سياسة

جريمة السعيدية.. “العمق” تسلط الضوء على خرق الجزائر لاتفاقيات أممية

الجزائر تقدم رابع ضحايا رصاص العسكر بالسعيدية للعدالة وفرنسا تدخل على الخط

لا تزال تداعيات إطلاق الجيش الجزائري الرصاص على سياح مغاربة على الحدود البحرية قرب السعيدية، ومقتل شابين واعتقال آخر، تخيم على الأخبار الدولية، سيما بعد اعتراف الجانب الجزائري بإطلاقه الرصاص.

وتسلط ا”لعمق” في مقالها هذا الضوء على الواقعة التي أثارت نقاشا وردود فعل قوية واستنكارات حقوقية، وتساؤلات عدة حول الجانب القانوني للواقعة.

ففي الوقت الذي بررت وزارة الدفاع الجزائرية إقدام خفر السواحل على قتل شابين بسبب زعمها دخولهم مياهها الإقليمية بواسطة “جيتسكي”، إلا أن حقوقيون ورجال قانون يرون أن الجزائر ارتكبت أخطاء قانونية في التعامل مع دراجات مائية تائهة بمياهها الإقليمية، وانتهكت المعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار.

خرق قانون البحار

من ضمن هذه المعايير التي لم تحترمها خفر سواحل الجزائر، خرق اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالبحار والمسماة “قانون البحار” المعتمدة في 10 دجنبر 1982، تحديدا المادة 98 التي تنص بشكل صريح على واجب تقديم المساعدة.

وتنص هذه المادة على أنها “تطالب كل دولة ربان السفينة التي ترفع علمها، بأن يقوم، قدر وسعه دون تعريض السفينة أو طاقمها أو ركابها لخطر جدي، بما يلي: (أ) تقديم المساعدة لأي شخص وجد في البحار معرضا لخطر الضياع؛ (ب) التوجه بكل ما يمكن من السرعة لإنقاذ أي أشخاص في حالة استغاثة إذا أخطر بحاجتهم إلى المساعدة وفي حدود ما يكون هذا العمل متوقعا منه بصورة معقولة؛ (ج) تقديم المساعدة، بعد حدوث مصادمة، للسفينة الأخرى ولطاقمها وركابها وحيثما كان ذلك ممكنا، إعلام السفينة الأخرى باسم سفينته وبميناء تسجيلها وبأقرب ميناء ستتوجه إليه.”

ففي حالة الشبان الأربعة الذين تاهوا في عرض البحر بعد نفاذ الوقود على مقربة من المياه الاقليمية الجزائرية، والذين ساهمت الرياح في دخولهم الجانب الجزائري، لم يكن بإمكانهم الاطلاع على إحداثيات البحر، وتحديد ما يصطلح عليه “مياه إقليمية”، والتي تعرفها المواد من 3 إلى 8 من قانون البحار، في الوقت الذي كان الجيش الجزائري على علم بذلك، بينما لم يتسَنَّ ذلك للسياح المغاربة والفرنسيين في غياب أي إشارات حدودية تفيد بتجاوز خط التماس.

حق المطاردة

تجيز المادة 111 من قانون البحار، “القيام بمطاردة سفينة أجنبية مطاردة حثيثة عندما يكون لدى السلطات المختصة للدولة الساحلية أسباب وجيهة للاعتقاد بشأن السفينة انتهكت قوانين وأنظمة تلك الدولة، ويجب أن تبدأ هذه المطاردة عندما تكون السفينة الأجنبية أو أحد زوارقها داخل المياه الداخلية أو المياه الأرخبيلية أو البحر الإقليمي أو المنطقة المتاخمة للدولة القائمة بالمطاردة، ولا يجوز مواصلة المطاردة خارج البحر الإقليمي أو المنطقة المتاخمة إلا إذا كانت المطاردة لم تنقطع، . ولا يجوز بدء المطاردة إلا بعد إعطاء إشارة ضوئية أو صوتية بالتوقف من مسافة تستطيع معها السفينة الأجنبية أن ترى الإشارة أو تسمعها”.

لكن لم تشر المادة 111 ولا أي مادة متعلقة بالمطاردة في قانون البحار، إلى استخدام السلاح مباشرة، وقصف ركاب السفينة أو أي وسيلة نقل بحرية، باستخدام الرصاص الحي، كما أن المادة 141 من القانون ذاته، تتعارض مع ما أقدم عليه الجيش الجزائري والذي أطلق الرصاص من مسافة الصفر، بنصها على استخدام المنطقة للأغراض السلمية دون غيرها،

خرق “اتفاقية سولاس”

الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار لعام 1974، تنص على ضرورة تقديم ربان السفينة المبحرة المساعدة، بحيث يتحتم على “ربان السفينة المبحرة والتي تستطيع أن تمد يد المساعدة عند استقبال معلومات من أي مصدر بوجود أشخاص مكروبين، أن يتوجه بأقصى سرعة لمساعدتهم، مبلغا إياهم أو خدمة البحث والإنقاذ بذلك…”.

إلا أنه وحسب رواية الناجي الوحيد من الحادث في تصريحه لجريدة “العمق”، لم يحدث ذلك، بل قابلهم الجيش الجزائري بمحاولة قلب دراجتهم البحرية “جيتسكي” مرات عدة رغم امتثال الضحايا وعدم امتلاكهم لأسلحة أو حتى وقود للهروب.

إبتزاز وارتباك

بدت السلطات الجزائرية أمام ارتباك كبير في التعامل مع الواقعة، أمام اهتمام المجتمع الدولي، فتأخرت الجهات الرسمية في إصدار بيان توضيحي حول النازلة، إلى أن خرجت وزارة الدفاع أول أمس لتبرير ماقام به الجزائر وتأكيد احتفاظها بجثمان شاب قامت باسترجاع جثته في اليوم الموالي، كما تحفظ البلاغ عن الحديث عن اعتقال مواطن آخر يحمل الجنسية الفرنسية، قالت عنه فرنسا أنه محتجز لدى الجزائر.

وتهربت الجزائر من فتح تحقيق لتحديد ظروف وملابسات القضية التي هزت الرأي العام الدولي، كما هو معمول به في مثل أي قضية تتعلق بأرواح بشرية، بل وظلت لحدود الساعة تتماطل في تسليم جثة أحد الضحايا، وتسليم المعتقل لديها، وتطالب بـ”بفدية” قدرها 40 مليون سنتيم (36 ألف يورو)، ومطالبتها عائلة الضحايا بإبراء ذمة جيشها بتوقيع وثيقة تقر بتعرض هؤلاء الشبان لحادث غرق طبيعي، وإخلاء مسؤولية الجيش في ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غزاوي
    منذ 8 أشهر

    "خرق الإتفاقية والقوانين" مكانها المحاكم وليس المواقع والإعلام. نفس الأوصاف قيلت عن طرد المغربيين سنة 1975، وطرد مزارعي العرجة سنة 2021، واستغلال الجزائر لمنجم غار جبيلات سنة 2023 وضد أديداس سنة 2022 وإهانة حفيظ دراجي للمغربيات واتهام عبد القادر مساهل للبنوك والخطوط الملكية بالاستثمار في نقل المخدرات وتبييض الأموال سنة 2017. وكل ما قيل مجرد مضيعة للوقت وتبذير للحبر. شتان بين من يتخذ القرارات وبين من يمد يده ويُجعجع عليها.