وجهة نظر

إطار “الدعم الاجتماعي” في المؤسسات التعليمية بين الواقع والمأمول 2/1

يعتبر إحداث “هيئة الدعم التربوي و الإداري و الاجتماعي” من أبرز تعديلات المرسوم 2.02.854 الصادر بتاريخ 10 فبراير 2003 في شأن النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، ليحل بموجبها الملحق التربوي، والملحق الإداري والملحق الاجتماعي .. محل حراس الخارجية والداخلية  ومحضري المختبرات الذين وضع إطارهم في طور الانقراض… قبل أن تصبح “هيئة التدبير الإداري والتربوي” بناء على المادة الأولى من المرسوم 2.18-294 المحدث لإطار المتصرف التربوي. .ومنذ إحداث هيئة الدعم  تم توظيف أفواج من الملحقين التربويين والإداريين كما تم ادماج عدد من الأساتذة المكلفين بالإدارة في هذا الاطار بموجب المادة 109 من النظام الأساسي (تغيير الاطار)… فيما لم يتم توظيف أي فوج من إطار الملحق الاجتماعي……

وأمام استمرار ظاهرة الهدر المدرسي و تزايد الظواهر والسلوكات السلبية في المؤسسات التعليمية  لأسباب كثيرة منها : تزايد أعداد التلاميذ و تناقص أعداد الأطر الإدارية، التأخر الدراسي، المشاكل الاسرية والاجتماعية، مذكرة العقوبات التأديبية… ، و عدم قدرة خلايا الانصات و الاستماع بالمؤسسات التعليمة على استيعاب كل الحالات لغياب أطر مختصة ، تعالت صيحات أطر الادارة التربوية وغيرهم من الفاعلين التربويين مطالبة بزيادة عدد اطر الإدارة التربوية من جهة، ومن جهة ثانية توظيف مختصين بالدعم النفسي والاجتماعي للمتعلمين في كل مؤسسة، لمواجهة تلك الظواهر عبر الحضور الفعلي في المؤسسة، للتخفيف من انعكاساتها السلبية على نتائج و مستوى المتعلمين و الجودة المنشودة  وصورة المدرسة العمومية عموما …. ليتم توظيف عدد من أطر الدعم التربوي و الإداري ، و الدعم الاجتماعي لأول مرة خلال الموسم الدراسي 2021-2022 وفق النظام الأساسي لأطر الاكاديميات . بعد أشهر قليلة من التكوين بالمراكز الجهوية للتربية و التكوين في عدة مجزوءات : علم النفس والسوسيولوجيا في المجال التربوي، أخلاقيات المهنة والتشريع التربوي ، التواصل. مشروع المؤسسة المندمج والحياة المدرسية، أدوار مكونات الإدارة التربوية…..وآخر ميداني في المؤسسات التعليمية.

وأسفرت تجربة تعيين أول فوج ردود فعل متعددة و متباينة تم تصريفها عبر بيانات و مواقف على مواقع التواصل الاجتماعي من المعنيين أنفسهم ومن غيرهم من الاطر الإدارية و التربوية بخصوص مهام وأدوار أطر الدعم  و نجاعة التجربة…

فقد صدرت عن الملحقين الاجتماعيين ببعض الجهات منذ بداية الموسم الدراسي بيانات يحتجون من خلالها على إسناد مهام لا تدخل في نطاق اختصاصاتهم لهم و الاشتغال ل38 ساعة ، التكليف بالمداومة، غياب التعويضات الإدارية، أو غياب أدوات و إمكانيات العمل …

كما صدرت ردود فعل عن بعض مديري المؤسسات التعليمية جراء امتناع بعض اطر الدغم الاجتماعي عن القيام بمهامهم وصلت الى حد توجيه  استفسارات لمن لزموا منهم المكاتب بداية الموسم رافضين التواجد في الساحة  لرصد ومحاربة الظواهر السلبية في المؤسسة و الحرص على ممارسات النظافة والأمن الصحي بالمؤسسة…..

وصدرت أخرى عن أطر تربوية تنتقد توظيف شباب في مقتبل العمر بتكوين محدود المدة للتصدي لمهام تربوية معقدة تستلزم الخبرة و التجربة و التكوين اللازم لتجاوز الاستماع الى ابتكار الحلول والقدرة على  التأثير في المتعلمين وأوليائهم و تغيير سلوكاتهم .و يدعو هؤلاء تمديد مدة التكوين أو إسناد مهام الدعم الاجتماعي لأساتذة ذوي الخبرة والاستعداد ….

وتبقى ملاحظات كل طرف عادية ووجيهة بالنظر لحداثة التجربة ومن ثم من السابق لأوانه  اصدار الحكم بنجاح او فشل هذه التجربة في سنتها الأولى ، و يرجع كثير من تلك الملاحظات للخصاص المهول في أطر الإدارة التربوية في مؤسسات تعليمية كثيرة في مقابل ارتفاع عدد التلاميذ ، وكذا نقص التجربة و ضعف المعرفة القانونية و الإدارية لدى غالبية الخريجين (موقع ومسؤولية إطار الدعم الاجتماعي في المؤسسة ، مهامه وأدواره ….، و…) .

وهو ما سنحاول فيما يأتي إزالة بعض اللبس عنه في الجزء الثاني….

*يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • ماجدة بن حمان
    منذ 8 أشهر

    أتمنى من الأستاذ الفاضل أن يمدنا بالجزء الثاني و شكرا

  • أخصائي اجتماعي
    منذ سنتين

    من زاوية مهنية محضة، أجزم أن تجربة توظيف أطر الدعم الإجتماعي مآلها الفشل الذريع، لسبب بسيط هو أن الوزارة فتحت باب التوظيف أمام حاملي الإجازة في علم الاجتماع وأغلقته على خريجي الإجازات المهنية في المساعدة الاجتماعية ومعهم خريجي المعهد الوطني للعمل الاجتماعي، أصحاب التكوين الأكاديمي المهني المتخصص والمتسم بجودة يشهد بها الجميع، هذا في تحد صارخ لما يفرضه المنطق...فالمفروض في الوزارة أن تعي كل الوعي أن الفرق شاسع بين علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية..!!!

  • أبو عبدو البرجي
    منذ سنتين

    موضوع يستحق المتابعة . شكرا لكم على إثارته و في كل الأحوال تبقى شعارات الجودة دون جدوى ما لم يتم الأخذ بعين الاعتبار كل النقائص التي تحول دون تحقيقها بما في ذلك النقص الحاد في الموارد البشرية ناهيك عن الاكتضاض الذي تعرفه عدد كبير من المؤسسات و هلم جرا ...