حوارات، مجتمع

تحدث عن استيراد التضخم.. أبوالعرب يعدد أسباب الغلاء وتأثيره على السلم الاجتماعي

المحلل الاقتصادي عبد النبي أبو العرب

في خضم موجة ارتفاع الأسعار التي يعرفها المغرب، وانتقال هذا الارتفاع إلى مواد غذائية يتم إنتاجها داخل المملكة، أثيرت العديد من التساؤلات والاستفسارات عن مسببات هاته الموجة وتداعياتها وأفق انحصارها أو استمرارها، وعن جدوى السياسات الحكومية المتخذة ومدى نجاعتها.

في هذا السياق يذهب المحلل الاقتصادي عبد النبي أبو العرب إلى القول، إن موجة ارتفاع الأسعار التي طالت المنتجات المحلية، وإن كانت مرتبطة في صلبها بالأزمة العالمية، إلا أنها اتخذت طابعا خاصا وأكثر حدة في المغرب بسبب الجفاف.

واعتبر أبوالعرب ضمن حوار مع جريدة ‘‘العمق‘‘ أن الإجراءات الحكومية المتخذة ذات نتائج إيجابية محدودة، مستغربا في الوقت نفسه تقاعس الحكومة وعدم تدخلها الفعال تجاه الاتهامات الموجهة لبعض أطرفها من الاستفادة من هاته الأسعار، وما لذلك من تأثير على مستوى السلم الاجتماعي، قد يصل وفق تعبير أبو العرب، إلى مزيد من الاحتقان وإمكانات خوض تظاهرات شعبية في الأسابيع والأشهر المقبلة.

فيما يلي نص الحوار كاملا:

ما هي الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع أسعار مواد أساسية يتم إنتاجها بالمغرب؟

يبقى السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية التي يتم إنتاجها في المغرب، هو مسألة الجفاف وقلة التساقطات، حيث إن قلة التساقطات أثرت على القطاع الفلاحي وعلى قلة المنتجات، وعلى ذلك أضحت تكلفة السقي والري وتكلفة إنتاج المواد الفلاحية باهظة الثمن بالنسبة للفلاحين، وفي هذا الإطار ينبغي الإشارة إلى أن مجمل الضيعات الفلاحية خاصة الكبرى منها عرفت عمليات حفر للآبار وهاته الآبار أكثر عمق وتعقيد وكلفة من سابقاتها، مما أثر فعلا على تكلفة المواد الفلاحية المنتجة في المغرب.

قطاع الزيتون على سبيل المثال عرف هذه السنة نقصا حادا في المنتوج الوطني، حيث تراجع بحوالي 75 % بفعل ظاهرة الجفاف التي عرفها المغرب السنة الماضية، وبالتالي كانت هناك ندرة في المنتوج فارتفعت الأسعار لأن الطلب أكبر من المنتجات المتوفرة ومن المنتظر أن يصل ثمن لتر واحد من زيت الزيتون إلى حوالي 90 أو 100 درهم خلال الأشهر المقبلة.

كما لا يمكن استثناء عوامل أخرى كالتضخم وارتفاع الأسعار على المستوى العالمي، هي مسألة متعددة الأبعاد والعوامل وفي هذا الإطار يمكن أن نضيف بعض العوامل الأخرى؛ منها مسألة تعدد الوسطاء والمضاربة حول الأسعار، ونشير أيضا إلى أن التضخم هو تضخم مستورد، فهناك تكلفة لدى المنتجين متعددة الأبعاد هي الأخرى، ترتبط بالطاقة والمحروقات وهي جد مكلفة ومرتفعة الثمن، اليد العاملة أيضا ارتفعت تكلفتها، إلى جانب كلما يتعلق بالتجهيزات وبالأدوية وبالمبيدات وغيرها تقريبا، كل المجالات وكل المنتجات في كل القطاعات عرفت ارتفاعا في الأسعار أثر بصفة مباشرة أو غير مباشرة على ارتفاع أسعار المواد التي يتم إنتاجها في المغرب.

هل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بوقف التصدير والوقوف على اختلالات السوق كافية لإنهاء الأزمة؟

أعتقد أن وقف التصدير كإجراء اتخذته الحكومة سيكون له تأثير مباشر على السوق الداخلية وعلى الأسعار المتداولة حيث إن المغرب حقق رقم معاملات فيما يتعلق بصادرات المواد الفلاحية قياسي مقارنة مع السنة الماضية، مما يعني أن حجم وكمية المواد الموجهة للتصدير هي جد مهمة ومرتفعة من حيث القيمة ومن حيث الكمية، الحد من التصدير في هذا المجال سيمكن من تموين الأسواق الداخلية بشكل كافي وبشكل يتجاوز الطلب مما سينعكس على ثمن الأسعار.

خرجات السلطات في الأسواق والتحريات التي تقوم بها من أجل ضبط الاحتكار وتخزين المواد من أجل التأثير على الأسعار في الأسواق، سيكون لها تأثير هي الأخرى ولو في مستوى محدود لأنه لا يجب أن ننسى أن الأسعار هي حرة ومن يحددها هو بطبيعة الحال القانون الذي يؤسس لحريات الأسعار بالمغرب.

ما هي مآلات هذا الارتفاع على السلم الاجتماعي؟

مآلات ها الارتفاع على السلم الاجتماعي ستكون حساسة جدا، وشهدنا ردود أفعال شعبية واسعة تنتقد الحكومة وتعبر عن سخطها إزاء التضخم والارتفاع الملهب للأسعار على مستوى كل المنتجات وخاصة الأساسية منها.

أعتقد أنه إذا استمرت الأمور على ما هي عليه وتقاعست الحكومة عن التدخل بخصوص الاتهامات الموجهة لبعض أطرفها من الاستفادة من هاته الأسعار خاصة، فسيكون لذلك تأثير على مستوى السلم الاجتماعي وقد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان وإمكانات للتظاهرات والاحتجاجات الشعبية، وهذا جد ممكن في الأسابيع والأشهر المقبلة.

إلى متى ستستمر موجة ارتفاع الأسعار هاته؟

بكل تأكيد هاته الموجة من ارتفاع الأسعار هي عالمية واتخذت طابعا خاصا وأكثر حدة في المغرب بسبب الجفاف، أعتقد أنها ستستمر على المستوى القريب وكذلك المتوسط شريطة أن تتغير الظروف كما قلت الدولية وخصوصا الحرب الروسية الأوكرانية، وأيضا الحد من تداعيات جائحة كورونا وتأثيرها المتزايد على سلاسل الإنتاج والتوريد وعودة التساقطات للمغرب.

أعتقد أن هاته العوامل خاصة منها مسألة التساقطات ستؤدي إلى تراجع الأسعار على المستوى القريب بصفة مؤكدة ولو أن هنالك أيضا جوانب تتعلق بعوامل دولية، لا يبدو أنه في المدى القريب ستنجلي هاته العوامل وبالتالي فمن المنتظر أن يستمر هذا الارتفاع في الأسعار في الأفق القريب والمتوسط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *