منوعات

الخلافات الزوجية حول المال .. إليك كيف تديرها بنجاح

من الطبيعي جدا أن تقع خلافات بين شريكين أو أكثر مهما كان موضوع شراكتهم ومهما كان اتفاقهم أو توافقهم، ذلك أننا لسنا أبدا أمام نسخ متطابقة من البشر، بل أمام شخصيات مختلفة بالفطرة في كثير من الأشياء الأساسية، في طريقة التفكير والمزاج، وفي الأذواق والرغبات، وفي الذكاء الاجتماعي بالخصوص، وفي القيم والأولويات التي تترتب عنها، …

وقضايا الاختلاف بين زوجين كثيرة أيضا، فشراكتهم ليست ظرفية، أو في مجال محدد، فهم يشتركون تفاصيل الحياة اليومية، ويواجهون متطلباتها المتنوعة والمتجددة، ويدبرون بشكل مشترك شبكة من العلاقات الاجتماعية، … لذلك حتى الأنبياء والرسل سجل التاريخ اختلافهم مع زوجاتهم، وكذلك الفلاسفة والعلماء ورواد الفكر وغيرهم من العظماء.

ومن القضايا التي يختلف الزوجين حولها الجوانب المالية في حياتهم الزوجية والأسرية، ذلك أن المال عصب الحياة الزوجية أيضا، ومن الطبيعي أن يسجل حضوره القوي في الخلافات بين الزوجين. لكن ينبغي أن يتحول إلى سبب الافتراق، فالدراسات تؤكد تصدره سبب الطلاق.

وفي حالة كان المال هو القضية الأولى التي تتصدر خلافاتك مع زوجكِ، فهذا التقرير، حسب الجزيرة نت، يقدم رأي اختصاصيين للإفادة بآرائهم وخبراتهم، لترشيد الخلافات المالية، وتجنب تحولها إلى مصدر تهديد للحياة الزوجية.

المال والخلافات الزوجية

يقول استشاري الأسرة، مفيد سرحان، “في كثير من الحالات يكون المال سبباً في الخلافات الزوجية، خصوصاً عندما ينظر الزوجان أو أحدهما إلى المال بأنه العنصر الأهم في حياته، وأن قيمته أمام الآخرين بما ينفق من مال، أو عندما تكون الإمكانيات المالية للأسرة لا تكفي للإيفاء بالمتطلبات الأساسية للأسرة أو يكون الزوج عاطلا عن العمل أو يقتطع جزءاً كبيرا من دخل الأسرة لسداد الديون، بحيث لا يكفي ما يتبقى من الدخل لتلبية نفقات الأسرة الدورية”.

ويشرح الاستشاري: لا بد من إدراك أن العمل على تجنب الخلافات المالية بين الزوجين يبدأ من مرحلة ما قبل الخطبة، حيث ضرورة مصارحة كل من الشاب والفتاة للآخر حول إمكانياته المادية ودخله، واستعداد الفتاة للمساهمة في الإنفاق في حالة عملها، ونظرة كل منهما للمتطلبات الضرورية للحياة واستعداده للتعاون مع الآخر في سبيل إنجاح الحياة الزوجية.

ويضيف “غالباً ما تكون ديون الزوج سبباً في حدوث المشكلات في الأشهر الأولى من الزواج، خصوصاً إذا كانت الزوجة لا تعرف تبعات هذه الديون على مستوى المعيشة مقارنة مع الصورة الذهنية لديها”.

ومن المهم أن يتعود الزوجان على وضع ميزانية شهرية للإنفاق تراعي الأولويات وتبدأ من الاحتياجات الضرورية ثم الأقل أهمية ثم الكماليات، بحيث تتناسب هذه الميزانية مع دخل الأسرة، وتكون باتفاق الزوجين، والأفضل أن تراعي هذه الميزانية الادخار قدر المستطاع للظروف الطارئة، كالمرض ومصروفات الصيانة وغيرها من المصروفات غير الثابتة، وفق سرحان.

ويتحدث الاستشاري أيضا عن الحرص على عدم الاستدانة أو اللجوء للأقساط إلا في الحالات الضرورية، مع مراعاة إمكانيات الأسرة في تسديد الديون وأثر ذلك عليها.

الحوار الوسيلة المثلى للتفاهم

ويؤكد الاستشاري سرحان أن المشورة بين الزوجين ضرورية في كل الأمور، ومنها المادية والتوافق على الإنفاقـ مما يجعل الزوجين أكثر تفهماً وإدراكاً للواقع وقدرة على الصبر والتحمل والتعاون مع الآخر، وهي صفات ضرورية لنجاح الحياة الأسرية والتقليل من المشكلات.

وفي حال حدوث أية مشكلة، فإن الحوار هو الوسيلة المثلى للتفاهم وحل المشكلات، وفق سرحان، حيث إن الزوجين معاً مسؤولان عن شؤون الأسرة، سواء كانت الزوجة عاملة أو غير ذلك، وتفاقم المشكلات ليس في مصلحة أي منهما. والقناعة بأن المال وحده لا يجلب السعادة.

ويكمل: وفي حالة عمل الزوجة، فإن احترام الذمة المالية لها واجب على الزوج وحق للزوجة، وأن تكون مشاركتها في الإنفاق برغبة ورضى منها مع حفظ حقوقها المالية، ويجب ألا تمن على الزوج بذلك.

والزوجة التي تستشعر المسؤولية لا تحمل الزوج فوق طاقته، لأن ذلك يؤثر على صحته النفسية والجسدية وسلوكه في المنزل والعمل، وألا يميز أحدهما فيما ينفق على نفسه وما ينفقه على الآخر، فالعدالة في الإنفاق على الأمور الشخصية تشعر الجميع بالراحة والطمأنينة والمسؤولية، بحسب الاستشاري سرحان.

نقص المال يزيد المشاكل

ومن جهته يعلق استشاري العلاقات الزوجية والنفسية الدكتور أحمد سريوي، بقوله “المال وسيلة لا غاية، نعم صحيح، ولكن إن لم يتوفر المال يعني ذلك انقطاع الوسيلة في تحقيق الغاية، وذلك يعني أن جمع المال لأجل المال ليس هو الهدف لأن كنز المال لا يعود بالنفع على صاحبه إن لم ينفق ماله فيما يرغب”.

ويضيف: وعليه فإن الحياة الزوجية قائمة على جملة من المفاهيم والمبادئ التي من شأنها أن تصيغ مفهوم الأسرة، ومنها التفاهم على الإدارة المالية في الأسرة وأثر المال على سير الحياة الزوجية بشكلها الطبيعي.

ويبين أن “نقص المال يؤدي في غالب الأحيان لحدوث مشاكل زوجية وأسرية، بسبب عدم المقدرة على تلبية متطلبات الحياة، وتزيد وتيرة المشاكل وحدتها كلما زادت الديون وعبئها على هذه الأسرة، بحيث يتحول النقاش والجدال في الأسرة ليصبح متوجها إلى كيف من الممكن لهذه الديون أن تنتهي، وكيف يمكن تأمين الالتزامات حتى وإن كان ذلك على حساب كثير من التنازلات مثل الوقت المخصص للعائلة وغيره”.

وتتفاقم المشاكل وتتطور ليصبح تأثيرها يتعدى مجرد نقص الأموال إلى حدوث مشاكل جوهرية داخل كيان الأسرة، وقد يؤدي إلى تفككها أو حدوث الطلاق، وفق سريوي.

الحوار المالي الصحيح

ولحل هذه المشكلة بالشكل الصحيح، يشرح سريوي “يجب على الأسرة أن تتدرب على أساسيات الحوار المالي الصحيح” موضحا “في بداية الأمر يجب أن نشكر ونعذر في ذات الوقت من يقوم بتزويد الأسرة بالدخل سواء كان الأب أو الأب والأم”.

ويختم سريوي: قد يتشارك في الدخل بعض الأبناء فنشكره على جهده، ونعذره على تقصيره المالي في أداء بعض الأمور الواجبة، وبدلاً من توجيه اللوم والتقصير واختلاق المشاكل، لابد من استثمار هذا الوقت في عمل جلسات عصف ذهني لإيجاد حلول لزيادة الدخل، وتأمين المتطلبات الأساسية لأفراد الأسرة.

المال والزواج والتواصل

إذا كنت تتجادلين مع زوجك حول المال، فأنت لست وحدك. إنها القضية الأولى التي يتقاتل بشأنها المتزوجون. وتعتبر المعارك المالية السبب الرئيسي الثاني للطلاق بعد الخيانة الزوجية، بحسب ما نشر موقع “رمسي سولويتشنز” (Ramsey Solutions) أن دراسة شملت أكثر من ألف بالغ بالولايات المتحدة الأميركية لفهم سلوكيات ومواقف التمويل الشخصي، فضلاً عن كيفية تواصل الأزواج وتواصلهم بشأن المال.

إذن، لماذا يتشاجر الأزواج كثيرًا من أجل المال؟ وبنظرة خاطفة على حساباتهم المصرفية قد تتوفر الإجابة. فالأزواج الذين يتشاجرون بسبب المال عليهم الكثير من الديون الاستهلاكية، وعبء الديون له تأثير سلبي على الزواج، بغض النظر عن دخل الأسرة.

ويقول 41% من الأزواج الذين لديهم ديون استهلاكية إنهم يتجادلون بشأن المال، وهذا أكثر ما يتجادلون بشأنه. في المقابل، 25% فقط من الأزواج الذين ليس عليهم ديون يتجادلون حول المال. إضافة لذلك، فالمال لا يدخل قائمة الخمسة الأوائل للأشياء التي يجادل بسببها الأزواج غير المديونين.

وتتسرب الديون إلى الزواج مع مرور الوقت، فلدى الأجيال الشابة ديون أكثر بكثير من الأجيال التي سبقتهم. 43% من الأزواج المرتبطين منذ أكثر من 25 عامًا بدؤوا حياتهم بالديون، في حين 86% من الأزواج المرتبطين منذ 5 سنوات أو أقل لديهم ضعف ديون نظرائهم الأكبر سنًا.

الزيجات اليوم تبدأ بالديون، ليس ذلك فحسب، بل إن المزيد من الأجيال الشابة تتراكم ديونهم لدفع تكاليف زفافهم أكثر من الأجيال الأكبر سناً. وقال 41% ممن تزوجوا قبل 5 سنوات أو أقل إنهم شعروا بضغوط لإنفاقهم أكثر مما يستطيعون تحمله في حفل زفافهم. ويقول 54% من الأزواج المرتبطين قبل 5 سنوات أو أقل إن بعض نفقات زفافهم تمت تغطيتها ببطاقة ائتمان، ويقول 73% منهم إنهم نادمون على هذا القرار.

“الأزواج الذين بدأوا للتو يحتاجون لأساس أفضل ليحصلوا على زواج متين وطويل الأمد” وتقول راشيل كروز خبيرة مالية وكاتبة في نيويورك تايمز، “ولسوء الحظ، الديون تبقي الأزواج في الماضي وتمنعهم من التركيز على مستقبلهم”.

مزيد من الديون.. مزيد من الجدال

ووفق الدراسة، كلما زادت ديون الزوجين زاد احتمال أن يقولوا إن المال هو إحدى أهم القضايا التي يتشاجرون بشأنها. وحوالي 48% من الأزواج الذين لديهم ديون استهلاكية بقيمة 50 ألف دولار أو أكثر يقولون إن المال هو السبب الرئيسي للجدل، وهم أيضا يؤكدون أن محادثاتهم المالية “سلبية” أكثر 3 مرات من الأزواج الذين لديهم ديون أقل من 10 آلاف دولار.

وجاء في الدراسة نفسها أن الديون ليست نقطة الألم المالية الوحيدة للأزواج، إذ إن ثلث الذين يقولون إنهم تجادلوا مع أزواجهم بشأن المال، أخفوا عنهم عمليات شراء لأنهم كانوا يعلمون أن الشريك لن يوافق عليها.

وتقول كروز “الخيانة المالية أكثر انتشارًا مما يعتقده الناس، فعندما يخفي أحد الزوجين مشترياته عن شريكه، يؤدي ذلك إلى انهيار الثقة بعلاقتهما، يحتاج الأزواج إلى فهم اختلافاتهم المالية، مثلا، من هو المنفق ومن المدخر، ليمتلكوا المعرفة نفسها بخصوص مواردهم المالية”.

التخطيط المشترك يحدث الفرق

وتكشف الدراسة أن موضوعات مثل أهداف المال والأحلام مهمة ليناقشها الزوجان. إذ قال 87% من المستطلعين أن زواجهم “عظيم” كونهم وأزواجهم يضعون معًا أهدافا طويلة الأجل لأموالهم، مقارنة بـ 41% قالوا إن زواجهم “جيد” أو “في أزمة”.

كما أن 94% ممن قالوا إن زواجهم “عظيم” يناقشون أحلامهم المالية معًا، مقارنة بـ 45% فقط ممن قالوا إن زواجهم “على ما يرام” أو “في أزمة”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *