مجتمع

بعد ست سنوات من التعاقد..إلى أين يتجه صراع المتعاقدين مع وزارة بنموسى؟

أزيد من ست سنوات ليست كافية على ما يبدو لوقف نزيف المدرسة العمومية، وإنهاء مسلسل الإضرابات التي لا تنتهي بعد التعاقد الذي سنه عبدالإله بنكيران سنة 2016، والذي اعتقد آنذاك أن قراره بتوظيف حوالي 11000 أستاذ في قطاع التعليم عن طريق العقدة سيحل مشاكل الخصاص الذي يعاني منه القطاع، إلا أن العديد من المتتبعين للشأن التعليمي يعتبرونه أكبر مشكل تحولت بسببه السنة الدراسية إلى “أيام إضراب تتخللها أيام دراسية”.

المتعاقدون أو الذين فرض عليهم التعاقد كما يسمون أنفسهم وفي إطار دفاعهم على ما يصفونه بالحق العادل والمشروع في الوظيفة العمومية، دخلوا في أشكال احتجاجية متنوعة منظمة على الأقل منذ سنة 2018 وهي السنة التي أعلنوا فيها عن تأسيس التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد لإجبار وزراء تعاقبوا على تسيير وزارة التربية الوطنية على إدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية.

المتعاقدون لم يقبلوا تعديلات الوزير الأسبق أمزازي التي أدخلها سنة 2019 على نظام التعاقد الذي أطلق عليه اسما جديدا هو النظام الأساسي لموظفي الأكاديميات، كما أنهم لم يرضوا باتفاق النقابات مع الوزير الحالي شكيب بنموسى يوم 14 يناير 2023 الذي ألغى الأنظمة الأساسية وبشر بنظام أساسي واحد وموحد يدمج الرسميين والمتعاقدين، رافعين شعارهم الخالد “لا بديل عن الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية”.

وفي إطار رفضهم لكل المقترحات، دخلت هذا الموسم الجاري بمعية تنسيقيات تعليمية أخرى في خطوة غير مسبوقة تتعلق برفض تسليم أوراق المراقبة المستمرة ونقط التلاميذ للإدارة وعدم مسكها في منظومة مسار، وهي الخطوة التي أعلنت تنسيقيتان عن تعليقها في وقت لاحق، إلا أن المتعاقدين أصروا على إتمام معركتهم حتى لو تم توقيفهم، كما عبر أكثر من أستاذ على مواقع التواصل الاجتماعي.

رد الجهات الرسمية التي تطلق عليهم “أطر الأكاديميات” لم يتأخر كثيرا، إذ اتخذت في حق العديد منهم قرارات التوقيف المؤقت عن العمل بعد أن وجهت إليهم تنبيهات تدعوهم فيها إلى مسك النقط وتسليم أوراق الفروض للإدارة في أقرب الآجال.

هذه التوقيفات أججت الصراع من جديد بين المتعاقدين ووزارة التربية الوطنية، إذ أعلن المكتب الوطني للتنسيقية خوض إضراب وطني منذ الأربعاء الماضي لثلاثة أيام، قبل أن يقرر تمديده لأربعة أيام اخرى عبر بلاغين منفصلين. كما عرفت بعض المديريات خطوات احتجاجية للرد على هذه القرارات التي يصفها المتعاقدون باللاقانونية.

وأوضحت التنسيقية في بلاغ سابق، أن الإضراب جاء ردا على التوقيفات المؤقتة عن العمل، والتوقيفات في الأجور، التي تعرض لها عدد من الأساتذة أول أمس الخميس.

وحملت التنسيقية، المسؤولية التامة لما آلت إليه الأوضاع لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وللحكومة.

وأكدت التنسيقية أن ‘‘معركتها هي معركة للدفاع عن المصالح المشتركة للتلميذ والطالب والمعطل والأستاذ الممارس والمتدرب‘‘، مضيفة أن ‘‘المساس بأي أستاذ أو أستاذة هو بمثابة المساس بجميع الأساتذة‘‘.

وفي الوقت الذي تدافع فيه وزارة التربية الوطنية عن قراراتها التي تقول إنها إجراءات إدارية مسطرية عادية تطبق في حال الإخلال بالواجب المهني، يقول المتعاقدون إنها قرارات لا تستند لأي أساس قانوني في ظل ما يعيشونه من فراغ قانوني، وفق تعبيرهم.

وفي هذا السياق، قال عبدالاله طلوع، وهو أستاذ متعاقد بمديرية سطات، إن الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد يخوضون معركة بطولية من أجل الحق في الادماج في أسلاك الوظيفة العمومية والدفاع عن المدرسة والوظيفة العموميتين وإسقاط مخطط التعاقد.

وأضاف في تصريح لجريدة “العمق” أن الشارع يغلي في جميع مدن المملكة ردا على المضايقات التي تطال الأساتذة، “وما نعيشه اليوم من ظلم وحيف”، وفق تعبيره.

وقال المتحدث: “فعوض إيجاد الحلول وإدماج الأساتذة وتمكينهم من حقهم الدستوري، نجد المصالح الخارجية للوزارة الوصية تزيد الوضع احتقانا ولم تجد حلا سوى تهديد الأساتذة وإمطارهم بالعديد من التفسيرات والتنبيهات والتوقيفات.

وأشار إلى أنه بعد الأحكام بالسجن “الجائرة” في حق العديد من الأساتذة والأستاذات، ها هي اليوم إجراءات أخرى “خطيرة” تتخذها الوزارة زالمتعلقة بتوقيف الأساتذة وتوقيف الأجر والتهديد بالعزل بسبب الأشكال النضالية “المشروعة”، وبسبب الشكل النضالي الذي نهجته التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد والمتعلق بمسك النقط وعدم تمكين المؤسسات منها، وفق تعبير طلوع.

وختم عبدالاله طلوع تصريحه لجريدة العمق بالقول: “هذه رسالة إلى الوزارة الوصية، فالتوقيف عن العمل لا يخيفنا لأنه ببساطة غير قانوني في ظل ما نعيشه من فراغ قانوني فنحن لا ننتمي لا لسلك الوظيفة العمومية ولا يحكمنا أي قانون أو نظام سواء قانون الشغل أو أنظمة أخرى نعمل وكأننا في ضيعة للأسف”.

“إجراء غير قانوني”.. قمنا بنقل هذا التعليق على القرار لمسؤول بوزارة التربية الوطنية الذي قال إن التوقيف المؤقت عن العمل إجراء قانوني نص عليه النظام الأساسي للوظيفة العمومية في الفصل 73، كما نصت عليه الأنظمة الأساسية لأطر الاكاديميات في المادة 100.

وتنص المادة سالفة الذكر على أنه إذا ارتكب أحد الأطر خطأ فادحا سواء تعلق الأمر بإخلال بالتزاماته المهنية أو بجنحة ماسة بالحق العام أو كان محل متابعة قضائية أو في حالة اعتقال، جاز توقيفه عن العمل في الحال من لدن الجهة المسندة إليها السلطة التأديبية، وتوقيف مرتبه على أن تستثنى من ذلك التعويضات العائلية.

وتنص المادة 94 أيضا على نوعين من العقوبات التأديبية، عقوبات من الدرجة الأولى وعقوبات من الدرجة الثانية، وتتضمن الأولى عقوبتي الإنذار والتوبيخ والتي يجوز لمدير الأكاديمية أن يصدرها دون الرجوع إلى المجلس التأديبي، وفق ما تنص عليه المادة 95 من الأنظمة سالفة الذكر.

أما عقوبات الدرجة الثانية فتشمل الحذف من لائحة الترقي والانحدار من الرتبة والقهقرة من الدرجة والعزل من غير توقيف حق التقاعد والعزل المصحوب بتوقيف حق التقاعد والتي يمكن اتخاذها بعد استشارة المجلس التأديبي.

وأوضح المسؤول ذاته في تعليقه على مسار من توقف عمله، أن القرار لا يلغى إلا بقرار آخر، وعادة ما يلغى بقرار من المجلس التأديبي، إلا أنه في حالة أطر الأكاديمية حيث لا وجود لهذا المجلس فلا يمكن إلغاؤه إلا بقرار من المحكمة بعد أن يرفع المتضرر من القرار دعوى قضائية ضد الجهة التي أصدرت القرار للحصول على حكم لصالحه.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • متتبع مغربي
    منذ سنة واحدة

    متى فرض عليكم التعاقد؟ وماهي الوسيلة القسرية ؟