سياسة

نصف قرن على اغتيال المهدي بن بركة.. ويستمر اللغز

51 سنة مرت على اختفاء أشرس معارض لنظام حكم الملك الراحل الحسن الثاني ومن بين أكبر مواجهي النظام الاستعماري القديم، المهدي بن بركة، الذي اختطف في العاصمة الفرنسية باريس يوم الجمعة الموافق لـ 29 أكتوبر 1965، اعتمادا على ما توافر من وثائق رسمية تعود للسلطات الفرنسية وكذلك التحقيقات وأقوال الشهود في الصحف الفرنسية.

زعيم منظمة القارات الثلاث ومؤسس حزب الاتحاد الاشتراكي، لا يعرف إلى الآن مصير جثمانه ولازالت أسرته وحزبه وكافة المتعاطفين معه يصرون على معرفة الحقيقة، رغم كل المحاولات التي باءت بالفشل والروايات المختلفة التي تكشف أصحاب الجريمة والذين اختفى أغلبهم انتحارا أو قدرا.

في هذا السياق، عرفت العاصمة الفرنسية باريس وقفة احتجاجية، مساء اليوم السبت، نظمها العشرات من اليساريين العرب والأوربيين أمام مقهى “ليبيب” الذي اختطف أمامه المهدي بن بركة، مطالبين من السلطات الفرنسية والمغربية الافراج عن ملف اختطاف عريس الشهداء الاتحادي وعن حل ملف الجريمة اللغز العابرة للقارات.

ويشير “كتاب خفايا اغتيال المهدي بن بركة: كشف جريمة دولية” لجاك درجي وفرِدريك بلوكان إلى أن أربع جهات دولية وقفت خلف جريمة اختطاف وتعذيب وقتل بن بركة وكانت لها مصالح في التخلص من الشخصية المغدورة وهم فرنسا وأميركا والموساد الإسرائيلي والسلطات المغربية.

ولعل السنتين الأخيرتين كشفتا الجديد عن تورط الموساد مع النظام المغربي في تصفية بنبركة، إذ نشر كل من الصحفي والباحث الإسرائيلي في شؤون الاستخبارات رونين بيرغمان، وزميله شلومو ناكديمون على يومية “أدعوت أحرنوت”، تحقيقا أوضح الدور الذي لعبته المخابرات الإسرائيلية في تصفية بن بركة مقابل خدمات تقدمها الرباط لصالح تل أبيب وهذا ما كشفه مؤخرا الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان” الجنرال شلومو غازيت، حيث قال إن أ إسرائيل حصلت على تسجيلات القمة العربية الخاصة التي عقدت في المغرب عام 1965 لبحث جاهزية العرب لمحاربة إسرائيل وان هذا كان السبب الرئيسي في هزيمة العرب.

وكان الملك محمد السادس قد دعا، في رسالة سامية وجهها إلى المشاركين في اللقاء حول “مكانة الشهيد المهدي بن بركة في التاريخ المعاصر”، العام الماضي، إلى استخلاص الدروس والعبر من قضية المهدي بن بركة، وجعلها في صالح الوطن، لتساعد على البناء وليس على الهدم، مشددا على أنه “كيفما كان الحال فابن بركة قد دخل التاريخ، ليس هناك تاريخ سيء أو تاريخ جيد، وإنما هناك التاريخ كما هو: ذاكرة شعب بأكمله، إلا أنه يجب ألا ننسى أن أعداء المغرب قد قاموا باستغلال القضية للإساءة لصورة بلادنا”.