أدب وفنون

فنانو “الوزن الزائد” .. سلعة ومادة خصبة للسخرية والتنمر في التلفزيون والسينما

يشكل مظهر الفنان الجسماني وجماله عاملا أساسيا في انتشاره ومشاركته في عدد من الأعمال الفنية، فأدوار البطولة في التلفزيون والسينما على مر التاريخ تُسند للممثلات ذات القوام الرشيق والجميلات، وللممثلين أصحاب العضلات والبنيات الجسمانية القوية، فيما جرت العادة على أن يظهر الممثل البدين في أدوار كوميدية فقط.

وقدمت الأعمال الفنية سواء منها الأجنبية أو العربية، الشخص السمين على أنه مادة للسخرية، حيث يتم توظيفه من أجل انتزاع الضحكات من الجمهور أثناء التنمر على طريقة أكله، أو بطئ حركته وفهمه، فهو دائما الشخص “الغبي” المحروم من الحب.

ورغم التغيرات التي بدأت تعيشها الأعمال الفنية الأجنبية التي باتت تعتمد في السنوات الأخيرة على نجوم من أصحاب الوزن الزائد وتمنحهم أدوارا مهمة للخروج من الصورة النمطية التي رسمت لهم، إلا أن الأعمال الفنية المغربية لازالت حبيسة ذات النظرة التي تصور السمين على أنه شخصية ساذجة وأن دوره هو إضحاك الناس من خلال التنمر عليه.

وفي هذا الصدد، قال الناقد فؤاد زويريق، بعد مشاهدته لعدد من الأعمال التي شارك فيها الممثل مهدي تكيطو، الذي اشتهر بدور “بيضة” في مسلسل “كاينة ظروف”،أهنه يشعر “بالأسف والتقزز مما وصلنا إليه من تدني أخلاقي في أعمالنا الفنية، العالم المتحضر يتطور ويحاول جاهدا تجاوز أخطاء الماضي، ونحن نتلقفها بدون ضمير ونبني عليها فننا دون خجل ولامراعاة لشعور الممثل والمشاهد أيضا، زمن استخدام الممثل الزائد الوزن في الأعمال الدرامية والسينمائية قصد السخرية منه انتهى من مدة، وأصبح هذا الممثل مثله مثل أي ممثل آخر يحصل على الأدوار الدرامية والكوميدية الطبيعية دون النظر الى جسده واستغلاله كسلعة قابلة للإستهلاك الآدمي”.

وأضاف زويريق في تدوينة عبر حسابه على “فيسبوك”: “مهدي تكيطو للأسف هو نموذج لهذا التدني الذي نشهده في المغرب، ففي هذا العمل (كاينة ظروف) وغيره هو ليس ممثلا بقدرما هو مجرد كائن جُلب للتنمر عليه والسخرية من تصرفاته، كان من الممكن أن يكون شخصية طبيعية غير مصبوغة بالبلادة والسذاجة والشراهة كما تابعنا، هذا إذا كنا فعلا نحترم أنفسنا أولا قبل الفن الذي نقدمه، ولم لا يكون هو الفتى الذي يحب زهور أو جميلة بشكل رومانسي ودرامي فيه عمق كأي شاب طبيعي وكأي ممثل عادي؟”.

وتابع الناقد الفني: “أنا لا أتكلم عن مهدي فقط فهناك أسماء أخرى منها ممثلة فقدت وزنها ففقدت عملها معه، لأنها كانت تشتغل بالوزن لا بالموهبة، لماذا نقدم دائما أصحاب الوزن الزائد بهذه السلبية وهذه الدونية؟ وهذا ما يجعل أمثالهم في الحياة الواقعية ضحية، ومحلا للسخرية في المدارس والعمل من طرف زملائهم، لأنها عادة اكتسبوها من مثل هذه الأعمال، لا أتصور كيف سينظر الأطفال الى مهدي تكيطو إذا مالتقوا به، هل سيكون تعاملهم معه كتعاملهم مع باقي زملائه في المسلسل؟ هل سينادونه بسي مهدي أم ببيضة؟ هذا اللقب الذي أطلقوه عليه في هذا العمل والذي لا دلالة لديه سوى التهكم والتندر”.

وتساءل ذات المصدر: “لماذا لم يسموه رشيد مثلا أو عماد أو جلال كباقي الرجال العاديين، لماذا بيضة بالضبط؟ بالإضافة الى الكثير من الألفاظ والعبارات التي وجهت له باستمرار من طرف صديقه وزميله، وهي كلها عبارات تستهزئ به، ومن خلاله بأصحاب الوزن الزائد”.

واعتبر زرويريق، أنه “ربما قد تعجبه مثل هذه الأدوار ويجد راحته فيها، أو يقبلها صاغرا من أجل لقمة العيش، وهذا شأنه، لكن هذا لايستدعي منا تقبله بهذا الشكل فنحن لسنا ساديين، ولا تدعونا سعادته بالمشاركة بمثل هذه الشخصيات إلى مساندته وتشجيعه فهذا مناف لأبسط مبادئ الكرامة الإنسانية، فكما لا نتقبل الممثل صاحب البشرة السمراء أو الداكنة أن يكون مجرد خادم أو عبد في أعمالنا الفنية فلن نتقبل بنفس المبدأ أن يكون أصحاب الوزن الزائد مجرد مادة للتهكم والسخرية”.

وأشار فؤاد زويريق، إلى أن “الغرب تجاوز مثل هذا السلوك المستهجن في مجاله الفني وأتكلم هنا عن السينما والتلفزيون، فأصبح لأصحاب الوزن الزائد من الممثلين أدوارا طبيعية مهمة سواء في الدراما أو الكوميديا، بل منهم من حصل على جوائز مهمة كأوكتافيا سبنسر الفائزة بجائزة أوسكار وجائزة الغولدن غلوب وعملت في العشرات من الأعمال المختلفة، أو كريسى ميتز، ومن منا لا يعرف ريبيل ويلسون أو ميليسا مكارثي صحيح أنهما يقومان بأدوار كوميدية لكنها أدوار بطولة محترمة، فمتى سنرى لدينا صاحب بشرة داكنة أو وزن زائد كممثل لا كأكسسوار وأداة للسخرية فقط؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *