سياسة

240 ألف جمعية بالمغرب.. “الأغلبية” تدعو لقانون مستقل وصارم والتشدد في الدعم

فتحت فرق الأغلبية بمجلس النواب، الخميس، النقاش حول إصلاح المنظومة القانونية للجمعيات بالمغرب، حيث أكدت مداخلات رؤسائها، ضرورة وضع قانون للجمعيات صارم ومستقل عن ظهير الحريات العامة لسنة 1958، فيما أكد الوزير الوصي على القطاع، مصطفى بايتاس، أن “الوزارة المكلفة بالعلاقات مع المجتمع المدني تولي هذا الأمر أهمية خاصة”.

وقال رئيس الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، أحمد تويزي، إن ظهير 1958، بعد دستور 2011، أضحى لا يستجب لتطلعات المجتمع المدني، وهو مايفرض تغييره جذريا، مبرزا النسيج الجمعوي بالمغرب كبير جدا، حيث يصل عدد الجمعيات إلى أزيد من 240 ألف جمعية، كلها تشكو من عدة مشاكل تحد من فعالية المجتمع المدني.

وأضاف تويزي في مداخلة له خلال اليوم الدراسي الذي نظمته فرق الأغلبية حول “مراجعة القوانين المنظمة للعمل الجمعوي بالمغرب مدخل أساسي لتطويره”، بمجلس النواب، أن الدستور الجديد منح الجمعيات والمواطن دورا محوريا وأساسيا في تثبيت السياسات العمومية، لافتا إلى أن المجتمع المدني يلعب دورا كبيرا في الترافع عن الكثير من القضايا المجتمعية، حيث تم إخراج قوانين بإصرار المجتمع المدني وترافعه.

التشدد في النصوص القانونية

ويرى رئيس الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، ضرورة التشدد في النصوص القانونية التي لها علاقة بالمجتمع المدني، خصوصا في الشق المتعلق بالإعانات والدعم، مشيرا إلى تعدد المتدخلين في هذا القطاع، وزارة الداخلية فيما يخص التصريح، والأمانة العامة فيما يخص المساهمات المالية والعينية التي تتحصل عليها من الخارج، وكذلك الوزارة المكلفة بالعلاقات مع المجتمع المدني.

ومن الإشكالات التي تعاني منها المنظومة القانونية للجمعيات، ذكر تويزي إشكالية التمويل والشراكة بين الجمعيات، ونظام الضرائب، والإطار القانوني المنظمة للتشاور العمومية، موضحا أن فرق الأغلبية تعتبر بأن الحكومة تتوفر على استراتيجية طموحة وبمحاور منسجمة وخلاقة للنهوض بالمجتمع المدني وتطويره تنظيميا وهيكليا وتعزيز الشراكة بين الجمعيات والدولة.

من جانبه، قال نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، إن الدور الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والرياضي والتأطيري الذي يقوم به المجتمع المدني بالمغرب، يستدعي اليوم قانونا مستقلا بذاته ولذاته، بدلا من الظهير الذي ينظم الجمعيات والذي مرت عليه أزيد من 65 سنة.

مضيان، أكد أن الكم الهائل من الجمعيات بالمغرب، والذي يصل لـ240 ألف جمعية في 1500 جماعة، يستدعي وقفة تأمل واستحضار للحقائق بخصوص المجتمع المدني، وما إن كانت فعلا هذه الجمعيات كلها تتوفر فيها الشروط، ليس القانونية، بل الأساسية والحقيقية لتأهيل وتأطير المجتمع، مضيفا أنه حان الآوان لإعادة النظر في الآليات التي تنظم العمل الجمعوي.

وشدد المتحدث، على ضرورة التمييز بين المجتمع المدني الحقيقي والذي لا يوجد إلا على الورق، أي لا يتوفر لا على مقر ولا على أنشطة ويطتفي بطرق أبواب المجالس المنتخبة طلبا للدعم، مضيفا بالقول: “نريد مجتمعا مدنيا قويا فاعلا قادرا حتى على خلق موارده، ومساهما مساهمة حقيقية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية”.

مجتمع مدني مستقل

ومضى مستطردا: “نريده مجتمعا مدنيا مستقلا بذاته، وليس تابعا ولا متبوعا، ولا يطرق الأبواب، بل يجب أن تكون لديه إمكانياته المحددة بالقانون، وليس مجتمعا مدنيا يطلب 2000 درهم أو 5 آلاف درهم لتمويل نشاط”، متسائلا: “كيف يعقل أن في إقليم به 50 ألف نسمة هناك 650 جمعية.. ربما الجمعيات يجب أن يكون لديها قانون مستقل عن ظهير الحريات العامة، وألا يظل فقرة أو جزءا”.

في سياق متصل، قال الشاوي بلعسال، رئيس الفريق الدستوري الاجتماعي، إن المجتمع المدني بالمغرب يتحرك بسرعة، وهو ما يجعلنا نتسائل هل هذه القوانين المنظمة للجمعيات تساير الدينامية الجديدة والواقع الذي تعيشه منظمات المجتمع المدني؟ داعيا إلى إنضاج النقاش بهذا الخصوص من خلال عقد اجتماعات أخرى ليتحرك التشريع والحكومة لإخراج قانون يساير التطوارت الجديدة.

وبدوره، أكد البرلماني الحسين بن الطيب، في مداخلة باسم الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار، ضرورة إجراء نقاش علني منفتح، وإشراك منظمات المجتمع المدني في الحوار العمومي البرلماني، وهي أمور ضرورية لإبراز المنهج التوافقي والتشاوري الذي يرافق إصلاح المنظومة القانونية المتعلقة بالجمعيات والعمل التطوعي.

واعتبر بن الطيب، أن تضخم بنية المجتمع المدني التي فاقت 200 ألف جمعية، بما رافقها من ممارسات سلبية، هو أكبر معيق لتحقيق الأهداف الدستورية وأقوى كابح للديمقراطية التشاركية، مضيفا أن “كل ما يمكن أن يوضع من مخططات وسياسات استراتيجية، لن يكون له أي أثر على المستوى الترابي في ظل وجود جمعيات في محفظة أصحابها، أو جمعيات بدون مقرات، أو جمعيات مؤقتة تحدث لمهمة، أو جمعيات يقودها انتهازيون”.

مهنة من لا مهنة له

وسجل المتحدث، كثرة الجمعيات وتناسلها، وكذلك تشابه الأنشطة والأهداف التي تحملها بشكل ملفت للانتباه، الشيء الذي يؤثر على العمل الجمعوي نظرا لغياب التجديد والإبداع داخلها، مضيفا أن قائمة الأعطاب، تتجسد أيضا في ظهور بعض الجمعيات الأفقية الغير الجادة، والتي تسعى فقط إلى اقتسام أو كسب الدعم المالي العمومي الذي تقدمه الدولة، وغالبا ما تدمج هذه الجمعيات عدة أنشطة تنموية للاستفادة من عدة جهات، مما يسبب انعدام الثقة لدى المواطنين.

وانتقد فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، “تحول العمل الجمعوي التطوعي لدى البعض إلى مهنة من لا مهنة له، وبدل العيش من أجل المجتمع المدني تحول الأمر إلى العيش بالمجتمع المدني، بل الإثراء الغير المشروع بمشاريع تطوعية، وهذه ممارسات مشينة وطفيليات انتهازية، كان بالإمكان استئصالها لو كانت هناك منظومة قانونية صارمة ومؤسسات حكامة تطال كل الجمعيات المرخص لها”.

اهتمام حكومي

من جانبه، قال الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إن وزارته تُولي أهمية خاصة لتطوير البيئة والإطار القانونيين المنظمين للجمعيات وملاءمته مع الأحكام الدستورية، لأنه يمثل بالفعل الضمانة الأساسية لتفعيل آليات الديمقراطية التشاركية على الوجه الأمثل، وتمكين جمعيات المجتمع المدني من ممارسة أدوارها الدستورية والمساهمة في تدبير الشأن العام وصناعة القرار العمومي ومن تم المساهمة الفعلية في التنمية.

وأضاف بايتاس، في مداخلته خلال هذا اليوم الدراسي الذي احتضنه مجلس النوب، أنه على هذا الأساس سطر البرنامج الأول المتعلق بالبيئة القانونية والضريبية للجمعيات مشروعين محوريين، يهدف المشروع الأول إلى مساهمة الوزارة في تأهيل الإطار القانوني للجمعيات إلى جانب الفاعلين المؤسساتيين المعنيين.

أما المشروع الثاني، يضيف المسؤول الحكومي، فيروم تحسين النظام الضريبي لجمعيات المجتمع المدني، وكذا العمل على وضع إطار ضريبي محفز لتعزيز التشغيل بالجمعيات ودعم الشركات من قبيل تخفيض الضرائب على الشركات والمستثمرين لتشجيعهم على دعم الجمعيات وخصم التبرعات مع تحديد سقف لا يمكن تجاوزه والإعفاء من الضريبة المهنية على الدخل وغيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *