منوعات

دراسة تربط العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة بزيادة نسبة الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية

القول إن الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يجد دلالته القوية في نتائج عدم احترام هذه الصفة، وهو ما يعني أن كوننا كائنات اجتماعية يعني أيضا أن كل ابتعاد عن تمثل هذه الصفة في حياتنا الاجتماعية قد تترتب عنه مشاكل من نوع ما.

وخلاف العزلة الاجتماعية، تلبي الحياة الاجتماعية للإنسان حاجته إلى الشعور بالحب والانتماء والتقدير ممن حوله، فالشخص الوحيد يعاني دائماً من القلق والملل والوحدة والعصبية وعدم تقدير الذات؛ لأن العلاقات الاجتماعية توفر للإنسان الشعور بالسعادة والاطمئنان والأمان والراحة النفسية، وبالتالي تنتج شخصية سوية متزنة نفسياً وصحياً.

ومن المجالات التي اظهرت الدراسات فيها النتائج السلبية للعزلة الاجتماعية مجال صحة القلب والدماغ.

خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية

وحسب الجزيرة مباشر، حذرت دراسة نشرتها مجلة جمعية القلب الأمريكية من أن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة مرتبطان بزيادة نسبة الإصابة بأمراض القلب وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

وبحسب الدراسة، فإن قلة التفاعلات الاجتماعية ترتبط بالكثير من المشكلات الصحية، إلا أنها ترتبط بشكل أكبر بمشكلات القلب والأوعية الدموية، إذ يمكن أن يؤدي الضغط النفسي المرتبط بالعزلة إلى إضافة عبء غير ضروري على الجسم.

وأشارت الدراسة، حسب نفس المصدر، إلى أن الخطر الأكبر يقع على فئتين: الأولى هي كبار السن الذين يعانون الوحدة بعد التقاعد أو الترمل، والثانية هي فئة الشباب بين سن 18 و25 عامًا الذين ينتمون إلى ما يسمي الجيل (زد).

ويعاني هذا الجيل من الوحدة بسبب ما يفرضه نمط الحياة الجديد الذي يتمركز حول الهواتف والمنصات الاجتماعية، ولا يسمح بتفاعل اجتماعي حقيقي إلا على فترات متباعدة.

وعلّق الدكتور بجامعة كاليفورنيا كريستال سيني “أثبتت الأبحاث التي استمرت أكثر من أربعة عقود أن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة مرتبطان بنتائج صحية مُضرّة”.

وطبقًا للدراسة، فإن الوحدة تسهم في الشعور بالإجهاد المزمن ويصاحبها نقص النشاط البدني بشكل ملحوظ، وهو ما يؤثر على صحة القلب.

وتشير البيانات إلى أن العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة قد ازدادا خلال وباء كورونا، حيث أدى الإغلاق الكامل إلى تقييد التواصل بين البشر.

وتُعرَّف العزلة الاجتماعية بأنها وجود تواصل شخصي غير متكرر مع الأشخاص من أجل العلاقات الاجتماعية، مثل العائلة أو الأصدقاء أو أفراد المجتمع نفسه أو المجموعة الدينية. أما الوحدة فهي عندما يشعر المرء أنه بمفرده أو أن اتصاله بالآخرين أقل مما يريد.

ويوضح الدكتور سيني “على الرغم من ارتباط العزلة الاجتماعية بالشعور بالوحدة، فإنهما ليسا الشيء نفسه، إذ يمكن للأفراد أن يعيشوا حياة منعزلة نسبيًّا ولا يشعرون بالوحدة. وعلى العكس من ذلك، فقد يظل الأشخاص الذين لديهم العديد من الاتصالات الاجتماعية يعانون من الوحدة”.

أمراض القلب حسب منظمة الصحة العالمية

الأمراض القلبية الوعائية هي السبب الرئيسي للوفاة في العالم، إذ تتسبب في وفاة نحو 17.9 مليون شخص كل عام. والأمراض القلبية الوعائية هي مجموعة اضطرابات تصيب القلب والأوعية الدموية وتشمل مرض القلب التاجي، ومرض الأوعية الدماغية، وداء القلب الروماتيزمي واعتلالات أخرى. ويعزى أكثر من أربعة أخماس وفيات الأمراض القلبية الوعائية إلى النوبات القلبية والسكتات، ويحدث ثلث هذه الوفيات مبكرا عند أشخاص تقل أعمارهم عن 70 عاما.

وأهم عوامل الخطر السلوكية لأمراض القلب والسكتة هي اتباع نظام غذائي غير صحي، والخمول، وتعاطي التبغ، وتعاطي الكحول على نحو ضار. وقد تتجلى آثار عوامل الخطر السلوكية عند الأفراد في ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة السكر في الدم، وارتفاع نسبة الدهون في الدم، وزيادة الوزن والسمنة. وتشير “عوامل الخطر الوسيطة” هذه التي يمكن قياسها في مرافق الرعاية الأولية إلى زيادة احتمال الإصابة بالنوبة القلبية والسكتة وقصور القلب ومضاعفات أخرى.

وقد ثبت أن الحد من احتمال الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية ممكن من خلال الإقلاع عن تعاطي التبغ، والإقلال من الملح في النظام الغذائي، والإكثار من تناول الفواكه والخضروات، والمواظبة على النشاط البدني المنتظم، وتجنب تعاطي الكحول على نحو ضار. ومن أجل تحفيز الأفراد على اتباع سلوكات صحية والمواظبة عليها، من الضروري وضع سياسات صحية تهيئ بيئات مواتية لإتاحة خيارات صحية ميسورة التكلفة وفي المتناول.

وقد يساهم تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض القلبية الوعائية وضمان حصولهم على العلاج المناسب في الوقاية من الوفيات المبكرة. ومن الضروري إتاحة أدوية الأمراض غير السارية والتكنولوجيات الصحية الأساسية في جميع مرافق الرعاية الصحية الأولية لضمان توفير العلاج والمشورة لمن يحتاجون إليهما.

السكتة الدماغية حسب منظمة الصحة العالمية

تنطوي السكتة على اختطار وفاةٍ عالٍ، والناجون يمكن أن يعانوا من فقد الرؤية و/أو الكلام، ومن الشلل والتخليط؛ فالسكتة سميت بذلك بسبب الطريقة التي تخبط بها الناس. وإن اختطار حدوث مزيد من النوب يزداد كثيراً عند الأشخاص الذين عانَوا من سكتات سابقة. إن اختطار الموت يعتمد على نمط السكتة؛ فالنوب الإقفارية العابرة ـ حيث تبرأ الأعراض في أقل من 24 ساعة ـ لها أفضل النتائج، تليها السكتة الناجمة عن تضيق السباتي (تضيق شريان الرقبة الذي يزوِّد الدماغ بالدم)، وإحصار أحد الشرايين أكثر خطورة، وتمزق أحد الأوعية الدموية الدماغية أخطر من الكل.

يعاني 15 مليون شخص في العالم من السكتة سنوياً، 5 ملايين منهم يموتون، و5 ملايين آخرين يبقون عاجزين بشكل دائم، مما يضع عبئاً على الأسرة والمجتمع. السكتة غير شائعة لدى الأشخاص دون سن 40 سنة، وعندما تحدث فإن السبب الرئيسي هو ارتفاع ضغط الدم. ومع ذلك فإن السكتة تحدث أيضاً عند حوالي 8% من الأطفال المصابين بداء الخلية المنجلية.

وارتفاع ضغط الدم وتعاطي التبغ هي أهم المخاطر القابلة للتعديل؛ فمن كل 10 أشخاص يموتون من السكتة كان يمكن إنقاذ 4 إذا ما تم تنظيم ضغط الدم لديهم. ومن بين من تقل أعمارهم عن 65 عاماً فإن خمسي حالات الوفاة من السكتة مرتبطة بالتدخين. وإن الرجفان الأذيني وفشل القلب والنوبة القلبية هي عوامل اختطار هامة أخرى. وقوع السكتة آخذ بالانخفاض في العديد من البلدان المتقدمة، وذلك ـ إلى حد كبير ـ نتيجة للضبط الأفضل لضغط الدم المرتفع وانخفاض مستويات التدخين، ومع ذلك فإن العدد المطلق للسكتات في تزايد مستمر بسبب تشيُّخ السكان.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *