وجهة نظر

ضريبة تصحيح الباكلوريا.. زيادة المهام وهزالة التعويضات

تداولت مؤخرا وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي قرار الحكومة بالرفع من نسبة الضريبة المفروضة على التعويض، الهزيل أصلا، المخصص لعملية تصحيح امتحانات الباكلوريا ، والذي لا يتجاوز أربعة دراهم عن كل مترشح، شاملة الضريبة التي تبلغ نسبتها حوالي 17 ٪ من هذا المبلغ، والتي انتقلت الى 30 ٪.

زيادة نسبة الضريبة على تعويضات التصحيح التي جاء بها قانون المالية الأخير تأتي في سياق سياسة حكومة الباطرونا الحالية التي تكيل بمكيالين، حيث قررت تخفيض نسبة الضرائب على الشركات الكبرى المتغولة في الاقتصاد الوطني، بينما تم الرفع من نسب الضرائب على الشركات الصغيرة ذات المداخيل وأرقام المعاملات المحدودة، إضافة إلى المأجورين الذين تفوق ضرائب الدخل المفروضة عليهم ما يستخلص من أرباح شركات الريع.

تأتي هذه الزيادة غير المشروعة في وقت يكتوي فيه المغاربة بلهيب الأسعار الخيالية التي بلغتها المواد الغذائية بكل أنواعها، وهو ما يعني زيادة الضغط على الطبقة المتوسطة، ويعكس كذلك طريقة التدبير التي تنهجها هذه الحكومة في تجاهل المصادر الحقيقية والكبيرة لموارد خزينة الدولة، المتمثلة في الأرباح الخيالية للشركات المعلومة، بينما يتم التضييق على فئات مهنية واجتماعية بعينها، في وقت يواجه المغاربة صعوبات ومشاكل اقتصادية واجتماعية جمة.

بقيت قيمة التعويضات هذه المؤداة عن تصحيح امتحانات الباكلوريا جامدة منذ عقود، ولم تعرف أي حلحلة أو زيادة، على الرغم من أن عملية تصحيح الباكلوريا تشكل مرحلة هامة ومهمة مفصلية في هذا الاستحقاق الوطني، بحيث يتم من خلالها تقييم إنجازات المتعلمين واستخلاصها على شكل نقط ومعدلات محددة. وفي نفس الوقت تشكل تتويجا لمسار عملية الامتحانات بأكملها ورأس الهرم في مسلسل نهاية التعليم المدرسي برمته.

كما أن هذه الزيادة تأتي بعد بضع سنوات من إضافة مهمة جديدة للأساتذة أعضاء لجن التصحيح، والمتمثلة في عملية مسك النقط عبر منظومة مسار، وهي العملية التي كانت تكلف الأكاديميات والوزارة الكثير من التكاليف المادية على شكل تعويضات لطواقم الأكاديميات الساهرين على مسك ومراجعة النقط والأوراق، وبالمقابل فإن قيام الأساتذة بمسك نقط المرشحين بعد تصحيح الامتحان، قد وفر على الجهات المشرفة على الامتحانات الكثير من الجهد و الأموال، والأهم من ذلك وفر الكثير من الوقت، علاوة على ضمان الجودة في عملية مسك النقط وسرعة الأداء ، وهو ما ظهر جليا في السنوات الأخيرة من خلال ان الوزارة أصبحت تعلن عن نتائج الباكلوريا قبل المواعيد المقررة لذلك بيوم او يومين ، وهذا كله يحسب لصالح الأساتذة.

ويبقى من المفيد الإشارة إلى أن عملية التصحيح تمر في غالب الأحيان في ظروف غير مناسبة، فلا المراكز المخصصة للتصحيح تناسب العمل المضني الذي يستغرق الساعات الطوال من التركيز والتدقيق من طرف الأساتذة المصححين ( المرافق الصحية، أماكن الإستراحة … ), ولا القاعات المعدة ملائمة من حيث الإنارة والطاولات ونظافة المكان وغيرها من الظروف التي تحتاجها هذه العملية.

وهذا الجانب هو الذي كان يفترض أن يثير انتباه الوزارة الوصية ويجلب اهتمامها وتحركها بما يناسب من الإجراءات و التدابير.

إن الرفع من نسبة الضريبة المفروضة على تعويضات التصحيح في هذا الظرف، لا يمكن ان يجد له من تفسير سوى نية الحكومة في زيادة الضغط والتضييق على الفئات المتوسطة، بدل تقديم التحفيزات الكافية والفعالة لتطوير المنظومة التربوية وزيادة مردوديتها وفعاليتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • حميد
    منذ 11 شهر

    في العديد من الأحيان، يقوم رئيس مركز التصحيح (مدير اعدادية او ثانوية) بإغلاق جناح من أحد جناحي المرافق الصحية ليترك الأساتذة المصححين، ذكورا وإناثا، يضطرون لقضاء حاجاتهم وللوضوء في جناح واحد معفن. وقد يوجد في المدينة التي يشتغلون فيها مركز إجتماعي-ثقافي مريح، لكنه يبقى محرم الاستعمال على إيواء مثل هذه المهام المتعلقة بالتعليم!!!