منوعات

بعد تراجع الطلب العالمي .. نيوزيلندا “تغرق” في أغلى عسل في العالم

يعتبر عسل مانوكا من أغلى أنواع العسل في العالم، وينتج بشكل أساسي في نيوزيلاندا، وبشكل ثانوي في أستراليا، مع بدء دخول أمريكا في المنافسة.

وأدت جائحة كوفيد-19 إلى ارتفاع كبير في الطلب على عسل مانوكا الذي ساهم في رفع الصادرات النيوزيلندية من العسل إلى مستوى قياسي، خصوصا أنه استحوذ على 76 % من هذه الصادرات.

غير أن رياح الطلب لا تجري اليوم وفق ما تشتهيه سفن الإنتاج النيوزيلاندي من العسل الأسود، إلى درجة حديث الصحافة عن “غرق” نيوزيلاندا في عسلها.

فما هي قصة هذا “الغرق”؟ وكيف أدى عسل مانوكا إلى نشوب حرب اقتصادية بين نيوزيلاندا وأستراليا؟

نيوزيلاندا “تغرق” في عسلها

تواجه نيوزيلندا اليوم مشكلة حقيقية بعد ارتفاع مخزونها من عسل “المانوكا” نتيجة ارتفاع مستويات الإنتاج المحلي وتراجع الطلب العالمي على أحد أغلى أنواع العسل في العالم.

وحسب قناة الحرة، قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إن نيوزيلندا “تغرق في العسل” بعد ازدهار تربية النحل خلال الفترة الماضية وتباطؤ الطلب على العسل بعد انحسار جائحة كورونا، مما جعل المخزون يتجاوز بكثير الكمية التي تباع عادة في السنة.

وتنقل الصحيفة عن المديرية التنفيذية لتربية النحل في نيوزيلندا كارين كوس القول إن “هناك مخزونا من العسل يتراوح حاليا بين 15 و30 ألف طن، بينما في العادة يباع بين 11 و13 طن سنويا”.

وأضافت أن “موسم 2020 الذي شهد إنتاجا وفيرا، بالإضافة إلى الإقبال الواسع من قبل النحالين على انتاج عسل المانوكا قبل ذلك، ساعد في إنشاء هذا الخزين”.

وأشارت كوس إلى أن حجم الانتاج في 2020 بلغ 27 ألف طن وهو أعلى بكثير من المعدل بنحو 8 آلاف طن.

وتراجع حجم المبيعات في ظل انخفاض نسبة السائحين القادمين لنيوزيلندا نتيجة القيود التي فرضتها البلاد لمواجهة تفشي كورونا، وفقا لكوس.

سعر خيالي: 2621 دولار لعلبة من 230غرام

وفي عام 2017، حسب نفس المصدر، أدى الاهتمام العالمي بعسل “المانوكا”، الذي يتمتع بمزايا علاجية مذهلة، إلى ارتفاع الأسعار من 21 دولار تقريبا لنحو 51 دولار للكيلوغرام الواحد، بينما بلغ سعر الأنواع الأكثر جودة نحو 2621 دولارا للعلبة التي يصل وزنها لـ 230 غراما.

وتقول الصحيفة إن سعر الكيلوغرام الواحد من “المانوكا” حاليا يتراوح بين 20 إلى 25 دولارا.

وتنشط صناعة عسل “المانوكا” في نيوزيلندا وأستراليا من خلال الاعتماد على أنواع من النحل تتغذى على رحيق أزهار شجرة معروفة باسم شجرة الشاي وتسمى أيضا “شجرة مانوكا”، حيث يتميز هذا النوع من العسل بنكهة خاصة وبلون قاتم وقدرة على قتل البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

صراع حول الحق في عسل مانوكا مع أستراليا

أثارت القيمة الاقتصادية لعسل مانوكا اهتمام النحالين في الجارة الأسترالية، وقد صبّت الطفرة التي عرفتها صناعة ذلك العسل في مصلحتهم رغم ينتجون هذا العسل أيضا بكميات متواضعة.

وبينما تعتبر نيوزلندا مانوكا منتجها الخاص قامت أستراليا، حسب مصادر إعلامية، بتطوير سلالات نحل قادرة على إنتاج شبيه لمانوكا لتنافس نيوزلندا على منتجها الثمين بل وزعمت أستراليا أن العسل ملكية مشتركة بين البلدين منذ العصر الطباشيرى الغابر.

وحسب قناة “أورو نيوز” تُعتبر شجرة “ليبتوسبيرموم سكوباريوم” الموجودة في نيوزيلندا، من الأنواع المتأصلة أيضا في أستراليا. غير أن نمو هذا العسل في أستراليا قد يتوقف كليا، إذ أطلقت مجموعة من مربي النحل النيوزيلنديين التماسات عدة، خصوصا في الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، للحصول على حق حصري في استخدام مصطلح “مانوكا”.

ويوضح الناطق باسم جمعية “يونيك مانوكا فاكتور أسوسييشن” جون روكليف، حسب نفس القناة، أن “مانوكا كلمة بلغة الماوري. في ذهن المستهلكين، هي شهادة منشأ نيوزيلندية”.

ويضيف ” يطلق مربو النحل الأستراليون اسم مانوكا على كل أنواع ليبتوسبيرموم سكوباريوم (أكثر من 80). هذا مضلل ولا يتناسب مع المنتج المباع. الأمر أشبه بإطلاق تسمية ليمون على كل أنواع الحمضيات لبيعها بسعر أعلى”.

غير أن رئيس اتحاد عسل مانوكا الأسترالي بول كالاندر ينفي هذه الادعاءات قائلا “التركيبة الكيميائية لعسلنا هي نفسها كتلك العائدة للعسل النيوزيلندي”.

إلى ذلك، حسب المصدر السابق، ثبت أن “أستراليا تنتج عسل مانوكا منذ أربعينات القرن التاسع عشر”، وفق كالاندر. من هنا، يُطلق على الشجرة التي يصنع النحل العسل من أزهارها اسم مانوكا أيضا في تاسمانيا وولاية فيكتوريا جنوب شرق أستراليا.

ومن الأسباب الأخرى التي تبعث على القلق لدى الجانب الأسترالي، دعم الحكومة النيوزيلندية ماليا للمسارات القانونية التي يعتمدها مربو النحل في هذا البلد، فيما الأستراليون الذين قرروا الطعن بهذه الالتماسات أمام القضاءين البريطاني والنيوزيلندي يكافحون منفردين.

ويوضح بول كالاندر “لن نتخلى يوما عن استخدام كلمة مانوكا. سنحتاج إلى سنوات لتعويد المستهلكين على كلمة جديدة، وهذا سيكلفنا ملايين الدولارات”.

واقترح وزير التجارة الأسترالي دان تيهان أخيرا على نظيره النيوزيلندي تنظيم قمة ثنائية لتعزيز التعاون بين البلدين بدل المواجهة في هذا الملف.

من ناحيته، لا يبدي جون روكليف اعتراضا على مثل هذا التوجه، لكن مسألة استخدام مصطلح “مانوكا” خارج البحث بنظره. لكن هذا الموقف يلقى معارضة أنا مارتن وسفين ستيفان.

ويقول مربي النحل “يمكننا جميعا أن نكسب المال إذا ما دافعنا عن أنفسنا معا ووضعنا مسار توثيق مشترك. حاليا، تبلغ كمية عسل مانوكا المباعة في العالم عشرة أضعاف الكمية المنتجة منه.

الكميات المقلدة هائلة. كما أن الأميركيين بدأوا أخيرا إنتاج عسل مانوكا، وهنا التهديد الحقيقي”. ولا يحظى هذا المسار الرامي للحصول على حق حصري بتسمية عسل مانوكا بدعم جميع مربي النحل النيوزيلنديين.

فقد عقدت “كومفيتا”، أكبر منتج للعسل في نيوزيلندا، منذ 2016 شراكة مع شركة “كابيلانو” الأسترالية لإنتاج عسل مانوكا معا… في أستراليا. ويحمل الملف أهمية كبيرة لنيوزيلندا.

فرغم أن الكميات المصدرة من البلاد أقل بعشر مرات من تلك المصدّرة من الصين، أصبحت نيوزيلندا العام الماضي أكبر مصدّر عالمي للعسل لناحية القيمة، مع مبيعات تراكمية تقرب من ثلاثمئة مليون دولار.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد
    منذ سنتين

    مشاء الله