خارج الحدود

مصر تحبس أنفاسها استعدادا لـ”إسقاط” السيسي في ثورة الغلابة

عشية مظاهرات “ثورة الغلابة” المرتقبة غدا الجمعة، يحبس المصريون أنفاسهم، اليوم الخميس، استعدادا لإسقاط نظام السيسي احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تعيشها “أم الدنيا” في عهد الانقلاب العسكري.

مسيرة حاشدة

في مسيرة حاشدة بميدان رمسيس وسط القاهرة، خرج آلاف المصريين مساء اليوم الخميس، احتجاجا على سياسة النظام واستعدادا لما يسمونها بـ”ثورة الغلابة” المرتقبة غدا الجمعة، والتي يرمز اسمها إلى الأوضاع الاجتماعية المزرية التي يعيشها المواطنون المصريون.

ورفع المتظاهرون في مسيرة “رمسيس” شعارات غاضبة تطالب بإسقاط النظام الانقلابي وإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلد، مؤكدين في هتافاتهم أنهم لن يتراجعو في “ثورة الغلابة” إلا بتحقيق مطالبهم، وذلك في ظل تزايد حدة الاحتقان والغضب في الشارع المصري ضد النظام الانقلابي الذي يقوده عبد الفتاح السيسي.

وأوضحت قناة الجزيرة، مساء اليوم الخميس، أن هناك انتشارا أمنيا مكثفا في الميادين الرئيسية بالمحافظات المصرية، عشية مظاهرات “ثورة الغلابة”.

العصيان المدني

في السياق ذاته، دعت حركات وأحزاب معارضة لنظام السيسي، إلى بدء فعاليات العصيان المدني في موجة ثورية ممتدة لما بعد مسيرات 11/11 المعروفة إعلاميا بـ”ثورة الغلابة”، حتى الخلاص من “السيسي” ونظام الحكم العسكري، وذلك تحت شعار “دعوة لاسترداد حقوق الشعب المصري”.

وأشار الداعون للعصيان، في بيان مشترك لهم اليوم الخميس، أن دعواتهم تأتي في ظل “تسارع إجرام السيسي ونظامه ضد الشعب المصري وإصرارهما على تحميل الطبقات الفقيرة والمتوسطة تكلفة فشل العسكر وتبعات انبطاحهم للخارج بحثا عن شرعية غائبة، ومع استمرار فشل السيسي ونظامه في كافة المجالات”.

وأعلنوا عن إطلاق المرحلة الثانية من العصيان المدني، مرحلة المقاطعة الاقتصادية، لافتين إلى أنها تشمل “مقاطعة منتجات المصانع العسكرية لمقاومة تغولهم على أصحاب المصانع المدنيين، ومقاطعة جهات تقديم الخدمات التابعة للعسكر (نواد، مخابز، مصايف، محطات بنزين، …)، رفضا لانشغال العسكر بالأعمال غير العسكرية”.

ووقع على البيان حركة “عصيان مدني”، وحزب الأصالة، وحركة “ثوار”، والأكاديمية السياسية الوطنية، وحملة باطل، وحركة رياح الغضب، وصفارة إنذار، مؤكدين أن دعوتهم مفتوحة لانضمام المزيد من المكونات.

مقاطعة شاملة للنظام

وطالب البيان بمقاطعة أي حدث اجتماعي أو رياضي يتم في المنشآت التابعة للعسكر، والامتناع عن دفع الضرائب أو تأجيلها لأطول فترة ممكنة لمنع نظام السيسي الذي وصفوه بالعسكري المستبد من “توظيف أموال الشعب المصري في امتهان كرامته وتضييع مقدراته”، إضافة إلى الدعوة لمقاطعة البنوك الحكومية ودفاتر توفير البريد وخدماتها.

وأوصى البيان بعدم “تنظيم تجمعات كبيرة، لتقليل احتمالات اعتداء الأمن على المتظاهرين أو اقتناص معتقلين جدد أو قتل المزيد من الأبرياء، واعتماد فعاليات التجمعات الصغيرة (بالعشرات أو المئات)، والتي تنتشر في أماكن كثيرة (بالمئات أو الآلاف) لتأمين المشاركين ومنع اعتداءات الأمن على الثوار، ورفض أي دعوات للتخريب أو السرقة والنهب، حتى لو كانت مزاحا”.

ووجه موقعو البيان نداء لكافة أبناء مصر، قائلين إن “المعتقلين وذويهم ينتظرونكم لنجدتهم من جحيم معتقلات العسكر، فلا تخذلوا إخوانكم، ولا تتوقفوا عن السعي معنا لإنقاذ وطنكم، ولا تتركوا الشعب المطحون فريسة للعسكر، بل ندعوكم -ونتعهد معكم- للاستمرار في العمل وتكرار المحاولة وتصحيح الأخطاء حتى يُكتب لنا ولمصر الخلاص من حكم العسكر واستبداده، لنعيش جميعا في وطن حر يتمتع أبناؤه بالعدل والكرامة”.

الإخوان يشاركون

أكدت جماعة الإخوان المسلمين مشاركتها في تظاهرات غد الجمعة مع جميع أفرادها، وتأييدها للمطالب “الشعبية المعلنة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والرافضة للقرارات الاقتصادية” التي وصفتها بـ”الكارثية”، كما أعلنت أن مشاركتها غدا هي جزء من توجهها الثوري منذ ثورة يناير 2011.

وقالت الجماعة في بيان لها عبر صفحة المتحدث محمد منتصر على “فيسبوك” اليوم الخميس، إنها “تدعو أبناءها والشعب المصري، بأسره للمشاركة في دعوات ثورة الغلابة التي دعت لها عدد من الحركات الشعبية و”غلابة” و”جياع” و”عصيان” و”ضنك” وغيرهم”، داعية كافة أفرادها إلى “المشاركة والدعوة، كجزء من الشعب المصري”.

وأعلنت الجماعة أنها: “ليست جزءا من أي سيناريو يحاك بعيدا عن الثورة وأهدافها ومطالب الشعب المصري، وأن مشاركة الجماعة في هذه الدعوة الثورية هي جزء من التوجه الثوري الذي أعلنته الجماعة منذ ثورة يناير في 2011، وتطوير أفق العمل الثوري منذ الانقلاب.

مخطط إفشال المظاهرات

ونقلت وسائل إعلام دولية عن مصادر أمنية مصرية، أن وزارة الداخلية وضعت خطة شاملة لمواجهة دعوات التظاهر، وإجهاضها مبكرا وعدم إعطاء فرصة لتجمع المتظاهرين فى الشوارع أو الميادين، عبر مواجهة أية تحركات بسرعة وحزم خوفا من خروج الأمور عن السيطرة.

وأوضحت المصادر أن الداخلية بدأت في اتخاذ إجراءات استثنائية وغير مسبوقة لمواجهة هذا اليوم، حيث تم نقل ضباط وقيادات بارزين إلى الأماكن التي يتوقع أن تشهد تجمعات كبيرة للمتظاهرين، كما تم تغيير أماكن كثير من الضباط خوفا من استهدافهم.

وأصدرت الداخلية قبل أيام، تعميما على جميع العاملين بالوزارة، بما في ذلك الموظفين المدنيين والإداريين، ينص على تكليفهم بأدوار أمنية في ذلك اليوم للتصدي للمتظاهرين، وتم التأكيد على هؤلاء الموظفين بأنه سيتم توزيعهم في الشوارع مرتدين ملابس مدنية، وأنه سيتم تسليحهم للدفاع عن أنفسهم أو المنشآت الحيوية، أو حتى تفريق المتظاهرين إذا استلزم الأمر.

وأكدت المصادر أن حالة استنفار قصوى تم إعلانها في وزارة الداخلية مطلع الشهر الجاري، كما تم إلغاء إجازات جميع العاملين بالوزارة بلا اسثتناء، مع الاستعانة بقوات إضافية، مشيرة إلى أن تعليمات من الوزارة صدرت بتوسيع دائرة الاشتباه السياسي والجنائي وإلقاء القبض على أي شخص يثير شكوك رجال الأمن لحين التأكد من عدم تهديده للأمن.

حملة اعتقالات

وفي نفس الصدد، زادت الأجهزة الأمنية في مصر من وتيرة اعتقالاتها لمعارضي رئيس الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، ممن يبدون معارضته في الشوارع، وعبر صفحات موقعي التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر”، وذلك في محاولة حثيثة منها، لإجهاض تظاهرات “ثورة الغلابة”.

وأكدت سلطات الانقلاب، استعدادها مبكرا للتصدي لهذه التظاهرات المتوقعة، عبر تشديد قبضتها الأمنية واتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة أي تحركات في الشارع.

أما الرئيس عبد الفتاح السيسي فقد توقع في تصريحات سابقة للصحف “بفشل المظاهرات المزمع خروجها الشهر المقبل، نتيجة وعي المصريين”، ورغم ذلك تستبق الأجهزة الأمنية الأحداث بحملات اعتقالات واسعة للناشطين.

السيسي يستجدي المصريين: أرجوكم قفوا بجانبي وبلاش ثورة

واستجدى قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي المصريين، للحصول على دعمهم وتأييدهم، وتوسل لهم بشكل صريح للوقوف بجانبه، وعدم التخلي عنه، قبل أيام من تظاهرات 11 نونبر.

وخاطب السيسي المصريين خلال المؤتمر الوطني الأول للشباب بسيناء قبل أسبوعين، بالقول: “لما أنتم طلبتوني عشان أقف جنبكم في 30 يونيو مترددتش ثانية، ووقفت بدون ما أفكر في نفسي، ولا في أولادي، وفكرت فيكم أنتم، وخفت على البلد لتضيع وفيها تسعين مليون إنسان، دلوقتي جه الدور عليكم، وأنتم وعدتوني إنكم هتقفوا جنبي”.

وأضاف: “أنا لم أبخل عليكم بحياتي، وأنا دلوقتي مش طالب حياتكم، أنا طالب منكم إن إحنا نبقى أمة تصبر وتتحمل وما تتكلمش؛ عشان تفشل محاولات تركيعها”.

وتابع: “أنتم اللي هتحددوا مصير ومستقبل مصر، أنا دوري معاكم عملته، والمشكلة كبيرة، ومش هقدر عليها لوحدي، ودلوقتي جه دوركم أنتم، هتعملوه ولا لأ؟”.

ترامب يدعم السيسي

وفي سياق متصل، أفاد وليد فارس، مستشار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، أن السيسي سيكون أول رئيس سيزوره ترامب في منطقة لاشرق الأوسط وشمال إفيقيا، حيث ستكون القاهرة المحطة الأولى في زيارات الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية إلى المنطقة.

وقال فارس، في تصريحات لصحيفة “اليوم السابع” المصرية، أمس الأربعاء، إن الإدارة الأمريكية الجديدة “لن تنسى مصر وستدعمها في كل المجالات”، مضيفا أن مصر “عانت ما عانته بسبب حكم الإخوان المسلمين والغطاء الذي وفرته لهم إدارة الرئيس باراك أوباما”، على حد تعبيره.

وأكد فارس أن واشنطن “ستكون صديقا مقربا لمصر، وأن ترامب أبدى اهتماما خاصا بمصر، وأنه يدرك أهميتها كرمانة الميزان في المنطقة، وهو حريص على دعم التعاون المشترك بين القاهرة وواشنطن”، حسبما نقلت الصحيفة.

وكشف عن أن ترامب يؤيد إصلاح الخطاب الديني، مبرزا أن مصر مهمة بالنسبة لترامب لدورها القوي في مواجهة الأفكار المتطرفة، وقد أبدى استياءه حينما وقعت تحت حكم الإخوان، وفق تعبيره.

خطب جمعة موحدة

وخصصت وزارة الأوقاف المصرية خطبة الجمعة الماضية في المساجد عن “حماية الأوطان وسبل بنائها”، لمواجهة دعوات التظاهر في 11 نومبر المقبل، حسب مسؤول بالوزارة.

وقال المسؤول لموقع دولي مفضلا عدم ذكر اسمه لكونه غير مخول بالحديث للإعلام، إن الوزارة “طالبت جميع الأئمة بالالتزام بنص الخطبة أو بجوهرها – على أقل تقدير- لما تقتضيه طبيعة المرحلة من ضبط للخطاب الدعوي”.

والخطبة الموحدة، المطبقة منذ أكثر من عام بالمساجد التابعة لوزارة الأوقاف، تعتمد على تحديد موضوعها، من جانب الوزارة، على أن تكون الخطبة عموما ارتجالية تدور حول الموضوع المحدد.

إعلام السيسي يحرض

ويحاول الإعلام المصري المؤيد للانقلاب بشتى الطرق منع المواطنين من المشاركة في مظاهرات الغد، خوفا من تحولها إلى ثورة حقيقية تطيح بالنظام الحاكم.

وخلال الأيام القليلة الماضية، تنوعت أساليب الإعلاميين في إطار سعيهم لإجهاض هذه الدعوات وإثناء المواطنين عن التظاهر، بين التخويف من مخططات شيطانية لإثارة الفوضى والتخريب، وبين التبشير بثروات طائلة ستنهال على الشعب بعد شهور قليلة إن هم تحملوا أوضاعهم الحالية.

تلفيق التهم

وعلاقة بالجانب الأمني بمصر، قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن وزارة الداخلية المصرية تعتمد منهج تلفيق التهم بناء على تحريات مفبركة، وتعريض الضحايا للاختفاء القسري والتعذيب الشديد، لإجبارهم على اعترافات مملاة عليهم كدليل على ارتكابهم جرائم تصل عقوبتها للإعدام.

وأشارت في بيان لها اليوم الخميس، إلى أن “الداخلية” تقوم بتصوير الضحايا ونشر اعترافاتهم عبر القنوات الرسمية والموالية للسلطات الحالية لاستخدامها في تشويه صورة معارضي النظام الحالي ووسمهم بالإرهاب واستخدام العنف.

وشدّدت المنظمة على أن ما تقترفه القيادات الأمنية هو ممارسة منهجية لجرائم الخطف والاحتجاز غير القانوني والتعذيب والتزوير في المحررات الرسمية والتزوير المعنوي بتلفيق تحريات كاذبة انتهاكات جسيمه لقواعد القانون الدولي.

وأضافت أن “تصوير المتهمين، وهم يدلون باعترافات انتزعت تحت التعذيب غير مقبول قانونا، فعملية تصوير الاعترافات وإذاعتها هو إدانة مسبقة للمتهمين خارج ساحات القضاء وممارسة مفضوحة الغرض منها التشويش على الرأي العام، كما أنه يعد انتهاكا جسيما يضاف إلى جملة الانتهاكات المنهجية التي يرتكبها النظام الحالي دون توقف بعد الثالث من يوليوز 2013”.

ونشرت وزارة الداخلية عبر وسائل الإعلام الرسمية والموالية للسلطات، تسجيلا مصورا لمجموعة من الأشخاص، وهم يدلون باعترافات أمام الجهات الأمنية حول ضلوعهم في ارتكاب التهم المنسوبة إليهم.