جماعة “إريغ نتهالة” بإقليم تيزنيت … تجاوزات واختلالات حقوقية تساءل الحكومة

في سياق التفاعل مع موجة الانتقادات والاحتجاجات التي طالت أداء المجلس المسير لجماعة “إريغ نتهالة” التابعة ترابيا لعمالة إقليم تيزنيت، تم رصد جملة من الاختلالات التسييرية والتجاوزات التي يمكن وصفها على أنها تنطوي على سوء التصرف في تدبير المال العام الذي يعتبر ملكا لساكنة المنطقة، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أنه تم تحديد عدة مشاكل نوردها فيما يلي:
أولا: الحقوق السياسية وحرية التعبير
أ- غياب تفاعل الجماعة مع السياسات المعتمدة في مجالات الأمن والقضاء:
تعيش ساكنة جماعة “إريغ نتهالة” على وقع تحولات عميقة في السياسة الأمنية والقضائية، حيث استطاعت السلطات العمومية نهج سياسة تواصلية، تنبني على احترام حقوق ساكنة المنطقة في اللجوء إلى الأمن والقضاء، وتكريس الحكامة في التدبير لتمكين المواطنين من حياة تطبعها السلامة والطمأنينة، وهوما خلف ارتياحا لدى غالبية الفئات التي ظلت لسنوات تطالب بمصالح أمنية ترقى لمستوى تطلعات قاطني دواوير الجماعة، وفي هذا السياق تم تسجيل غياب تفاعل رئيس المجلس الجماعي مع حاجيات ومتطلبات الساكنة ب”دوار تجكالت” الذين عبروا لغاية اليوم عن سخطهم وعدم رضاهم عن أداء المنتخبين الذين صوتوا لفائدتهم إبان الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، إذ اعتبروا أن دقة المرحلة السياسية والاجتماعية تقتضي تضافر جهود مختلف الفاعلين كل من موقعه لتحقيق الغايات المرجوة والمتمثلة أساسا في رسم مسار يرتكز على تعزيز التنمية وفسح المجال للجميع دون إقصاء لضمان ولوج ميسر إلى الأمن والقضاء على حد سواء.
ب – قمع حرية التعبير من قبل منتخبين ضمن أغلبية المجلس الجماعي لـ”إريغ نتهالة”
عبر غالبية النشطاء المدنيين بجماعة “إريغ نتهالة” عن تذمرهم من أداء رئيس المجلس الجماعي، وفي هذا الصدد وجهت جمعيتا “تكمات للتنمية المستدامة تجكالت تكــنيت أكــرض أوسـول” و”أمل تجكالت وتكنيت وأكرض أوسول للتنمية” شكاية إلى قائد المنطقة، للتنديد بسوء التدبير الإداري والمالي، حيث تم تسليط الضوء على جملة من المشاكل التي تعيق عجلة التنمية بالمنطقة، كما تم التنديد بالتلاعب في صفقة للتطهير السائل من خلال اعتماد دراسة تقنية صادرة عن مكتب دراسات غير مؤهل للقيام بتشخيص الحاجيات والمتطلبات التي من شأنها السماح بالتنزيل الواقعي والفعلي لهذا المشروع، كما تجدر الإشارة في ذات السياق إلى أنه تم استبعاد الدراسة المعتمدة من طرف مندوبية وزارة التجهيز والتي حرصت على احترام خصوصيات “دوار تجكالت” الاقتصادية والاجتماعية، وهذه الممارسة خلفت تضاربا بينا بين مجلس منتخب يعبث بالقرارات التي بإمكانها أن تعود بالنفع على فئات واسعة ومؤسسات عمومية تابعة للدولة ما ترتب عنه توقيف غير مبرر لمصالح المواطنين.
ج – ضعف سياسة الجماعة على مستوى الإعلام
منذ انتخاب المجلس الجماعي لجماعة “إريغ نتهالة” عقب الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة لوحظ غياب تام لسياسة تواصلية لتسليط الضوء على برامج التنمية بالمنطقة على مستوى الإعلام العمومي والمستقل، إذ أن رئيس الجماعة بات عاجزا عن التفاعل مع ما ينشر عبر الصحافة المحلية، الجهوية والوطنية من حقائق ومعطيات تكتسي في بعض الأحيان صبغة الخطورة، بل وتقتضي فتح تحقيق قضائي من قبيل التصرف الأرعن وغير المسؤول في تدبير المال العام الذي يبقى ملكا مشتركا للجميع.
ثانيا: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
أ – الحق في الصحة:
تعاني جماعة “إريغ نتهالة” من ضعف السياسة الصحية المتخذة من قبل المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة بإقليم تيزنيت، وبالرغم من المشاكل التي تتراكم يوما بعد يوم، سجل عجز واضح وغير مبرر للمجلس الجماعي في الترافع من أجل حق ساكنة المنطقة في الاستفادة من الخدمات الصحية التي يكفلها القانون والدستور، وأمام هذا الوضع المتأزم الذي وسع من دائرة الاحتقان بذات القطاع كان لزاما على المنتخبين التفكير في خلق وابتكار آليات عملية للحد من التهميش والإقصاء الممنهج الذي مورس على الفئات التي ينخرها الفقر والعوز الاجتماعي.
ب – الحق في السكن:
يعتبر قطاع السكن من بين المجالات التي عجز المجلس الجماعي لجماعة “إريغ نتهالة” على إرساء معالم سياسة تنموية منسجمة ومنفتحة، شمولية ومتعددة الأبعاد تراعي قيم العدالة الاجتماعية تجاه مختلف الفئات لاسيما ذوي الدخل المحدود، إذ سجل فشل السياسة السكنية بالمنطقة، ما أدى إلى ظهور الفوارق المجالية وبالتالي بروز فوارق اجتماعية على أكثر من مستوى، الشيء الذي زاد من تعطيل عجلة التنمية بالمنطقة.
ج – الحق في التعليم:
لازالت منظومة التعليم بجماعة “إريغ نتهالة” تعاني من نقص حاد على مستوى تعزيز الخدمات ودعم قدرات المتمدرسين من أجل التحصيل وامتلاك مهارات التعلم، وقد لوحظ غياب مطلق لدور المنتخبين في البحث عن إبرام شراكات تعاون مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة بهذا القطاع، ونتيجة لذلك عاشت البنية التربوية على وقع تدهور واهتزازات غير مبررة بين الفينة والأخرى مما أذى إلى تراجع في النتائج المحققة في هذا الشأن.
د – الحق في الشغل:
من بين أهم الإخفاقات التي سجلت في مسار المجالس المنتخبة التي تعاقبت على تسيير جماعة “إريغ نتهالة” غياب سياسة واضحة للحد من آفة البطالة على مستوى المنطقة، إذ أن الفقر والهشاشة بات يهدد استقرار غالبية الأسر بالمنطقة، وفي ظل هذا الوضع القائم يتم استغلال الشباب إبان مختلف المحطات الانتخابية نظرا لضعفهم وحاجتهم ما يجعلهم عرضة لاستمالة أصواتهم والاتجار بها وتحويل هذه الطاقات إلى قلع سياسية، وهوما يؤشر عن أزمة بينة وحقيقية من شأنها خلق نقاشات عمومية تساهم في الدفع بعجلة التنمية على أكثر من مستوى.
هـ – حقوق الطفل والمرأة:
يعتبر الطفل والمرأة من أهم مكونات المجتمع التي من شأن النهوض بأوضاعها تطوير عجلة التنمية وتجويد ظروف العيش الكريم، وفي هذا السياق لازال الوضع القائم يطرح أكثر من سؤال بخصوص تحسين شروط عيش الأطفال كما هوالشأن بالنساء، ونتيجة لمظاهر الإقصاء والتهميش بات الإهمال والعنف الإشكال الأبرز الذي يتهدد حياة هاته الفئات في ظل انهيار واضح وبين لقيم العيش الكريم.
ثالثا: حقوق الجيل الثالث
أ – الحق في الرياضة:
من بين المجالات التي تعتبر سياسة المجلس الجماعي لجماعة “إريغ نتهالة” غائبة فيها بشكل مطلق، الشأن الرياضي، حيث أن هذا القطاع لم يحضى بالاهتمام اللازم من قبل المنتخبين، سواء على مستوى البرامج الانتخابية أومن خلال بسط تصور عملي يؤهل المنطقة لتصبح متنفسا لمختلف الفئات من أجل إبراز مؤهلات الطاقات الإبداعية، وهذا الأمر سيتيح إمكانية التعريف بالمنطقة على جل المستويات والأصعدة.
ب- الحق في الثروة الوطنية:
من بين الوسائل المتاحة قانونا والتي بإمكان ساكنة جماعة “إريغ نتهالة” الاعتماد عليها هي الثروات الاقتصادية والاجتماعية وكذا المؤهلات البشرية التي يلزم أن يشتغل المجلس المنتخب على صقلها وتطويرها وجعلها محددا أساسيا لتنمية المنطقة على جل المستويات والأصعدة، وفي هذا الإطار بات المنتخبون عاجزون على ابتكار آليات عملية حقيقية من شأنها خلق مناخ حقيقي يقوم على مراعاة مقومات الحكامة والعدالة الاجتماعية.
ج – الحق في بيئة سليمة:
وجه الملك محمد السادس نصره الله رسالة إلى المشاركين في قمة التغيرات المناخية المنعقدة بمراكش “كوب 22″، حيث حث جلالته على ضرورة تكثيف المجالس الترابية لجهودها من أجل اعتماد سياسة بيئية تقوم على الاستثمار الناجع في العنصر البشري وكذا في تنزيل البرامج السياسية بغية تحقيق التنمية المستدامة في أفق خلق نموذج لدولة تراعي حقوق المواطنين في العيش في بيئة سليمة قصد تحقيق نجاح واقعي لمشروع “المغرب الأخضر” في المستقبل والذي تطمح الدولة لتحقيقه، وهنا تجدر الإشارة أن مجلس جماعة “إريغ نتهالة” لازال لم يستوعب التوجيهات الملكية السامية الصادرة في هذا الشأن إذ أن المنطقة تعيش دون استحضار البعد البيئي في البرامج التنموية التي يتم إطلاقها على جل المستويات والأصعدة.
اترك تعليقاً