخ.

هل فشل العالم في مواجهة تداعيات تغير المناخ؟

يقول الخبير في المناخ والتنمية المستدامة محمد بنعبو في تصريحه لجريدة “العمق”، “إذا أردنا أن نعرف ما إذا فشلنا أم لا في مواجهة نتائج التغيرات المناخية، يجب أن نفكر جيدا في بروتوكول مونتريال المتعلق بطبقة الأوزون، واتفاقية فيينا المتعلقة بالحفاظ على طبقة الأوزون، باعتبار الأوزون والغلاف الجوي عموما؛ الحامي الوحيد للبشرية والمنظومات البيئية المتواجدة على الأرض، لأنه بدون غلاف جوي وهذه الطبقة فلن تبقى هناك حياة على هذا الكوكب كمجموعة من الكواكب الأخرى”.

وتابع بنعبو أنه “علينا أن ندرك بأن الغلاف الجوي هو الضامن للاستقرار الحراري فوق سطح الأرض، ووفق التقارير العلمية فبدون احتباس حراري طبيعي سيكون معدل حرارة الأرض حسب العلماء ناقص 18 درجة مئوية وبالتالي يصعب العيش مع هذه الدرجة المنخفضة من الحرارة”.

وأشار الخبير المغربي إلى أن معدل الاحتباس الحراري الطبيعي للأرض، “هو 15 درجة مئوية، وهي الدرجة التي تصلح معها الحياة، لكننا اليوم” يضيف بنعبو “تجاوزنا هذه الدرجة الحرارية بـ1,1 درجة مئوية، وفق آخر تقرير لمنظمة الأرصاد الجوية العالمية”.

وبالعودة إلى اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال الملحق بها بشأن حماية طبقة الأوزون، “أظهر التزام عدد من الدول الموقعة عليه من بينها المغرب بنجاحها في حظر الكثير من الغازات السامة التي سببت الثقب في طبقة الأوزون بالغلاف الجوي، وبالتالي فإن العلماء اليوم أجمعوا على أنه في أفق 2050 لن تكون هناك أي ثقوب على مستوى الغلاف الجوي”.

تنفيذ التزامات مؤتمرات الأطراف !

بعيدا عن اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال، يقول الخبير في المناخ والتنمية المستدامة محمد بنعبو، فعندما يتعلق بالتغيرات المناخية في شموليتها وكل ما يحدث على الأرض نتيجتها، “فإننا هنا نسجل بأسف أن أغلب الإجراءات التي تم اتخاذها في القمم السابقة إلى حدود “COP26″ لم يتم الأخذ بها أو تنفيذها على أرض الواقع”.

في آخر قمة “COP26” المنعقدة في غلاسكو بأسكتلندا، “اتخذت العديد من الدول الأطراف على عاتقها تخفيض استعمال الفحم والوقود الأحفوري عموما في إنتاج الطاقة الكهربائية في مقدمتهم ألمانيا وبريطانيا الذين التزموا بهذا الإجراء بالتوقف عن بناء محطات إنتاج الوقود الأحفوري، لكن بمجرد أن بدأت الحرب الروسية الأوكرانية، نجد أن العديد من الدول لجأت من جديد إلى اعتماد الفحم الحجري كمورد أساسي لإنتاج الطاقة الكهربائية، كما تعتزم دول أخرى بجدية في العودة لإنتاج الطاقة النووية والحديث على أنها طاقة نظيفة على الرغم من خطورتها وما خلفته من خسائر كارثية على البشرية على مستوى القارتين الأوروبية والأسيوية”.

وأورد أنه “بغض النظر عن النتائج التي تخرج بها مؤتمرات الأطراف على أرض الواقع، فصارت الغاية هي عقد المؤتمر في حد ذاته، باستثناء قمة مراكش في 2001 التي انبثقت عنها عدة لجان تعنى بقضايا البيئة والمناخ التي يشرف الملك محمد السادس شخصيا على البعض منها على مستوى افريقيا، ثم قمة باريس COP21 في 2015، التي كانت تاريخية جددت التزامات الدول ووضعت تدابير من شأن الالتزام بها الحد من تداعيات تغير المناخ على الأرض والإنسان”.

وبعد ذلك، يقول محمد بنعبو فمؤتمرات الأطراف التي جاءت بعده، “للأسف الغاية منها كان هو عقد المؤتمر حيث عرفت مدا وجزرا بين الدول المشاركة للخروج بقرارت، باعتبار العديد منها عرفت التمديد بيومين أو ثلاثة أيام من أجل الخروج بقرارات لا تسمن ولا تغني في الحد من تداعيات التغير المناخي على الأرض، لتبقى إجراءات حبرا على ورق”.

وأكد الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، أن ما تعرفه الأرض من نتائج خطيرة لتغير المناخ، “فسببه الرئيس هو استمرار تصاعد الغازات السامة إلى الغلاف الجوي بشكل كبير وخطير بفعل أنشطة الإنسان، وهو ما يدفع لتزايد عنف الظواهر المناخية وهو ما شهدنا حدة نتائجه سواء في الخليج أو شمال افريقيا؛ منها الحرائق المتوالية في غابات الشمال على سبيل المثال إضافة إلى تراجع التساقطات وندرة المياه وغيرها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *