خارج الحدود، سياسة

“غزو فكري وقفزة في بحر”.. أكاديمي يعدد هفوات تطبيع الدول العربية مع إسرائيل

قال أستاذ تسوية الصراعات الدولية، بجامعة “جورج ميسن”  المغربي محمد الشرقاوي، إن التطبيع بصيغة “السلام مقابل السلام” الذي قامت به أربع عواصم  “يميل أكثر إلى ما هو  ثقافي بمعنى الغزو الفكري والإعلامي وتغيير أنظمة التعليم وأنظمة التربية وإيجاد منظومات جديدة تغير من واقع هذه الشعوب”.

وأضاف الشرقاوي، في جلسة حوارية على منصة “clubhouse” أن “القراءة العربية للتطبيع كان عليها أن تصحو بشكل حقيقي للتدقيق في صيغة التطبيع المبني على فرضية “السلام مقابل السلام”، معتبرا إياها فرضية جوفاء لا تقدم شيء ولا منفعة  كتبادل برتقالة ببرتقالة.

وشدد على أن اتفاقيات التطبيع انغمست بجموح من حيث لا تدري في مقولة السلام مقابل السلام، وهو  أمر يتعارض مع المغزى التاريخي الطويل للمعاهدات التي تقوم وتطول، مشيرا إلى أن هناك فرق بين الاتفاقات من جهة والمعاهدات التي تقوم بها الدول التي تحترم نفسها وشعوبها ومصالحها، والتي تجاوزها التطبيع  الذي كان بمثابة قفز إلى البحر دون التفكير في هل سنصطاد ام سيتم اصطيادنا من قبل القرش.

كما اعتقدت عواصم التطبيع وفق المتحدث أن زمن القومية وزمن الهوية الشاملة قد انتهى وأن الحقبة الراهنة هي عصر المصالح الوطنية وليست القومية، من هنا استمد البعض مقولة “تازة قبل غزة”، وتصور البعص أن النفور من القومية والهوية العربية الشاملتين يسهل أيضا عملية مكافحة التيار الإسلامي.

وأوضح المتحدث أن دول التطبيع الأربع “انطلقت من قراءة منقوصة ومن جانب واحد لأنها عولت على قوة إسرائيل خاصة في مجال الدفاع والاستخبارات ، وفي إمكانية الاستثمار في نفوذ اللولبيات الإسرائيلية في كل من أوروبا وأمريكا الشمالية معتقدة وقتها أن العلاقات العربية مع أوروبا والولايات المتحدة الامريكية تمر عبر تل أبيب”.

وكمحصلة نهائية لقراءة مسار التطبيع قال “إنه مبني على ميزان غير متكافئ بين الطرفين انعكس في مفارقة اكتسبت شرعيتها في المنطقة من بوابة الاستثمار العربي فيما اعتُقد أنه قوة ناعمة” مشيرا إلى الازدياد الملحوظ لشرعية التطبيع بازدياد القنوات والمنابر والصحف والأحزاب السياسية التي أصبحت تتبنى خطاب التطبيع على أنه نموذج وحيد وليس هناك أي خيار استراتيجي آخر.

وكشف على أن استراتيجية إسرائيل في التطبيع ظلت متمسكة باستخدام ثنائية تتمثل في كونها، دائما مستعدة للقوة الخشنة كما يحدث في غزة الآن وما حدث قبلها، وتلوح أيضا بالقوة الناعمة والدبلوماسية وبحوار الأديان  وبالتعايش وبكل هاته الجماليات العاطفية التي تحمله القوة الناعمة في ثناياها.

في المقابل أوضح أن العواصم العربية المطبعة ليس لديها قوة خشنة، فـ “عهدت إلى وضع كل بيضها في سلة القوة الناعمة من خلال التبشير بعهد التطبيع الجديد وكأن هذا التطبيع سيكون حقبة الخلاص السياسي والاقتصادي والتنموي والسياسي، معتبرة أنها قرأت أن التطبيع سيساعدها في صقل قوتها الناعمة”، مشيرا أنه لوحظ بعض الحوافز التي تضع المساحيق على وجه ناتنياهو ووزراء الخارجية والدبلوماسيين الإسرائيليين الذين بعثوا للعواصم العربية.

العواصم العربية أيضا “في مراهناتها على التطبيع، رأت أن الصراع العربي الإيراني على أنه حتمية تاريخية سرمدية إلى يوم يبعثون، وبالتالي كل ما تم استقبل التطبيع كلما ارتفع حضور هذا العداء سواء كان واقعيا أو متخيلا إزاء إيران، وتناست أن المحرك الدائم بين الدول هو تقارب أو تباعد المصالح وليست وجود سياسة عداء جامد.

الدول العربية، حسب الشرقاوي اتجهت إلى محاولة تجاهل ما كانت تعتقد أنه تهديد من قبل إسرائيل بوجدها ككيان غير طابعي ووجود شعب إسمه فلسطين، وأنها بدل من ذلك أصبحت هاته العواصم تريد المزيد من التعاون وأصبح هناك تطبيع داخل التطبيع بمعنى أن هاته العواصم أصبحت تبتهل وتترنم وتتغنى أن هذا التطبيع سيأتي بالخيرات.

“المصالح الأمنية والاستخباراتية عامل آخر زاد في الانزلاق نحو مسار التطبيع، خصوصا أن جلها كانت تسعى لتسهيل عملية الحصول على الأسلحة إما من إسرائيل أو من الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن بعض هاته الدول استفادت أكثر من غيرها من منظومة التجسس بيكاسوس”، يضيف الشرقاوي.

وأشار أنه في مقابل هذا العامل استفاد الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير على مستوى هذه التجارة سواء على مستوى المسيرات أو على مستوى الذخيرة العسكرية وبعض الأجهزة لتحسين القدرة على استهداف مرامي العمليات والتحليق على مستو الجو، الجاني الأمني والاستخباراتي كان مطلوبا لدى الدول العربية ومربحا لإسرائيل.

وأشار إلى أنه ليس هناك ما يجمع العواصم الأربع أبوظبي والمنامة والخرطوم والرباط في متابعة مسيرة هذا القطار، مضيفا أنه بل  ربما تحول إلى أربع عربات وكل عربات تتجه في اتجاه شارد لا يجمعه شيء في السياق الأول، وإن كانت قد انطلقت من نفس المحطة فلا يبدو أنها تتحرك نحو نفس الوجهة أو المحطة النهائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • طه عبالله أحمد
    منذ 6 أشهر

    الله ينصر أهل غزة وكل النقاومة الفلسطينية .وكل المقاومين كانوا في فلسطين او في لبنان او في العراق او في سوريا او في ايران او اليمن .الله ينصرهم نصرا على اسرائيل وامريكا وبريطانيا وفرنسا وكل من يساندهم.امريكا واسرائيل هم محتلون والحرب على الاسلام هي حرب صليبية بأمتياز .لاستعمار الوطن العربي ونهب ثرواته.وحروب الربيع العربي هي بتخطيطهم ودعمهم ودعم عملائهم امريكا هي الارهاب وهي مصدرة الاهاب.والعالم العربي واعي لاهدافها.سرحل هي واسرائيل من الوطن العربي قريبا.ولن يكون هناك محتل عسكري او مدني في اراضينا.الموت لأمريكا واسرائيل وبريطانيا وفرنسا ...اعدائنا واضحين وضوح الشمس لا فرق بين سني وشيعي.كلنا مسلمون ومتعايشون مع بعضنا مهما فتنتم وغذيتم الصراعات فلن تنجحوا