حوارات، سياسة

الدحموني: اغلالو تفتقر لمقومات تدبير العاصمة ونرفض عودة “الصابو”

يعيش المجلس الجماعي لمدينة الرباط، برئاسة أسماء اغلالو، على وقع حالة غليان وتوتر بين مختلف مكوناته، بسبب مجموعة من النقط الخلافية على رأسها قرار استئناف عقْل السيارات في العاصمة وطريقة تدبير اغلالو للمجلس.

وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس فريق العدالة والتنمية، أنس الدحموني، أن “رئيسة المجلس تراكم الأخطاء تلو أخرى وتفتقر إلى مقومات التدبير الجماعي، المبني على الحوار المسؤول لتحقيق النتائج وتحسين مؤشرات التنمية المحلية لعاصمة المملكة لفائدة الساكنة والمهنيين وكل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيبن”.

وأوضح الدحموني، في حوار مع جريدة “العمق”، أنه من أبرز تجليات ذلك “غياب المقاربة التشاركية في إعداد برنامج عمل الجماعة 2022-2027، والتي تعد وثيقة مرجعية يمكن للمدبرين استثمارها في الترافع لفائدة المدينة وفضائلها التنموية ذات الأولوية”؛ إضافة إلى “التحيين والمراجعة المتسرعة وغير المحسوبة العواقب والمٱلات للقرار الجبائي المستمر بعيدا عن إشراك الهيئات المهنية المعنية” فضلا عن ما وصفه بـ”التدبير الارتجالي والبعيد عن المهنية والنجاعة لملف جمع النفايات والنظافة”.

وفيما يلي نص الحوار كاملا:

بعد حوالي سنة ونصف من انتخابها… كيف تقيمون تسيير الأغلبية الحالية برئاسة أسماء اغلالو لجماعة الرباط؟

يمكن القول بأننا في فريق العدالة والتنمية بمجلس جماعة الرباط، مستاؤون من التراجع الملحوظ في مختلف خدمات القرب الجماعية بعد مرور حوالي سنة ونصف من الولاية الانتدابية الجماعية الحالية، وعبرنا في بيانات هيئاتنا الرسمية عن رفضنا للتدهور الذي يشهده تدبير مرفق جمع النفايات والنظافة، بسبب غياب الرؤية في مواكبة المرحلة الانتقالية المرتبطة بنهاية عقود التدبير المفوض لهذا القطاع الحيوي والحساس، والتعثر غير المفهوم في انطلاق الشركات التي أوكل إليها تسيير هذا المرفق الحيوي بالعاصمة.

كما نبهنا حينها إلى أن تمديد عقود التدبير المفوض بالنسبة للمرحلة الفائتة لستة أشهر إضافية بعد تاريخ نهايتها، من شأنه تقديم هدايا مجانية للشركات، ولن يكون في استطاعة الجماعة تحريك ٱليات المراقبة والذعائر بالشكل المطلوب، وهو ما وقع بالفعل. حيت تدهورت مستويات الخدمات بشكل كبير في أغلب أحياء المدينة، وبشهادة شرائح واسعة من الساكنة وبعض فعاليات المجتمع المدني. وهذا ناتج بالأساس عن التأخر الملحوظ في تدبير هذا الملف الحساس من طرف رئيسة المجلس وبطرق غير مهنية وبعيدا عن أية مقاربة تشاركية.

كما نجدد أسفنا لمقاربة السيدة الرئيسة ومكتبها المسير في تدبير ملف برنامج عمل الجماعة للفترة 2022-2027. فعلى الرغم من مخالفة رئيسة الجماعة للمقتضيات القانونية والتنظيمية ذات الصلة، وخاصة المرسوم  المتعلق بتحديد مسطرة إعداد برنامج عمل الجماعة وتتبعه وتحيينه وتقييمه وٱليات الحوار والتشاور لإعداده.

ومن حيث التقييم السياسي، نسجل في فريق العدالة والتنمية عدم قدرة السيدة الرئيسة لحد الآن على اتخاذ خطوات ملموسة للبناء المشترك بسبب تهميشها للمقاربة التشاركية والمنهجية التشاورية. وهو ما سبب للمجلس صراعات وسجالات متعددة مع غالبية الفرقاء والفاعلين المؤثرين في عمل الجماعة، والتي يمكن إبراز خطوطها العريضة فيما يلي:

– استمرار المشاحنات بين أعضاء الأحزاب المكونة للتحالف، ولعل أبرزها تلك التي شهدتها إحدى الجلسات العمومية للدورة بين أعضاء الأغلبية ورئيسة المجلس حول بعض بنود الميزانية.

-الخلافات المتكررة مع بعض رؤساء المقاطعات، والتي ظهرت من خلال عدة بلاغات نشرت بمواقع التواصل الاجتماعي الرسمية لمقاطعة حسان على سبيل المثال، بالإضافة إلى تقديم الاستقالات من شركة الرباط باركينغ من طرف أعضاء ينتمون إلى أحزاب الأغلبية المسيرة، بسبب قرارات وصفت بالانفرادية للسيدة رئيسة الجماعة.

-إطلاق التصريحات المستفزة في حق الموظفين الجماعيين (ما عرف إعلاميا بملف 2400 موظف شبح)، وعجزها لحد الآن لإحاطة الرأي العام المحلي والوطني بالإجراءات التي اتخذتها لطي هذا الملف، وهو ما خلف تشنجا بين السيدة الرئيسة والنقابات الممثلة للموظفين تجلى في تنظيم وقفات احتجاجية كانت الجماعة في غنى عنها.

-إقرار زيادات متعددة في مشروع القرار الجبائي، طالت عموم المواطنين البسطاء، وصغار التجار، والمهنيين من ذوي المردود المتواضع، في وقت تشتد فيه وطأة المعيشة، مما خلف احتقانات بين المهنيين (أصحاب المطاعم والمحلات التجارية، جمعيات المهنيين العاملين في قطاع سيارات الأجرة…) لا زال المجلس الجماعي يعيش إرهاصاتها ومخلفاتها.

وفي ختام هذه الفقرة، لابد من التأكيد بأن المكتب المسير الحالي عاجز عن استثمار الظروف المؤسساتية الإيجابية المتاحة له، بخلاف واقع حال المجلس الجماعي في الولاية الانتدابية السابقة، الذي على الرغم من الظروف الاستثنائية التي فرضتها ظروف فترة الحجر الصحي، وتهجم بعض أعضاء الفرقاء السياسيين، وتخريب للممتلكات العمومية في جلسات عامة مسجلة بالصوت والصورة، وتحت أنظار ومتابعة مختلف وسائل الإعلام، إلا أن عرض خدمات ومرافق القرب شهد خلال الفترة السابقة نموا وتطورا ملحوظا. وخلاصة القول، يمكن القول بأن مسيري الجماعة، أثبتوا أنهم عاجزين عن تحقيق وعودهم الانتخابية، وتنفيذ جزء بسيط مما كانوا يدعون إليهم في الولاية السابقة.

فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب تشتكي “تغول الأغلبية”… هل تعانون من الأمر ذاته بالجماعة؟

منذ انتخابات شتنبر 2021، وبعد ظهور معالم الأغلبية الثلاثية، لامسنا بشكل مباشر نزوعات قائمة على التغول والهيمنة في تدبير المجلس الجماعي من قبل الحزب الأغلبي، وسعيه الحثيث إلى تهميش أدوار المعارضة، بدأت تجلياته تظهر تباعا منذ أول دورة بانتخاب رئيس “لجنة المعارضة” منتمي إلى حزب لم يسجل عليه لحد الآن معارضته للأغلبية، كما تم تمرير مقررات شكلت على المقاس، واعتماد منهجية تشاركية صورية مفترى عليها، بهدف مراوغة كل الآليات التي جاء بها المشرع القانوني لتكريس الديمقراطية التشاركية السياسية ولاستقبال المبادرات الاقتراحية، سواء من طرف أطياف المعارضة المؤسساتية أو لشرائح المجتمع المدني بمختلف حساسياته.

ومن مؤشرات هذا الضعف لدى الأغلبية المسيرة للجماعة، هذا التراجع عن كل المقتضيات المتعلقة بإشراك كل الفاعلين، وتقوية أدوار المعارضة، والتي نفتخر أننا قمنا بإرسائها خلال الولاية السابقة، وتم التراجع عنها حاليا. ومن بين أسوأ ما أقدموا عليه خلال دورة فبراير الأخيرة، هو تعديلات النظام الداخلي، والتي تضرب بقوة في مبادئ دستورية واضحة.

كما نسجل على المكتب المسير عجزه عن تمثل أبسط التزاماته المتعلقة بدعوة ممثلي فرق المعارضة للمساهمة في إعداد جداول أعمال الدورات العادية للمجلس، وهو الأمر الذي لو تم، لجنبهم الوقوع في العديد من الأخطاء التي لا تزال تطبع عملهم.

انسحبتم من دورة فبراير 2023، ما أسباب هذا الانسحاب؟

اتخذنا في فريق العدالة والتنمية بمجلس جماعة الرباط، قرار الانسحاب من دورة فبراير 2023، بعد تسجيل احتجاجنا في بداية تلك الدورة بشكل حضاري ومسؤول، وذلك للتنديد بمنهج رئيسة المجلس وأغلبيتها المسيرة في التعسف والإقصاء والعبث والخرق الصارخ لمبادئ الحقوق والحريات، والسعي لتكميم الأفواه. وهو ما كان موضوع بيان تنديدي للفريق بتاريخ 07 فبراير 2023، الذي جددنا من خلاله إلتزام الفريق الدائم بالدفاع عن مصالح الساكنة الرباطية من أي موقع، وتبنيه للمعارضة البناءة وتقديم جميع المقترحات المفيدة لتجويد العمل الجماعي، وإعلاء قيم الديمقراطية التمثيلية، ومواجهة سلوكيات قتل العمل السياسي، ومواجهة كل المحاولات التي تعيق قاطرة الانتقال الديمقراطي لبلدنا، وجره نحو النكوص.

وقد سجلنا خلال البيان التوضيحي لواقعة الانسحاب من دورة فبراير 2023 تخبط مسيري العاصمة، في طريقة تدبير ملف حل شركة تسيير المحطة الطرقية للمسافرين القامرة، وهو ما دفعنا إلى توجيه رسالة تفصيلية في الموضوع للسيدة رئيسة المجلس لحثها على عدم التفريط في ملكية كل الوعاء العقاري الذي تتواجد عليه المحطة الطرقية.

كما عبر الفريق عن رفضه وضع الملعب الجماعي بنعاشر بونيف رهن إشارة إحدى النوادي الرياضية بشكل حصري، انسجاما مع ما كان قد عبر عنه فريق حزبنا بمقاطعة يعقوب المنصور، من غياب الشفافية في مسطرة اختيار الفريق، وما يحوم حول هذه العملية من محاباة ومحسوبية وشبهة تضارب المصالح، وباعتبار هذا الملعب الملاذ الأساس للفرق الرياضية للمنطقة، وما يشكله ذلك من تراجع واضح على مجموعة من المكتسبات التي كانت تستفيد منها كافة الفرق الرياضية بالمقاطعة المذكورة دون تمييز أو محاباة، وهو ما قد ينتج عنه حرمان باقي الفرق من استعماله.

اتهمتم عمدة المدينة بـ”السعي لتكميم أفواه المنتخبين وتقييد عدد الأسئلة”.. هل مازالت هذه المساعي مستمرة؟

منذ الدورات الأولى للمجلس خلال الولاية الحالية، سعت السيدة الرئيسة ومكتبها المسير إلى تقييد حرية التعبير لأعضاء فرق المعارضة من خلال التغييرات التي تم إجراءها تباعا على النظام الداخلي. وفي هذا المنحى، وبعدما تم منع آلية الإحاطة سابقا، تمت خلال دورة فبراير من سنة 2023 المصادقة على ما نعتبره في فريق العدالة والتنمية حجبا لتواصل المستشارين مع الساكنة الرباطية أثناء المداولات العلنية وجلسات المجلس العمومية، وذلك بعد مصادقة المجلس على تعديل للمادة 33 من القانون الداخلي، في خرق سافر لأبسط مقومات حرية التعبير لممثلي الساكنة والتضييق على تواصلهم مع الرأي العام من داخل المؤسسات، وفي اعتداء على حق ساكنة الرباط في الاطلاع على ما يروج في الدورات من وجهة نظر فرق المعارضة، وحجب المعلومة عليهم بأساليب بائدة، وخاصة وأن بلادنا بخصوصياتها المتميزة تعيش وسط محيط عالمي منفتح يتميز بتدفق المعلومات وولوج جميع المواطنين إلى الوسائط الحديثة في الاتصال، مما يقتضي تجاوبا مع تلك التطلعات واستباقا لها بدلا من حجبها ومحاولة قمعها.

وفي نفس السياق، عبر فريقنا عبر بيان رسمي عن رفضه التام لتعديل المادة 11 من النظام الداخلي للمجلس، والقاضية بتقزيم آليات الأسئلة الكتابية، والتي لها أدوار رئيسية في الولوج إلى المعلومة وتنوير الرأي العام. ونبه إلى أن التضييق على طرح مختلف القضايا التي تهم تدبير الشأن العام ضمن اختصاصات الجماعة على طاولة المسائلة الكتابية يُعيق دور الفرق السياسية، وأعضاء المجلس في إيصال أصوات وملاحظات وتطلعات المواطنات والمواطنين بمختلف خلفياتهم ومشاربهم وتنوعاتهم إلى المؤسسات، مما يؤدي إلى إفراغ الآليات الديموقراطية التمثيلية من غاياتها ومراميها التواصلية.

لكل ذلك، ورغم المحاولات المتكررة للمكتب المسير لقمع حرية التعبير من داخل المؤسسات للتغطية على العشوائية في التدبير، فإننا كفريق في حزب مؤسساتي، ما فتئنا نتخذ جميع المساطر والإجراءات القانونية الكفيلة بضمان جميع الحقوق المكتسبة، من منطلق واجباتنا المبدئية في الإسهام على قدر المستطاع في إرساء دولة الحقوق والحريات، وتثبيت أركان البناء الديمقراطي الذي يعلي من كرامة المواطن ويحترم الإرادة العامة وحقوق المعارضة ويبعث على تكريس المزيد من الثقة في المؤسسات.

عودة “الصابو” لشوارع الرباط أثار ضجة كبيرة بين فرق الأغلبية، كما أن العمدة تواجه دعاوى قضائية في هذا الشأن.. كيف ترون في فريقكم هذه القضية ؟

نحن في فريق العدالة والتنمية بمجلس جماعة الرباط عبرنا عن موقفنا الرافض لإعادة تفعيل أداة عقل السيارات (الصابو) بالشارع العام، عبر بيان رسمي لقي انتشارا إعلاميا وطنيا واسعا عبر أغلب الجرائد والمواقع الإلكترونية، لكون هذا القرار يتعارض مع أحكام قضائية بعدم شرعية هذه الممارسة وغياب أي سند قانوني لها، وهو ذات الحكم الذي التزمت الأغلبية التي دبرت الجماعة في الولاية السابقة باحترامه والتقيد بمقتضياته، تنفيذا للحكم القضائي الذي حاز قوة الشيء المقضي به.

وفي ذات المنحى نسجل للأسف الشديد عجز المدبرين الحاليين في إبداع حلول حقيقية لتدبير هذا المرفق الهام، والذي تضيع بسببه مداخيل مالية معتبرة عن الجماعة، خاصة مع الاستغلال البشع للمناطق التي لا تشتغل بها شركة “الرباط باركينغ”، وترك هذه المناطق عرضة لمستغلين لا يملكون أي صفة، ولا يتوفرون على أية رخصة لاستخلاص إتاوات مقابل الوقوف، وبطرق تتميز في بعض الأحيان بشبهة الاعتداء على المواطنين والمواطنات أصحاب المركبات.

كما نتساءل عن مغزى اتخاذ المجلس لمقرر قضى بتفويت تدبير المرائب الجديدة تحت أرضية بالمدينة لشركة أخرى، بدل تمكين شركة “الرباط باركينغ “، إلا إن كان ذلك يعبر عن اعتراف ضمني بعدم فعاليتها ونجاعتها في تدبير هذا المرفق، والتي ينتظر من المدبرين فتح نقاش عمومي حول الموضوع بالمجلس وأمام الرأي العام المحلي.

عمدة المدينة صرحت أن عدد الموظفين الأشباح يصل لـ2400 موظف. كيف تردون على من حملكم مسؤولية هذا الأمر خاصة أنكم دبرتم الجماعة لسنوات طويلة؟

يعتبر ملف الموظفين بالجماعات، من أعقد الملفات تدبيرا، وقد تمت مقاربته خلال المرحلة السابقة من خلال منهجية مسؤولة تمزج بين أربعة أمور جوهرية: تقدير مجهود المشتغلين وذوي الكفاءة، والتعامل وفق المقتضيات القانونية، وإشراك الفاعلين النقابيين والجرأة في تدبير ملف المخلين بواجباتهم المهنية. وكان يلزم لأجرأة هذا التصور، اعتماد منهجية شاملة، لا تستثني أحدا من الموظفين، ولذلك تم إنجاز ما يلي:

*اعتماد دراسة دقيقة لمنظام الجماعة، تم إعدادها من طرف نواب للرئيس السابق، وهي الدراسة التي كان يمكن أن تكلف مبالغ مالية للجماعة، لو تم إسنادها لمكتب خبرة خارجي، وقد صادق المجلس في أحد دوراته على مخرجات هذا الدراسة.

*إعداد البطائق المهنية لكل الموظفين بدون استثناء، وهو أمر يقع لأول مرة في تاريخ الجماعة، ما مكن من تحيين معطيات كل المعنيين. ولقد أفضت هذه العملية إلى إعداد ملف شخصي لكل الموظفين الذين يزيد عددهم عن 4000 موظف وموظفة، وإلى خلاصة تجميعية لكل هاته المعطيات، والتي تعتبر أساسا للتعامل مع الوضعيات المريبة.

*المتابعة الجادة لبعض الملفات الحارقة، وخصوصا تسوية إدماج وضعية الموظفين الحاصلين على ديبلومات عليا، وقد كان لهذا العمل الذي انطلق جديا في نونبر 2017، الأثر الإيجابي، حيث أصدرت وزارة الداخلية لاحقا، قرارا قضى بتسوية وضعية العديد ممن كان معنيا بهذا الأمر، على مستوى كل الجماعات بالمغرب.

*الموافقة على كل الطلبات المتعلقة بالتقاعد النسبي، والتي انهالت على مصالح الجماعة، خلال فترة إعداد البطائق المهنية، وهو ما مكن من اقتصاد المبالغ المالية، التي كانت تؤدى للمعنيين بهذه الطلبات. وقد تجاوز عدد هذه الطلبات خلال تلك الفترة، ما كانت تتوصل به الجماعة خلال أزيد من سنة واحدة.

*إنهاء مسطرة التشطيب من أسلاك الوظيفة بالجماعة، في حق الذين ثبت إخلالهم القيام بمهامهم، وهي مساطر للأسف تأخذ وقتا طويلا، إلا أنه تم الحرص على احترامها. كما تم بعد إصدار قرار بفصل موظفة (كانت تستفيد من وضعية إدارية طبيعية وتتحصل على أجر ومستحقات من دون أداء أي مهمة مقابل ذلك، نظرا لغيابها النهائي)، بإلزامها بإعادتها المبالغ المالية التي تلقتها في الفترة من شتنبر 2015 إلى غشت 2018، وهو تاريخ التشطيب عليها.

لقد توقف مسار هذه العملية لضبط ملف الموظفين العاملين فعليا الجماعة بحلول فترة كوفيد 19، والتي عطلت كل الإجراءات التي كانت قيد التنفيذ، وهذا ما يفسر ضعف الحالات التي تم التشطيب عليها، كنتيجة نهائية.

ولقد كان حريا بالسيدة رئيسة الجماعة استثمار هذا الخزان المهم من المعلومات لمواصلة إجراءات تنقية ملف الموظفين بالجماعة، وإضافة إجراءات أخرى، إن كانت تتوفر عليها، أو قادرة على المبادرة إليها.

وفي ختام الحديث عن هذا الملف الشائك، فإننا نعتبر في فريق العدالة والتنمية أن التقليص من الظواهر السلبية داخل إدارة الجماعة هو مسؤولية مشتركة، ولا يمكن مقاربته بتصريحات غير مسؤولة. فحديث السيدة رئيسة الجماعة عن وجود 2400 موظف شبح، يسائلها عما يلي:

– لماذا لم تتخذ المساطر لتوقيف رواتب هؤلاء الموظفين الذين أقرت بأنهم لا يشتغلون، وهو ما يضعها في مخالفة قانونية صريحة، تتعلق بأداء أموال غير مستحقة، وهذا قرار بسيط بيدها، وغير مشمول بأي إجراء معقد؟

– لماذا عجزت السيدة رئيسة الجماعة عن تقديم حصيلة رقمية تتناسب مع العدد الذي أعلنته عن الموظفين الأشباح، بعد شهور متوالية من تصريحها المصور؟

– لماذا تهربت السيدة رئيسة الجماعة عن تقديم أجوبة مقنعة حول الموضوع، ردا على الأسئلة الكتابية ذات الصلة والتي وجهت لها؟

احتلال عدد من المقاهي الملك العمومي بالرباط خلق أزمة بين العمدة وأرباب المقاهي… هل أنتم مع فرض جبايات على هذه المقاهي والمطاعم؟

من الناحية المبدئية، واستنادا إلى المقتضيات القانونية، يعتبر اعتماد رسوم وإتاوات مرتبط بأنشطة المقاهي والمطاعم أمرا ضروريا، وحتى المهنيون لا يعترضون على ذلك. إنما يكمن الإشكال في طريقة تعديل القرار الجبائي، والتي تمت في غياب تصور حقيقي يهدف إلى تحقيق التنمية، وإشراك مختلف الفاعلين، وخصوصا أعضاء المجلس والمهنيون.

إضافة إلى إن هذا الرفع غير المبرر، جاء في وقت يتميز بمحاولة المهنيين استعادة عافيتهم بعد أزمة كوفيد 19، وتوقفهم الاضطراري عن أنشطتهم خلال تلك المرحلة، وهو ما كان يلزم أخذه بعين الاعتبار.

وتميز تدبير هذا الملف من طرف مسيري الجماعة بالكثير من الأخطاء، وفي مقدمتها إعلام العديد من المعنيين بمبالغ بملايين الدراهم، ثم مراجعتها بعد ذلك إلى مبالغ أقل بكثير، وهو ما يدل على ارتباك وقلة مهنية، في غياب تصور متكامل وتحديد لأولويات الاشتغال، وهو ما أدى إلى احتجاجات يمكن تفهمها. فإشكال هذا النوع من الرسوم يتمثل أساسا في عدم تحيين الإحصاء، وتصريحات بعض المهنيين التي تعتبر أقل بكثير مما يحققونه فعليا من أرقام معاملات، إضافة إلى تأخر العديد منهم في الأداء، إضافة إلى الاستغلال الفاحش للملك العمومي الجماعي دون ترخيص، في الكثير من الحالات.

لقد كان حريا بمسيري الجماعة، استكمال الأوراش التي بدأت خلال الولاية السابقة، والتي أدت إلى تعديل القرار الجبائي بمنهجية تشاركية، ولم يعترض عليها أحد، بل تم التنويه بها من طرف ممثلي المهنيين، كما تم الشروع في التنسيق مع مصالح وزارة المالية بالنسبة للتصريحات غير الصادقة، والمرتبطة بالرسم على المشروبات. كما تم أيضا خلال الولاية السابقة، تقسيم الرباط إلى ثلاث مناطق من حيث قيمتها التجارية، بالنسبة للرسم على استغلال الملك الجماعي لأغراض تجارية، ولم يتم الرفع من مبلغ أي رسم، بل تم التقليص من بعضها، وكان الهدف من ذلك هو توسيع الوعاء، وتحقيق الصرامة في الاستخلاص. وبدأت نتائجه تظهر، حتى في ظل أزمة كوفيد 19.

ما الذي اختلف في حزبكم بعدما كنتم تسيرون الحكومة ومجالس المدن الكبرى، والآن لا تتوفرون سوى على مجموعة نيابية بمجلس النواب؟

الذي اختلف، هو الطرق التي يمارس بها الحزب عمله السياسي، فلئن كان مناضلو الحزب في السابق، اشتغلوا أساسا من مواقع تحمل مسؤولية تدبير الشأن العام، ونجحوا فيها بشكل كبير، بمساعدة حلفائهم من مختلف الأحزاب، فإن مواقعه اليوم في المعارضة، والقلة العددية التي أعلنت لمنتخبيه، في البرلمان والجماعات الترابية، لم تقوض عمله، بل يواصل القيام بمسؤولياته اتجاه بلدنا، بتقديم البدائل والمقترحات ومواجهة الاختلالات الكثيرة، والتي ظهرت في عمل جل من تولوا تسيير الشأن العام في الوقت الحالي.

وواضح أن الحضور السياسي للحزب قوي، يكاد يتسيد المشهد، في غياب شبه كلي لمن في التسيير، من خلال التفاعل مع الأحداث. وكنموذج واحد على ذلك، فإن عمل فريق الحزب بجماعة الرباط، يلقى الاهتمام والمتابعة الواسعين، والتفاعل الإيجابي، من طرف عموم المواطنين والمواطنات، ومهنيو الإعلام، وهو ما أظهره حجم التفاعل مع آخر بيانين للفريق، والمتعلقين باختلالات دورة فبراير 2023 للمجلس، وعودة الصابو لبعض شوارع الرباط. ولا يمكن بحال مقارنة هذا الحضور السياسي القوي، بالوزن الانتخابي الضعيف غير المفهوم للحزب بعد انتخابات الثامن من شتنبر.

هل تعتقدون أن حزبكم قادر على التعافي والعودة لسابق عهده ومكانته؟

من دون شك، لم تكن النتائج المعلنة عقب آخر انتخابات سهلة على الإطلاق على الحزب، بل هدت كيانه التنظيمي بشكل كبير. وتنامت قناعة بين أوساط الكثير من أعضائه ومتعاطفيه بأن العدالة والتنمية ككيان حزبي، أريد له بعد هذه الانتخابات أن يتموقع على هامش المشهد السياسي، ومن دون أي أثر أو تأثير، إن لم تكن الغاية أن يمحى من الخريطة الحزبية ببلادنا. إلا أن مؤشرات الاشتغال، بعد سنة ونصف من هاته الاستحقاقات، تدل على أن العدالة والتنمية هو حزب حقيقي منبثق من رحم الشعب وملتحم مع قضاياه المصيرية، ويملك كل مقومات النهوض واستعادة المبادرة.

فخلال هذه الفترة، وإضافة إلى حضوره السياسي الوازن كما سبق التفصيل، فقد تمكن من الناحية التنظيمية، من عقد مؤتمره الاستثنائي وانتخاب قيادة جديدة، تلا ذلك عقد كل المؤتمرات الجهوية والمؤتمرات الإقليمية، والشروع في إعادة هيكلة كتاباته المحلية، بالإضافة إلى عقد أربع مؤتمرات وطنية لهيئاته الموازية، ويتعلق الأمر بشبيبة الحزب، ومنظمة نساء العدالة والتنمية، والفضاء المغربي للمهنيين، وآخرها جمعية منتخبي العدالة والتنمية.

كما تواصل مختلف هيئات الحزب مركزيا ومجاليا، عقد اجتماعاتها بشكل منتظم (المجلس الوطني، والأمانة العامة، والمجالس الجهوية والإقليمية، والكتابات الجهوية والإقليمية والمحلية). ولم يكن ذلك متاحا، لو لم يكن الحزب، كما سلف يتوفر على مقومات المنظمة الحقيقية والقادرة على مواجهة هذه المرحلة الصعبة.

إلا أن هذه المعطيات لا تنفي وجود صعوبات حقيقة لا تزال تواجه الحزب، وخصوصا قناعة بعض مناضليه بضعف الجدوى من العمل السياسي، والحاجة إلى الرفع من نجاعة كل هيئاته التنظيمية، وتدارك النواقص المرتبطة بالنفس النضالي لعموم المناضلين والمناضلات، إضافة إلى ضرورة ترميم البنية التنظيمية من حيث إمكانياتها المالية والبشرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عادل
    منذ سنة واحدة

    يجب أولا معرفة من هو المدير التنفيذي لشركات الصابو ، و من يتحكم في ادارتها،لعلمكم ليست العمدة،هناك اقوى منها