منوعات

بويخف يكتب: بل ليستمر “البام”.. ولكن!

ردد كثير من قادة حزب العدالة والتنمية طلبهم لحزب الأصالة والمعاصرة بأن يحل نفسه بنفسه، وضمن من طلب بهذا القرار الأمين لحزب المصباح، وكذلك رئيس مجلسه الوطني، وهذا الأخير كرر هذا الطلب في حواره اليوم الخميس 27 أكتوبر مع يومية المساء، حيث أكد أن “البام فشل في القيام بالدور الذي ادعى أنه جاء من أجله لممارسة السياسة، وما دام أنه فشل فعليه أن يحل نفسه”. وهذا الخطاب رغم ما قد يظهره من شجاعة سياسية تذهب حد الوقوع في شبهة اللاديمقراطية فإنها تعبر عن خطأ في المقاربة. كيف ذلك؟

لا يختلف اثنان حول أن “البام” إنتاج سياسي لجهات تسعى إلى تحقيق مقاصدها السياسية من ورائه، وإذا فشل “البام” في تحقيق تلك المقاصد فالمنطقي هو أن نطالب تلك الجهات بالاختيار بين أن ترفع يدها عن حزب الجرار ليعيش مصيره السياسي اعتمادا على قدراته الذاتية في التنافس السياسي، وبين أن تسعى تلك الجهات إلى حل هذا الحزب بما تراه من وسائل. ومطالبة حزب الجرار بحل نفسه تحجب تلك الحقيقة، وتتعامل مع حزب الجرار كأنه يملك قرار حل نفسه وهو لم يملك قرار تأسيس نفسه، وكأنه تأسس وفق إرادة مواطنين أحرار وليس في إطار مشروع سياسي استئصالي هو أداته الحزبية.

ولا يخفى على أي مواطن مغربي اليوم أن من يقف وراء “البام”، هو نفسه من وقف وراء نسخه الأصلية في السابق، لعل أبرزها هو حزب “الفديك” المشهور، ولم يحدث أن حل حزب من الأحزاب المصنوعة في تاريخ المغرب نفسه فيما نعلم، بل يتم الاحتفاظ بها لتلعب أدوارا سياسية داعمة لبديل حزبي جديد، و تعزيز تعددية حزبية شكلية! لذلك فالمراهنة على حل حزب الجرار، بنفسه أو بصانعيه، مراهنة أقل ما يمكن أن توصف به أنها مستبعدة في مغرب ما يزال رهين إرث سياسي ثقيل في تدبير المشهد الحزبي والحقل السياسي والمسألة الديمقراطية.

إنه إذا كان حزب “البام” قد استنفذ أغراضه، وأنه قد فشل في تحقيق الأهداف التي صنع من أجل بلوغها، رغم الكلفة السياسية الكبيرة التي كلفها المغرب، فالمتوقع، حسب الأعراف السلطوية المستمرة مع الأسف الشديد، أن ينشط من جديد صناع الخريطة الحزبية المتحكم فيها في إبداع صيغ أخرى للاستمرار في التحكم في المشهد السياسي. لذلك فالذي ينبغي التوجه إليه رأسا هو هؤلاء “الصناع”، ويقال لهم كفى! كفى من التحكم في المشهد السياسي، كفى من الإضرار بالوطن، كفى من التخفي وراء أحزاب الواجهة لحماية المصالح ضدا على القانون، وضدا على إرادة المواطنين، وضدا على مصلحة الدولة وتطلعات الشعب المغرب.

لقد كان منطقيا أن يقطع المغرب مع منطق التحكم في المشهد السياسي بعد اعتماد دستوره الجديد، غير أن ذلك لم يتم، واستمر بذله الرهان على حزب التحكم، واليوم وبعد أن احترقت ورقة “البام” التحكمية على ضوء الفشل في تحقيق أهدافها، آن الأوان أن يكف صناع التحكم في المشهد الحزبي عن “عادتهم القديمة” وأن لا يسعوا إلى مشروع تحكمي جديد في الشأن الحزبي، سواء بإنتاج حزب جديد أو بإعادة هيكلة قصرية للمشهد القائم بما يضمن التحكم فيه. وفي هذا السياق، وعكس ما يطالب به قادة حزب المصباح، على هؤلاء الصناع أن يتركوا حزب “البام” ليواجه مصيره السياسي على محك التنافس الديمقراطي النزيه، ويعيش قدر ما في عمره الطبيعي، ويجني قدر جهده الطبيعي، أو يموت تحت وطء ما يحمله من تناقضات وعوامل عدم الاستمرار بعد فطمه. وهذا المطلب ينبغي أن يكون من أولويات الإصلاح السياسي في المرحلة الجديدة، فهل نتقدم؟