أدب وفنون

جوائز “غير منصفة” وانسحاب للجان التحكيم.. مهرجان طنجة يعيد صراعات العائلة السينمائية للواجهة

مهرجان طنجة

بعد أسبوع من الحديث عن “الهفوات” التنظيمية في القاعات المغلقة وهمسا في الدردشات الثنائية في بهو الفنادق على هامش عرض كل عمل فني، انفجرت “الاختلالات” التي صاحبت تنظيم الدورة الـ22 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة للعلن، إذ لم يتمكن عدد من النقاد السينمائيين والمهتمين بالمجال الفني من تمرير نتائج الحفل الختامي للمهرجان التي وصفت بـ”الظالمة” و”العشوائية”.

استقلالية لجان التحكيم

“لست مسؤولا عن نتائج الحفل الختامي” هكذا أخلى المخرج وراقص الباليه لحسن زينون مسؤوليته عن نتائج الفائزين بجوائز المهرجان الوطني للفيلم في دورته الـ22، مشيرا إلى أنه انسحب من لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة رفقة الكاتبة بشرى بولويز بسبب “تباين الأراء بين أعضاء اللجنة وعدم قدرته على تأييد خيارات تتعارض مع رؤيته”.

تدوينة لحسن زينون عبر حسابه على “فيسبوك” أثارت جدلا بين المهتمين بالمجال السينمائي ودفعت الناقد بلال مرميد الذي كان عضوا في نفس اللجنة إلى الخروج عن صمته وتوضيح كواليس القاعات المغلقة.

وقال مرميد في تدوينة عبر حسابه على “فيسبوك”: “إن من الضروري أثناء اختيار مكونات لجان التحكيم أن تكون هناك استقلالية. أن لا تتكلف الغرف باقتراح أسماء الأعضاء، خصوصا حين يكون رؤساء بعض منها ضمن قائمة المتنافسين، وهذه الجملة تشرح كل شيء، ومن اللازم أن تُستوعب. مكونات لجان التحكيم يفترض أن تناقش، وتعلل، وتشرح، ثم تتخذ قرارات بعد المشاهدة، وليس قبلها. لا يمكن أن نوزع أوراقاً نطلب من خلالها آراء مكونات اللجان قبل المشاهدة”.

وأضاف الناقد مرميد “في مهرجان طنجة، لم يكن الانسحاب ثنائيا، بل غادرت السيدة اللجنة بعد أن طالبت بتتويج فيلم “فاطمة” أو لا أحد، رغم اتفاقنا القبلي بعد المشاهدة بأنه غير مرشح للجائزة الكبرى. تبعها فيما بعد الأستاذ زينون الذي دافع بدوره عن نفس العمل، والمشكل الحقيقي بدأ هنا في هذه النقطة وليس غيرها. طبعا لا داعي لأن أذكر بأن أستاذنا المخرج المتنافس الذي أكن لمشواره كل الاحترام، كان يقيم في نفس المكان الذي تسكن فيه اللجنة، والمشكلة أنه هو من اقترح اسميهما من خلال بوابة الغرفة المهنية التي يرأسها وتربطني بأغلب أسمائها علاقة ود وتقدير”.

وتابع ذات المتحدث “الأكثر من ذلك، فقد شاهد (المخرج) الفيلم في القاعة في نفس المكان المخصص للجنة. هل تريدون المزيد من التفاصيل الفضائحية التي لم أعاين مثيلا لها في كل مهرجانات الدنيا التي حضرتها؟ هناك أيضا شريطان يعسر أن تخطئ العين المعايير الجمالية التي تتوفر لهما، حضرت في اليوم الأول ووجدت بأنهما وضعا خارج الحسابات قبل أن تبدأ العروض. فيما بعد، عملت على إقناع الحاضرين بأن الحكم لا يمكن أن يتم إلا بعد المشاهدة في القاعة”.

وزاد بالقول “رجاءا أن تجتمعوا فيما بينكم مستقبلا، وتقحموا بعضا من شباب، وتضيفوا المدير والوزير وتقرروا في طريقة لضمان استقلالية اللجان. أما أن ننسحب لأن شريطا معينا لم ينل إحدى الجوائز الكبرى، فهو تصرف غير مقبول ومن الأفضل أن نعطي بشجاعة التبرير الصحيح حين نقدم على مثل هذه الخطوة. شخصيا، لا يمكن أن أقبل بفرض الأمر الواقع، ولا يمكن أن أقبل بالخصوص أن يكون المتنافس هو الحكم”.

نتائج “غير منصفة”

كشف الناقد السينمائي فؤاد زويريق أنه صدم بالكثير من التجاوزات التي حصلت أثناء حفل توزيع جوائز الدورة الـ22 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة التي نظمت في الفترة مابين الـ16 والـ24 من شتنبر الجاري، سواء من الناحية التنظيمية أو التقنية، واصفا ذلك بـ”الفوضى والتخبط” الذي لا تستحقهما مناسبة بهذا القدر.

واعتبر زويريق في تدوينة عبر حسابه على “فيسبوك” أن بعض الجوائز التي أعطيت “غير منصفة نهائيا وضد العمل الإبداعي ككل”، مستشهدا بالممثل القدير عز العرب الكغاط الذي “لا يستحق” برأيه جائزة ثاني دور رجالي عن فيلم ميكا لأن تشخيصه كان عاديا ولا يرقى إلى مستوى التميز والحصول على جائزة، فهناك عدد من الممثلين أفضل منه بكثير ويستحقون هذه الجائزة عن جدارة واستحقاق” حسب تعبيره.

ويرى زويريق، أن الممثلة فاطمة عاطف لم تستحق جائزة ثاني دور نسائي عن فيلم ”زنقة كونتاكت”، لأن دورها انحصر في بعض المشاهد فقط، وهناك ممثلات في أفلام أخرى اجتهدن وقمن بأدوار غاية في الروعة ويستحقن هذه الجائزة لتميزهن.

واستغرب ذات المتحدث، من عدم منح فيلم ‘لو كان يطيحو لحيوط” لحكيم بلعباس، الجائزة الكبرى للمهرجان، معتبرا أنه عمل ينطق إبداعا ويستحق أن يمثل السينما المغربية في كل التظاهرات العالمية، لأنه من أهم الأفلام التي مرت في تاريخ السينما المغربية، مضيفا أن فيلم ”’زنقة كونتاكت” لإسماعيل العراقي كان يستحق جائزة العمل الأول لأنه قام بمجهود متميز كتجربة أولى له.

وانتقد زويريق منح جائزة الإخراج ”علي صوتك” لنبيل عيوش، إذ إنها “غير مستحقة رغم تميزه واحترافيته لأن هناك أعمال أخرى بتصورات ورؤى إخراجية أفضل منه بكثير، وليس من الضروري كلما شارك نبيل عيوش في تظاهرة ما أن نجامله بجائزة فهذا ظلم لمبدعين آخرين” حسب تعبيره.

حروب بين أبناء العائلة السينمائية

يرى المخرج المغربي عبد الإله الجواهري، أن ما يحدث الآن من نقاشات و”دخل فيا ندخل فيك” بين أبناء العائلة السينمائية ليس بالأمر الجديد لأن ذلك يتكرر مع كل دورة للمهرجان، لافتا إلى أن إرضاء جميع المتنافسين الذين وصفهم بـ”المتناحرين”، لا يمكن أن يتحقق بأي حال من الأحوال.

وأردف الجواهري، في تدوينة عبر “فيسبوك” أن “المشكل الكبير في كل هذا، أن الزحام الموجود في الرؤوس الساخنة، والنرجسية في القلوب الجافة، تجعل كل واحد، خاصة من جهة بعض “النقاد”، يعتقد أن الأفلام التي تعجبه وتلامس شغاف قلبه، أو جيبه، هي التي تستحق التتويج والفوز بالجوائز، وأن غير ذلك مجرد تخربيق ومؤامرة ضد سينماه المفضلة أو مخرجه الأليف”.

وتابع ذات المتحدث، أن “مقارنة بسيطة بين كتابات خمسة أو ستة أشخاص داخل العائلة النقدية المغربية، تكتشف أن كل واحد  يلغي بلغاه، أي أن اختيارات ودفاع كل واحد منهم تختلف كليا عن اختيارات ودفاع الآخرين بل وتتعارض في بعض الأحيان، وكل واحد يمجد، بطريقته الخاصة، فيلما معينا ويعتبر صاحبه تاركوفسكي عصره ودزيغا فيرتوف زمانه، وأن الظلم لحقه بشكل واضح، لأن أعضاء لجان التحكيم لا علاقة لهم بالسينما أو أن اللجنة موجهة ومختارة بعناية، دون أدنى احترام لأعضائها الذين نعرف من يكون كل واحد منهم، ونعرف مساراتهم السينمائية والفكرية، وهم مبدعون ومثقفون، سواء أحببناهم أو كرهناهم”.

وتساءل الجواهري عن الحديث حول ضرورة الاجماع بشكل كلي على نتائج لجان التحيكم في الوقت الذي لم يستطع فيه خمسة أشخاص الاتفاق على فيلم واحد، معتبرا أن النتائج تبقى جد نسبية، وتغيير اللجنة حتما سيؤدي لتغييرها، وأن الهدف من المهرجان ليس للجوائز فقط، وإنما الفرجة والنقاش الجاد واحترام البعض للبعض، لأن من يفوز ليس حتما هو الأفضل، ومن لم يفز ليس هو الأسوأ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *