سياسة

لماذا يزعج الحضور المغربي القوي في القارة الإفريقية قصر الإليزيه؟

قال الكاتب المهتم بالشأن السياسي والعلاقات الدولية، منير أزناي، إن المغرب يواجه تجاذبا عنيفا للقوى مع فرنسا، مشيرا إلى أن هذا التجاذب لم يقف عند حد اختلاف في الرؤى وتضارب للمصالح، بل تجاوزه إلى حد أزمة حقيقية جعلت فرنسا تبدل كل ما في وسعها لحشر المغرب في الزاوية لمحاولة ابتزازه وإرضاخه ودفعه لتبني ما يناسب مصالحها من توجهات ورؤى واختيارات.

وأوضح الكاتب في مقال توصلت به جريدة “العمق”، إن ما يجعل المغرب مستهدفا هو الدور المحوري الذي يلعبه داخل إفريقيا ومكانته التي أصبحت تتعاظم وتتقوى، وهو ما أصبح حقيقة ثابتة ومسلمة لا تروق للقوى التي لها أطماعا في إفريقيا، والتي تريد أن تبقي على نمط متجاوز من العلاقة مع دول جنوب المتوسط.

وأشار إلى أن قوام هذا النمط هو الوصاية والتحكم بأساليب انتهت مع عصور الاستعمار بشكل أصبحت تدركه وتعيه تماما دول افريقيا وترفضه رفضا قاطعا، بل هو ما يجعل هذه الدول تنفتح على علاقتها بالمغرب لأنها تدرك أنها علاقات رابح-رابح وليست علاقات استغلال وامتصاص للموارد والخيرات.

وأضاف أزناي أن فرنسا اليوم وبعد عقود من انتهاء الاستعمار، وسنوات من التواجد العسكري في الساحل، أصبحت تدرك بأن وجودها في إفريقيا غير مرغوب فيه.

وأوضح المقال أن عدم تقبل فرنسا هذه الحقيقة راجع لكونها ستقوض مصالحها الاقتصادية وتضرب في صميم وجوديتها كدولة قوية لها امتدادها العسكري والاستراتيجي.

في المقابل، يضيف المصدر، لا تبدي فرنسا أي رغبة في مراجعة نمط علاقتها بأفريقيا كما لا تحاول أن تجدد نفسها وتقدم نموذجا جديدا للتواجد في إفريقيا كشريك وحليف، بل إنها تهاجم وتمارس الضغط والابتزاز وتحارب كل من لا يتماهى مع مصالحها، وعلى رأسهم المغرب، الذي لم يعد يقبل أن تبقى العلاقة مع فرنسا على النحو المذكور.

وأشار ضمن مقاله إلى أن فرنسا عوض ان تفكر في تغيير سياستها تجاه الأفارقة، سارعت إحدى الوسائل الإعلامية المعروفة هناك في فرنسا إلى استضافة أحد رموز ما يسمى بـ”تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” لتعطيه الفرصة كاملة للتعبير عن خطابه المتطرف في محاولة لتهديد البلدان التي لم تعد تقبل الاشتغال وفق ما تمليه فرنسا، وفق تعبيره.

ولفت أزناي إلى أن هذه السلوكات الغريبة ليست جديدة، ولا مستغربة من الأذرع الفرنسية، فقد أدان القضاء الأمريكي بصفة رسمية شركة لافارج الفرنسية بمساعدتها لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا وتورطها في تمويل التنظيم الذي مزّق بلدا كاملا، كما أدان رئيس الوزراء المالي بالنيابة عبد الله مايغا تدخل فرنسا الذي وصفه بالسافر في شؤون بلده متهما إياها بتمويل الإرهاب في بلده وإمداد الجماعات بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية لضرب استقرار مالي السياسي خدمة لأجنداتها.

وزاد أن المواقف المتعددة من سياسات فرنسا في نسختها الماكرونية تجاه أفريقيا في مقابل الانفتاح على العلاقة مع المغرب والاقتناع به أكثر فأكثر كشريك بدأ يعوض دور فرنسا في أفريقيا بشكل أفضل هو أهم ما يزيد من حدة هذا الصراع، الذي نجح في أن يؤسس لنمط جديد من العلاقات مع الدول الإفريقية في إطار التعاون جنوب جنوب الذي يتخذه المغرب خطا استراتيجيا منذ تولي الملك محمد السادس عرش البلاد.

واعتبر المتحدث ذلك أهم نقطة ساهمت في تصاعد الأزمة بين المغرب وفرنسا من وقت لآخر لتتخذ مواقف أكثر حدة تجاه المغرب لمحاولة ثنيه عن اتجاه اختاره لنفسه منذ الاستقلال، اتجاه يرفض أن يجعل المغرب أداة في يد حكومات فرنسا تحركه كيفما تشاء، وفق تعبيره.

وأوضح منير أنزاي أن ما يجب أن يفهمه الجميع هو أن خطوط الدفاع عن المغرب متينة جدا وغير قابلة للاختراق، لأن المملكة دولة بنت تاريخا طويلا من العلاقات الدولية، وتاريخا طويلا من علاقة العرش بالمواطنين لا يتأثر بما سماها “المراهقة السياسية” لرؤى ماكرون التي تشذ عن ما هو مألوف من علاقة المغرب مع الزعماء الفرنسيين السابقين، الذين ربطتهم دائما علاقات طيبة مع المغرب سواء في عهد الملك الحالي، أو في عهد الملك الراحل الحسن الثاني على كافة الأصعدة، وبشكل يضمن مصالح الطرفين ويحقق النفع للبلدين وللشعب المغربي والفرنسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • المهدي لابيظ..
    منذ سنة واحدة

    عاش.الملك.محمد السادس نصره الله.نصرنان عزيزن..