وجهة نظر

أين رست سفينة الوطن يا سيادة الوزير؟

عبد اللطيف الحاميل

في مثل هذا اليوم قبل ثلاث سنوات فرض علينا فيروس كورونا، حكاما ومحكومين، إقامة جبرية لمدة 12 ساعة يوميا، ابتداء من الساعة السادسة مساء. كما فرض علينا الفيروس التاجي تباعدا اجتماعيا حتى عن أقرب المقربين، إما خوفا منهم أو خوفا عليهم من هذا الضيف الثقيل الذي طرق أبوابنا وأجسادنا بدون دعوة.

شخصيا، لازلت أتذكر هذا اليوم بتفاصيله، ولم لا أفعل وأنا وأبناء جيلي، بل وحتى الأجيال التي جاءت قبلنا، لم يسبق أن عشنا مثل هذه الأجواء، التي تشبه إلى حد كبير أجواء ما قبل الحرب كما كنا نشاهدها على شاشة التلفزيون.

كان الأمر أشبه بفيلم خيال علمي، فالناس يتحركون بنزق وعصبية ووجوم، و في كل مكان، لقضاء ما يمكن قضاءه من حوائج قبل السادسة مساء، وموظفو الجماعة بلباسهم الأبيض يرشون المنازل بالمطهرات والمعقمات. لم يكن يقطع هذا السكون سوى صوت سيارة الإسعاف أو سيارة الشرطة.

هذا الفيروس التاجي الصغير كان بمثابة لجنة تقصي حقائق إلهية، لا يحابي أحدا ولا يمكن إرشاءه أو إغراءه. فقد أصدر في وقت قصير تقريره غير القابل للتكذيب أو التعقيب حول الأعطاب المزمنة التي تعانيها بلادنا على مستوى الصحة والتعليم والفلاحة والصناعة والرقمنة وغيرها من الأوراش التي نعلم تاريخ انطلاقها، لكن لا أحد يعلم تاريخ نهايتها.

اليوم، بعد ثلاث سنوات، تم رفع قانون الطوارئ الصحية، وأوقفت وزارة الصحة نشراتها اليومية، وخفتت حملات التلقيح، وحتى المواطن، لم يعد يهتم بمستجدات هذا الوباء، وعادت حياتنا إلى ما كانت عليه، وكأن شيء لم يكن!

هكذا هي شعوبنا دائما لا تستخلص الدروس والعبر. وأخشى أن نكون قد أضعنا المنح الكثيرة التي حملتها معها هذه المحنة.وما أعظم الخسارة حينما يتعلق الأمر بالديمقراطية.لقد كنا ننتظر أن تمخر سفينة الوطن أخيرا عباب أمواج التردد والخوف العاتية، لكي ترسو في النهاية بسلام على شاطئ “المغرب الذي نريد”، لكن مع الأسف، كانت رياح 8 شتنبر أقوى بكثير من رياح الربيع.

ولا بأس أن نتساءل اليوم مع السيد وزير الداخلية “أين رست سفينة الوطن؟”، ولا بأس أن نتساءل معه أيضا هل مازلنا في أمس الحاجة إلى بعضنا البعض؟ وهل نحن في سفينة واحدة إما أن ننجو جميعا أو نغرق جميعا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • علي او عمو
    منذ سنة واحدة

    عندما نتذكّر تلك الأيّام الحالِكة نُصاب بنوع من الإحباط تُجاه مصير بلدنا العزيز ، لقد سجنتنا السلطات المغربية قهراً في البيوت دون الاهتمام بنا و بأحوالنا ، هل لدينا ما نأكل و ما نشرب لنبقى على قيد الحياة ام نحن في حاجةٍ إلى ما نسُدُّ به رمَقنا ، في الوقت الذي كانت فيه الدول الديمقراطية تهتم و تعتني بشعوبها خلال تلك الفترة العصيبة تُقدّم لها كل احتياجاتها من مأْكل و مَشرب و غيرهما ، من هنا يتضح الفرق بين البلدان الديمقراطية العادلة و البلدان العبثيّة التي لا صلة لها لا بالديمقراطية و لا بحقوق الانسان و لا بالعدالة الاجتماعية ،

  • غير معروف
    منذ سنة واحدة

    فيروس كورونا هو رسالة للعالم يوضح فيها انه عند الأزمات لا تنفع تسديدات رولاندو ولا مراوغات مسيي ولا الانتقالات بملايير الدولارات ولا تنفع شعوذة ولا حجامة نبوية بل حتى المساجد اغلقت خوفا من العدوى. انه جاء ليوضح للعالم ان صحته وسعادته في العلم والمعرفة والابتكار والتطور التكلونوجي